تايم نيوز أوروبا بالعربي أخبار عالمية وعربية
مقالات مشابهة
التعنت في المفاوضات، ومهما كان الحق واضحاً؛ ليس أبداً دليل قوة، بل هو «ضعف» يتستر بمظهر القوة؛ وينبغي ألا تلجأ إليه دولة تشعر بمسئوليتها نحو العالم بأكمله! كان هذا، وباختصار؛ هو «الدرس» الذي أعطته مصر مؤخراً، لكل دول العالم؛ بل ولم تمر عليه غير ساعات قليلة حتى الآن؛ وستظهر نتائجه الإيجابية خلال الساعات «الأقل» القادمة!!
تايم نيوز أوروبا بالعربي تقرير: عباس الصهبي
نجحت الديبلوماسية المصرية مجدداً في إنهاء أصعب المفاوضات، وخلال فترة تعتبر قصيرة «جداً» في عمر أي مفاوضات في الدنيا، وبكل هذا التعقيد المتشابك، والمشتبك؛ والمتعلق بمصير قضية في حجم هذا الملف؛ للتعويضات المستحقة لمصر عن جنوح السفينة العملاقة «إيڤر جيڤن»، والتي جنحت يوم الثالث والعشرين من مارس/ آذار الماضي، وأقامت الدنيا ولم تقعدها إلى الآن؛ بسبب جنوحها بقناة السويس في واحد من أصعب التحديات الهائلة، لم تعرف القناة المصرية مثيلاً له، ومنذ ما يزيد على150 عاماً ب«عامين» اثنين، مرت على افتتاحها، ومنذ عام 1869، حتى الآن.
إرتياح عالمي
وكانت هيئة قناة السويس، وعلى لسان رئيسها الفريق أسامة ربيع؛ قد أعلنت ليلة الأربعاء الماضي، وعبر مداخلة هاتفية أجراها رئيس هيئة القناة مع إحدى القنوات التليفزيونية المصرية؛ أنه قد أمكن التوصل إلى «اتفاق مبدئي» يرضي جميع الأطراف يتعلق بالسفينة «إيڤر جيڤن»، وأنه قد تمت دراسة هذا الحل على أيدي خبراء متخصصين مصريين، وعلى مدى 12 يوماً؛ وبما لا يؤدي للعودة مرة أخرى إلى المحكمة.
وقد أكد أن هذا الاتفاق تم التوصل إليه من خلال اجتماعات مكثفة تمت بين لجنة التفاوض لقناة السويس ولجان تمثل شركة التأمين على السفينة، وملاك السفينة؛ وبما يحافظ على مصالح كل الأطراف. وما زالت هيئة قناة السويس تتحفظ حتى الآن على سفينة الحاويات الضخمة طولاً (400 متر) ووزناً (حمولتها أكثر من 2000 طن)، والتي كانت قد جنحت عند المدخل الجنوبي لقناة السويس، مما تسبب في حينه بعرقلة الحركة الملاحية بالقناة، وعلى مدى 6 أيام شهدت جهوداً جبارة من الهيئة، لزحزحة السفينة الضخمة الجانحة، حتى تم نجاح جهودها في مواجهة التحدي الهائل وسط دهشة كل عيون العالم من متابعي النجاح في زحزحة السفينة عبر مانقلته وكالات الأنباء العالمية وقنوات التلفزة من خلال رصد الأقمار الصناعية لهذا الحدث العالمي لحظة بلحظة، والذي لو كان استمر دون حل، لا قدر الله؛ لأدًى إلى أضرار جسيمة بالتجارة العالمية، قدّرها الخبراء الدوليون في ذلك الوقت؛ بما لا يقل عن 12.5٪!
التسوية النهائية خلال ساعات
وقد توقع الفريق ربيع أن يتم في منتصف الأسبوع الحالي؛ أي خلال الساعات القليلة القادمة؛ إعلان التسوية النهائية بين هيئة القناة، وملاك السفينة، وشركة التأمين؛ وبمجرد أن يتم وضع اللمسات الأخيرة على هذا «الاتفاق المبدئي»، والذي مازالت بنوده سرية، وحتى هذه اللحظة، وإلى أن يتم توقيع كافة الأطراف بالموافقة عليه. ومع أنه لم يتم حتى الآن الإعلان عن قيمة «مبلغ التعويضات»؛ إلا أن رئيس الهيئة، وإن لم يشأ الآعلان بـ «الأرقام» عنه، حتى يتم توقيع اتفاق التسوية النهائية؛ قد أكد أن مبلغ التعويضات سيكون قريباً من مبلغ التعويص الذي سبق وأن طالبت به الهيئة.
وكانت هيئة قناة السويس قد سبق وأن أعلنت عن تخفيض مبلغ التعويضات عن الأضرار التي لحقت بها بسبب جنوح السفينة واستنقاذها عبر 6 أيام من العمل المتواصل والشاق جداً، وعلى مدار ال24 ساعة يومياً؛ حيث تم تخفيض المطالبات التعويضية من«916» مليون دولار إلى «550» مليون دولار.
تجدر الإشارة هنا إلى أن الدائرة الأولى بالمحكمة الابتدائية بالإسماعيلية، والتي كانت قد نظرت قضية التعويضات؛ قررت في وقت سابق تأجيل النظر في قرار الحجز التحفظي على السفينة الضخمة، وبما عليها من حمولة هائلة؛ لصالح هيئة قناة السويس.
ويرى كثيرون من المراقبين العالميين والمحللين السياسيين أن مجرد التوصل لاتفاق تسوية مبدئي في هذا الملف، الملتف؛ بعيداً عن المحاكم، وبرضى وقبول من جميع الأطراف؛ إنما هو نجاح، وبامتياز؛ للديبلوماسية المصرية في عهد السياسة المصرية الجديدة، والقادرة فيما بدا، وبأكثر من تحدٍ حقيقي واجهته في السنوات الأخيرة؛ حيث أثبتت فعاليتها وقدرتها على التفاوض البنَّاء والإيجابي لحلحلة كل ما تواجهه من تحديات؛ كما نجحت في إثبات «ثبات رؤيتها» لأهمية الحفاظ على السلام العالمي فوق كل الاعتبارات الدولية، وتأكيد رغبتها الحقيقية في السعي وراء تحقيق السلام العادل والازدهار الممتد من منطقتها العربية الأفريقية، وبؤرتها الشرق أوسطية؛ إلى جميع أنحاء العالم.
