المسكوت عنه

بقلم : يحي سلامة
روى لي شاب من أقاربي أنه في أثناء تأديته صلاة الجمعة في المسجد الموجود بمنطقته طالب خطيب الجمعة المصلين بعدم الدعوة لأهل غزة وحماس معللًا أن حماس حركة شيعية مدعومة من إيران ولايجوز الدعاء لها حسب قول هذا الخطيب وأكمل الشاب أن المصلين قد هاجموا هذا الخطيب وطردوه من المسجدوطالبوه ألا يأتي للخطبة في مسجدهم مرة ثانية .
وقد أصابتني الصدمة مما سمعته وماوصل إليه الحال عند البعض من إلقاء الكلام علي عواهنه دون تدبر أو معرفة لمجرد فرض الرأي والقناعات حتي ولو خالف هذا الرأي المنطق وطبيعة الأشياء بل والدين نفسه وأدخل صاحبه في دائرة تكفير الأخرين ورميهم بالباطل فلم يكلف هذا الخطيب نفسه بممارسة بديهيات وظيفته وهو أن يقوم بإعداد خطبته والتأكد من كل أية قرأنية أو حديث صحيح أو أثر أو معلومة عامة قبل إلقاء خطبته كما هو معروف.
وقتها كان سيكتشف أن حركة حماس وقادتها وأفرادها هم من أهل السنة ولم يثبت إعتناق أحد منهم لأي مذهب من المذاهب الشيعية
ولا يبتعد كثيرا ما قاله هذا الخطيب ذلك التعليق الذي قرأته علي أحد الصفحات وقال صاحبه أن يحي السنوار قائد حركة حماس في غزة من الخوارج ومخالف لأهل السنة والجماعة ولا أدري إلي ماذا إستند صاحب هذا التعليق ليرمي الرجل بإتهام يخرجه من ملة الإسلام ويستوجب إما إستتابته (أي السنوار )أو إقامة حد الردة عليه وإهدار دمه .
والحقيقة أننا منذ أحداث ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ونحن نستمع إلي أراء غريبة وشاذة ما أنزل الله بها من سلطان لا في كتابه الكريم ولا في سنة نبيه المصطفي صلي الله عليه وسلم.
ولعلنا نتذكر ماقاله أحد المشايخ المحسوبين علي الثوار والذي عمل أيضا كمذيع في إحدي القنوات التلفزيونية أنه يجب التفريق بين الأزواج إذا كان أحدهما ينتمي أو يتعاطف مع جماعة الإخوان المسلمين، وحكم التفريق الذي قاله هذا الشيخ يحدث في ثبوت كفر أحد الزوجين بعد إستتابته لمدة ثلاثة أيام وإصراره علي ما أخرجه من الدين كأن ينكر ماهو معلوم من الدين بالضرورة أو أتي فعلا أو قولا يستوجب خروجه من الإسلام .

وأنا في هذا المقام لست معنيًا بالدفاع أو الهجوم علي حركة حماس أو جماعة الإخوان المسلمين ولكن ما أعنيه فقط هو عدم الخلط بين ماهو ديني وما هو سياسي فالاتفاق أو الاختلاف مع حركة حماس هو إتفاق وإختلاف سياسي في جوهره بين فريق يري أن خروج الاحتلال يكون عن طريق الكفاح المسلح وفريق يري أن السبيل للاستقلال يتم عبر التفاوض والحلول الدبلوماسية ولا دخل للدين أو العقيدة أيا كان أتباع هذا الدين مسلمين أو غير مسلمين في هذا الأمر والتصور السياسي وهو ما ينطبق تمامًا علي تجرِبة الإخوان المسلمين في الحكم.

فالإخوان قد فشلوا سياسيًا في إدارة شؤون البلاد ولم يفشلوا دينيا فهم وإن كانوا من أيدلوجية إسلامية إلا أن هذه الأيدلوجية لم تكن سببا لفشلهم السياسي والإداري في إدارة الدولة وهو فشل يمكن أن تقع فيه أي سلطة حاكمة أيا كانت أيدلوجيتها أو مرجعيتها الدينية أو العلمانية فقد أخطأوا في كافة النواحي غير أنهم لم يثبت عليهم أنهم أنكروا ماهو معلوم من الدين بالضرورة أو أنهم ابتدعوا بدعة في العبادات أو المعاملات لم ينص عليها القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة وإجماع الفقهاء.بل والطريف أن أشد خصوم الإخوان شهد لهم بالإيمان والتقوي وأنهم أصحاب دين لا يصلحون لممارسة العمل السياسي.
إن أشد خطر يتهدد الأمة والأمن القومي الداخلي للبلاد هو إطلاق مثل هذه التهم وتكفير البعض للبعض الأخر وإصرار كل طرف أنه هو وحده من يمتلك الحقيقة المطلقة فهذه النظرية الإقصائية وفرض الرأي الواحد نظرية هدامة لأي مجتمع وأي أمة وإنما الأمم والمجتمعات تحيا بالاختلاف واحترام الرأي والرأي الأخر والتأكيد علي أن هذا الاختلاف والتنوع هو سنة الله في كونه الذي لو شاء لجعل الناس جميعا أمة واحدة

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

سعيد السبكي أضاف لموهبته في الصحافة والأدب مجال «الإرشاد النفسي»؟!

سعيد السبكي.. لماذا أضاف لموهبته في الصحافة والأدب إضافة جديدة بمجال «الإرشاد النفسي»؟! “سعادته الخاصة” …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *