التقى الأستاذ وتلميذه في موعدهما الأسبوعي، ولاحظ الأستاذ أن تلميذه يبدو هذه المرة متهلل الوجه سعيداً، جداً، فوق العادة، فدار بينهما الحوار:
- ما كل هذه الفرحة والانبساط في وجهك، يبدو أنك استفدت من كلامي معك الأسبوع الماضي، أو وجدت على الأقل العمل الذي تريده؟!
- (تراجعت نصف ابتسامته) يعني! إلى حدٍ ما!
- (بسخرية) إذن، نسيت حكاية العمل كلها، وأهميته، ووقعت في الحب؟!
- (لا يزال مبيتسماً) لا، يا أستاذي، «حب إيه اللي انت جاي تقول عليه»، على رأي الست «ثومة»، لازم أجد العمل الأول وبعدين الحب!
- كويس، أنه يوجد في الجيل الجديد يستمع للسيدة «أم كلثوم» بجانب أغاني المهرجانات!!
- أستاذي، لازم «الميكس»، و«الخَلْطة» إياها، فنحن كما تصفوننا «جيل الوجبات الجاهزة السريعة والبهارات الجديدة»!!
- تمام، ربنا يهديك، لكن لم تقل سر فرحتك؟!
- أنا وإن لم أجد أي «شغل» لي، حتى الآن، إلا أنني وجدت لك «شغل»!
- عند من؟!
- (ضاحكاً بخفة ظل “لا تخلو من عشم”) عندي أنا!!
- (بدهشة) عندك أنت؟!
- نعم، ألست أستاذي، أم تنوي التخلِّي عني، كل المطلوب من حضرتك فقط أن تجيب على أسئلتي وتكون مُرشدي، لأفهم طبيعة ما أعيشه الآن!
- (ضاحكاً برضا) ماشي يا عم، يعني تريدني أعمل لديك كمستشار خاص !!
- ما كل هذه” الألفاظ الكبيرة” التي تعوَّدها جيلكم؟!
يسكت الأستاذ، متصنعاً الاستسلام أمام خفة ظل تلميذه الزائدة، ليتفهم حقيقة ما يدور برأسه، فيواصل التلميذ كلامه:
- ألا توجد في الإعلانات ما يطلق عليه حين تشتري شيئاً جديداً من السلع «خدمة ما بعد البيع»، أيْ صيانة المنتج مجاناً لفترة بعد بيعه؟!
- (بدهشة) نعم..نعم!!
- وأنتم كأساتذة لنا، صنعتم عقول تلاميذكم الذين هم نحن!
- نعم.. نعم.. ماذا تريد، بالضبط؟!
- أريد منك الآن أستاذي”خدمة ما بعد البيع”!
- (ضاحكاً وقد فهم قصد تلميذه) الحمد لله أنها «خدمة» تقتصر فقط على”مجرد الأسئلة”! طيب، اتفضل إسأل!
- انا فهمت أن حل مشكلتي أنا وزملائي الشباب “الخريجين الجدد” تتلخص في إيجاد العمل، وأن الحل هو “ريادة الأعمال”، ما المقصود بهذا الكلام الجامد الكبير؟!
- المقصود أن تكون أنت صاحب مشروعك الخاص بك، وتصبح «مدير نفسك»!
- حلو جداً!
- لا، المسالة ليست بالبساطة التي تتخيلها، فمن أجل أن تحدد مشروعك، وتنجح فيه، وتطوره، لابد وأن تأخذ «دورات» بسيطة!
- دورات في ماذا؟!
- في أساسيات ريادة الأعمال، وفوائدها وتحدياتها، ومهارات رائد الأعمال، والأفكار الريادية، لتعرف كيف تنجح كرجل أعمال!
عباس الصهبي..