غريب

غريبٌ أنت اليوم حين لا تجد رفيقًا تبثُّ إليه هُمومًا تُثقِل كاهلَيك، وتلقي إليه ببعض خفايا نفسك المتعَبة بغير وجلٍ من تجريح أو اتهام أو نشْر للخبايا.

تايم نيوز أوروبا بالعربي|شوقي سراج الدين

غريبٌ أنت اليوم وأنت تَشهدهم يسعون ويتدافَعون، وأنت مُحاصَر سجين لا تستطيع حركة ولا تغدو في سعي حثيث.

غريبٌ أنت اليوم وفى ذاكرتك ألف خائن وأحمق ومتخاذِل، وليس إلا عشرات من صادقين متفرقين!

غريب أنت اليوم ورحلتك أوشكت على الانتهاء، ولمّا تقضِ غرضَك بعدُ، وهم يبتدئون الرحلة وقد أنهوا كثيرًا من أغراضهم.

غريب أنت اليوم وأنت تراهم قد بذلوا أعمارهم ومواهبهم في مخادعة أنفسهم، يظنون أنهم يحسنون صنعًا، ولا تملك من القوة والبأس والأثر ما تردُّهم وتُبيِّن لهم ما وقعوا فيه.

غريب أنت اليوم وأنت تشهد ما بنَيته يومًا بجهدكَ يَتداعى تحت طرقات مَعاوِلهم المتتابعة، وليس ثَم من يسمع أو يتراجع.

غريب أنت اليوم وأنت تراهم يرتفعون بعدما حملتَهم، ثم هم اليوم يُولّون وجوههم عنك ويبثّون عنك الكذب والزور كأنهم ما عرفوك يومًا وما امتصوا رحيقًا صنعته بيديك!

غريبٌ أنت يا صديق، فالتمس من غربتك نورًا يُضيء لك في جوانح الليل دربًا تسلك به إلى من يسمع النجوى فتبثّه الشكوى والهم وتعود مغتسلاً نديًّا، وخذ منها قبسًا لتحرق مراكب الرغبة والتطلُّع والنظر، ولتُبحر بدلاً منها في سفن الرضا واليقين والفهم، لتصل إلى مرافئك سالمًا هنيًّا.

أيها الغريب:

ستبقى غريبًا، فاجعل منها زادًا، وامض بها نحو غايتك، وانتظرنا هناك حيث لا غربة ولا كرب!

عن admin1

شاهد أيضاً

الإفلاس الإبداعي للإعلانات التجارية في اختزال الشعور بالسعادة بالرقص

بقلم | عنتر المصيلحي تعتبر الإعلانات واحدة من أهم سائل التسويق التى يعتمد عليها وتستخدمها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *