الكاتبة سماح مبارك

” بالألوان الختان” جريمة سرية تتحدى القوانين الأوربية!

بقلم | سماح مبارك

فصل الصيف هو أكتر الفصول رعباً بالنسبة للناشطات ومنظمات حقوق الطفل في المملكة المتحدة، حيث أن الإجازة السنوية في شهر يوليو من كل عام، هي أكثر الأوقات ملائمة لسفرالأُسر وأصطحاب الأبناء في إجازة طويلة خارج المملكة، ومن ضمنهم الأُسر التي عقدت العزم على اصطحاب طفلاتهن الصغيرات إلى بلد الوالدين الأصلي بغرض تشويه أعضائهن التناسلية “الختان” والعودة بهن بعد التأكد من تماثلهن التام للشفاء. .

إن إحصائيات الختان حول العالم تحمل أرقاماً مفزعة، فبحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان فإن هناك أكثر من 125 مليون فتاة وامرأة على قيد الحياة اليوم في 29 دولة في إفريقيا والشرق الأوسط تعرضن لتشويه الأعضاء التناسلية الجزئي أو الكلي، وانتقلت هذه الممارسة العنيفة ضد الإناث إلى أوروبا عبر الهجرات المتلاحقة خلال عقود من الزمان مما أجبر دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلى سن قوانين صارمة اتجاه كل من ينفد الجريمة لأي أنثى خارج او داخل أراضيها.

عندما وُزعت علينا في مدرسة ابني قبل سنوات منشورات عن عقوبة تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى والتي تصل لاحتمالية السجن لأربعة عشر سنة ضحكت في سري زاعمة بأن لا أحد بالطبع سيجرؤ على فعل ذلك بصغيراته ناهيك عن تعريض نفسه للسجن لسنوات طويلة، ولكن كالعادة تبهرني الحياة بما اكتشفه فيها كل يوم، وبدأت أسمع عن قصص التحدي للقانون ومحاولات التحايل على المدرسين والأصحاب والجيران من قبل بعض الأهالي، والسفر بالطفلات عبر المحيطات والقارات لممارسة أبشع أنواع الانتهاك لأجسادهن الصغيرة، وترك علامات مدمرة في أرواحهن قبل أجسادهن لا تُشفى ولا تُمحى عبرالزمن.

يقوم هؤلاء المجرمين بتلقين الصغيرات بما يجب عليهن قوله عند العودة من السفر وسؤالهن عن الأجازة الصيفية، وإذا ما كان أحد ما قد انتهك أجسادهن أو تسبب لهن بالأذى، فتضطر الصغيرة الى الكذب مما يخلق لديها شعوراً بالعاروالخوف والارتباك لأنها مجبرة على إخفاء الحقيقة لحماية والديها من العقاب والسجن، ولتفادي ذلك يقوم بعض الأهالي من مؤيدي هذه الجريمة بتنفيذهاعلى الطفلات الأصغر سناً واللاتي يصعب عليهن شرح ما حدث لهن، ولأنه كلما كانت الطفلة في عمرأصغر كلما ساعد ذلك على التئام الجرح في وقت أقصروبالتالي ضمان عودتهم دون افتضاح أمر جريمتهم. قليل من تلك الجرائم التي حدثت بالفعل تم افتضاح أمرها بسبب بلاغ من أحد المقربين من أسرة الضحية للسلطات.

الجدير بالذكر أن الكثير من النساء اللاتي تعرضن لتلك  الجريمة اللاإنسانية وعانين من مضاعفاتها و مضارها طوال فترة حياتهن هن من المؤيدات لتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، معظمهن لدوافع دينية والقليل منهن لأسباب ثقافية أولاعتقادهن بأنها أمر ضروري يخص النظافة الشخصية للمرأة، وقد استقين تلك المعلومات من قصص شعبية وخرافات تخص أجساد النساء تناقلتها الأجيال حتى أصبحت خرافات مقدسة وجب تطبيقها، ومن المؤسف جدا أن نجد نساءً تعرضن لهذا التشويه لا زلن راغبات في تطبيقه على بناتهن بسبب الضغوطات العائلية التي تمارس ضدهن والأفكار المغلوطة التي يُمارسها جزءٌ كبيرٌ من المجتمع الذكوري عليهن والذي يرى انه من العار أن لا “تُختن” النساء، تلك الإدعاءات والمغالطات حسمها العلم بعد سنوات طويلة من الحرب الضروس مع رجال الدين والسياسة وضغط عليهم بمساعدة النسويات ومنظمات حقوق الانسان لتحريمه وتجريمه وسن القوانين ضده كعادة ضارة وانتهاك صارخ لأجساد النساء بعد أن كان واجبا وسنة مؤكدة ومستحبة.

وتحارب القوانين الأوربية أيضاً نوعاً آخرمن الختان قلما تتم الاشارة اليه وهو ما تفعله المرأة المتزوجة بكامل إرادتها وبتشجيع وترغيب من الزوج، حين تقوم بختان نفسها مرة أخرى بعد الولادة فيما يعرف “بالطهارة” في بعض المناطق و”بالعَدَل” في مناطق أخرى، وهو فعل تقوم به اعتقاداً منها أنه يساعد في تضييق عضلات المهبل وتجميل وترميم ما فعله بها الختان وهي طفلة وبالتالي زيادة المتعة الجنسية للزوج، إن ذلك الاعتقاد خاطئ تماما، حيث لا علاقة للختان بالمهبل وما يتم هو عبارة عن خياطة بدائية لأجزاءٍ من اللحم الخارجي للمنطقة والذي بالتحامه يُعطي شعوراً بالضيق، ولكنه في الحقيقة يُسبب المزيد من التهتكات والالتهابات والمضاعفات الخطيرة لتلك المنطقة، لقد تسبب العَدَل بعد اكتشافه من قِبَل القابلات في الغرب في نزع أطفال من أسرهم لاعتبار الأم التي قامت بهذا الفعل لنفسها غير أمينة على طفلتها بتاتاً وأن لديها القابلية لايذائهن.

وعلى الرغم كل تلك المخاطر لا يزال اقناع الكثيرين بأضرار الختان بأنواعه المتعددة هوأمرصعب للغاية، واستطاع مؤيدو الختان من الاستمرار في ممارسته حتى تحت أكثر القوانين صرامة، وتحول شبح الخوف من استمراريته إلى كابوس يجثم على صدورمعظم المهاجرين الذين يجدون أنفسهم تحت طائلة المراقبة والتشكيك من السلطات كلما هَمَّ أحدهم بالسفر مع أطفاله الى احد الدول الأفريقية أوبلدان الشرق الأوسط، وكثيرا ما يتم التضييق بالأسئلة على الأمهات المهاجرات من دول معينة مثل الصومال والسودان وأريتريا ومصر في حال إنجابهن لأنثى، وتذكيرهن بصرامة القانون ومحاولة نشر الوعي بينهن لضمان عدم قيامهن بهذه العملية للطفلات في اي سن.

سماح مبارك

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

تذكروا أن يران غير عربية

كتبت | بلقيس حسن ليس دفاعا عن إيران فأنا اختلف معها في كثير من المواقف، …

3 تعليقات

  1. وائل ابو طالب

    قصي ولا تنهكي حديث للرسول الكريم وفي الحديث يقول انه نضارة للوجه واحظي عند الزواج .وفي حديث اخر الفطرة خمس الختان اولهم .والذي يسال هل ختن رسولنا الكريم بناته فالاجابة هي ان الرسالة نزلت عليه وهو اربعين عاما وكانت بناته صلي الله عليه وسلم متزوجات. هي سنة مؤكدة اول من سنها سيدنا ابراهيم .والمملكة المتحدة حرة في قوانينها .ونحن احرار ايضا في اتباع تعاليم الله وسنه نبيه الكريم .مااتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا .ومساحة الحرية مفتوحة ومن يعد ختان الاناث جريمة ايضا حر .والمطالبة بتجريمها وسجن من يقوم بها انتهاك لخصوصية وتعاليم الدين الاسلامي .اتركوا مابقي في الاسلام ولا تجرموا الختان وافعلن ماشأتم في المملكة ولا شأن بكم خارجها

  2. أحسنتي النشر سماح

  3. السيد واءل ابو طالب هو مثال حي للأسف علي العقول المتخلفة و المتعلقه بأوهام قديمه بالرغم من إقامته في احدي الدول الأوربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *