القائمة

مسافات | مقالة للكاتب سعيد السبكي تفوز فى مُسابقة اتحاد القيصر للآداب

غرفة الأخبار 5 أشهر مضت 0 6.7 ألف

كتبت | هبه الابياري
في رحلة أنشطة ثقافية مُستمرة واصل اتحاد القيصر رسالته الأدبية فبعد كل من مسابقة ( الخاطرة –   القصة القصيرة )  جاءت مسابقة المقالة الأدبية الدولية التي عقدت في الفترة بين  21 أبريل الماضي وحتى أول شهر مايو الجاري  2024م التي شارك فيها الكُتَّاب من ثلاثة عشرة دولة عربية وهي : “الأرْدُنّ، سورية، فلسطين، مصر، ليبيا، الجزائر، اليمن، المغرب، سلطنة عُمان، السعودية، العراق، السودان ” إضافة للملكة الهولندية التي مثلها الكاتب الصحفي الأديب سعيد السبكي بمقالة أدبية جمعت في محتواها عناصر اجتماعية وسيكولوجية تحت عنوان مسافات، جسدت مقارنة واقعية بين مساحات الحرية في الشرق والغرب، انتهت برؤية الكاتب في احترام ثقافات الشعوب.

، وقد بلغَ عدد المشاركين من الدول ١٤٢ مشاركا تم قبول ٩١ مشاركة مما انطبقت عليها شروط المسابقة ودخلت في التصفيات النهائية وخضعت للتحكيم من قبل لجنة من الكُتَّاب المختصين برئاسة رئيس القيصر الأديب رائد العمري والأديب حسن أبو قطيش من الأرْدُنّ، والأديبة د. نجيمة الرضواني من المغرب، والأديبة د. ميسم الشمري من سورية، والأديبة فاطمة الغامدي من السعودية.

فازت مقالة مسافات للأديب سعيد السبكي بالمركز العاشر مع الكُتَّاب :مهند وديع محمد / السودان، شقراء أحمد محمد حدادي /اليمن، محمد عبد الله جبران و هند إبراهيم السعوي / السعودية .

مقالة مسافات بقلم | سعيد السبكي 

من الصحي أن يكون للتنفس الجيد مسافة بينك وبين الآخر، وله أيضًا فوائد على حالات التوازن الذهني والجسدي والعاطفي، ليس فقط بسبب استنشاق الأكسجين النظيف وجلبه إلى خلاياك، لكن للتنفس السليم كثير من المزايا منها تحسين أداء الجهاز الهضمي للإنسان فهو يقضي على السموم داخل الجسم، فلابد من التنفس في فضاء معقول دون ازدحام، منعا للتعرض لضغوط من أي نوع، لذلك المسافة ضروروية.

ولكن رؤية الثقافة الغربية لإقتراب المسافات تختلف عن وجهات نظر معظم الثقافات العربية المتنوعة سواء فى المغرب أو المشرق، فهي – المسافات – عند أهل الشرق حميمية تتسم بالعاطفة وحرارة المشاعر وحُسن تقدير الآخر، بل قد تتعدى تلك المفاهيم وتأخذ أبعاد أخرى مثل التعبير عن الكرم وحُسن الاستقبال.

أما في الغرب الأوروبي فالأمر مُختلف وقد يصل الى نقيض الشرق العربي تماما، فرؤيتهم ان لجعل مسافة بينك وبين الآخر هي نوع من تقدير واحترام حُرية الإنسان لشريكه في المواطنه، أو حتى الضيف الغير مُقيم، وترك المسافات فيما بينهمحق مكفول للتصرف بحرية دون ضغوط، لكى تختار بإرادتك ماتريد وترفض مالا ترغب، فلا أحد منهم يفرض عليك ما تأكل أو تشرب أو في أي مكان يجب أن تنام.

وأنت ترتاد محلات التسوق في كثير من الدول الأوروبية الغربية لا يأتيك البائع ليعرض عليك خدماته بغية تحفيز شهوتك للشراء، يتركك بمسافة تتفرس فى نوعية الملابس من ألوان ومقاسات وموديلات، وقد لا يأتيك الا بناء على طلبك يجيبك على استفساراتك دون ضغوط أو ترجيح لون على آخر، فهو أو هي يستحسن اختياراتك ويثني عليها دون مبالغة.

الأمر يختلف في الشرق حينما تدخل الى مكان للتسوق غالبا تجد البائع أو البائعة وكأنهم فى حالة تربص لإصطياد فريسة ثمينه، وسرعان ما تتقلص المسافات ويتطوع البائع فى سؤالك عن ماذا تبحث؟ . . وفيما إذا كان يقدم لك ما تفتش عنه، ويتعدى الأمر فى عرض مواهبه البيعية لامطارك بحكاية هنا واخرى هناك عن الجودة وربما الأسعار، لدرجة ان تلك الضغوط قد تدفع الراغب فى الشراء للعزوف، وربما تربكه لدرجة تجعل أفكاره تتبخر وينسى خطته الشرائية.

وأنت فى المواصلات العامة سواء في قطار أو ترام أو مترو لا أحد في أوروبا ينظر إلى صفحة الكتاب الذى تقرأه او الى شاشة هاتفك المحمول، أما في معظم البلاد الشرقية فان نظرة الناس وفهمهم لانتهاك الخصوصية ومعانيها يختلف، فقد تكون جالس على كرسي بالمترو تطالع جوالك الخلوي وتجد شخص آخر يتابع خلسة بعيونه ماتفعله ويتفاعل مع شاشتك لدرجة انه من الممكن أن يضحك على مشهد فى فيلم تتابعه أو شريط فيديو، ولو نظر ثالث لذلك المشهد يرى تعبيرات وجهه تنشط مما يراه خلسة.

حتى حينما تستقل سيارة تاكسي أنت وصديق أو حتى مع زوجتك فى كثير من البلاد العربية لا يتوانى السائق عن الاشتراك معك في حديث، بعد أن يكون قد تابعك من خلال المرآة، ولا تستغرب حينما يبدى رأيه ويتدخل فيما لا يعنيه مانحا نفسه مسافة حسية قريبة مُزعجة.

الأمر في الغرب الأوروبي غير ذلك فلا أحد يتطوع بالاشتراك معك  في حديث دون إذنك وبرغبة واضحة منك.

حتى الآباء أو الرعاة للأولاد داخل الأسرة الأوروبية يتركوا مسافات صحية للأبناء، فلا تجد الأب المهندس يضغط على ابنه كي يدرس الهندسة مثله، ولا الأم الطبيبة تسعى لأن تكون ابنته دكتورة في ذات المجال.

الأمر عندنا في الشرق مختلف فكثير من الآباء يكون لهم مساعي ضاغطة بقرب المسافة على الأبناء لفرض نوع من الدراسة ” ليست التي يريدها الإبن أو الإبنة ” بل التي يرغب فيها الأب أو التي تحبها الأم.

في الغرب هم سُعداء بما لديهم من ثقافة بُعد المسافات فهي بالنسبة لهُم تقديس للحُريات، ونحن في الشرق نعيش حالة من الرضا للاقتراب نراها غير ذلك.

لهم مسافاتهم ولنا مسافاتنا . . وتبقى المسافات بيننا وبينهم.

كتب بواسطة

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

اترك تعليق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *