صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

“ثرثرة” في كافيه  تايم نيوز أوروبا بالعربي

التقيا، كما جرت العادة، في عطلة نهاية الأسبوع، فدار بينهما الحوار:

سأل التلميذ أستاذه، لماذا دائماً تقولون إن جيلكم أفضل من جيلنا؟ مع أننا جيل “الحداثة” والمخترعات الجديدة؟!

‏فأجاب الأستاذ، بهدوء:

‏- الجزء الأخير، بالضبط، هو ما نلومكم عليه وإن كان كل ما ننقده فيكم يحدث بسببه!

‏وقبل أن يكمل الأستاذ بقية كلامه قاطعه التلميذ غاضباً بحماس:

أنتم لا تريدون الاعتراف بأننا “الأحسن”، فنحن نعرف أشياء كثيرة لا تعرفونها،  و…..، و….!

الأستاذ، بهدوء:

– هأنت تقاطعني ولا تريد أن تسمعني للآخر!

(بصبر نافد) اتفضل قول، وخلَّصني!

‏- يا ابني أنتم جيل لا يوجد عنده” صبر”، ونحن  نعذركم، لأنكم جيل تعوَّد أن تُستجاب كل طلباته في الحال بضغطة واحدة، أو ضغطات قليلة، على”الأزرار“!

ماذا تقصد، بالضبط؟!

– يعني خلاص تعودتم بضغطة واحدة على “ريموت” التليفزيون تُغيرون القنوات، وبضغطات قليلة تكلمون أصدقاءكم على الموبايل، وبضغطات  أخرى تطلبون «ديليڤري» طعام يأتيكم بسرعة، ساخناً قبل أن يبرد!

معك حق! وما المشكلة في ذلك؟!

‏- من أين، إذن؛ تتعلمون” الصبر”؟!

(بسخرية) وما فائدة “الصبر” في عصرنا الجديد، ما دامت كل الأشياء تتم في هذا العصر بسهولة، وسلاسة، وبمنتهى السرعة، يا أستاذ!

‏- لا،  بالعكس، هنا المشكلة، بل المصيبة الكبرى!

أنتم تعودتم تعقيد الأمور كلها، وبلا اي مبرر! فنحن جيل “الفِمتوثانية”، والطائرات الأسرع من الصوت 10 مرات، والصواريخ التي لا ترصدها من سرعتها أحدث الرادارات، وتصل، مثلاً، من روسيا لبريطانيا في 3.5 دقيقة فلا تتيح  لوسائل الدفاع وقتاً للاستعداد لصدها وتدميرها!

  ‏- الصبر مهم، يا ابني، لفهم خلفيات الأشياء، وما وراءها، فعندما تطوِّل بالك مع من تكلمه ستعرف منه خبرات أكثر، واعمق، ولو صبرت عليه أكثر فكانك عشت حياته بالطول والعرض، وتتيح لنفسك تأمل الأشياء والتدقيق فيها، وفي معانيها، بشكل أفضل؛  فتستمتع بها أكثر!

وهل معنى كلامك أن”نَرْمِي” كل “الأزرار”، ونعود لنعمة الصبر والتأمل الهادىء كما كانا في «العصر الحجري»؟!

  ‏الأستاذ (ضاحكاً)، ينهي كلامه، قائلاً:

‏- لا، طبعاً، أنا فقط أطلب من جيلكم أن “تفصِلوا، بين ما يحتاج للتعامل مع «الأزرار»، وما يحتاج للصبر والتأمل، و«طولة» البال، فنحن الكبار نفعل ذلك، وبصورة تلقائية، لأننا لحسن حظنا تدربنا عليهما، عندما كنا في مثل سنِّكم الآن، فاستمتعنا بالميزتين:«الأزرار» والصبر، ونستمتع الآن بالميزتين معاً، وهو ما أتمناه لكم.

(لقاؤنا الأسبوع القادم مع ” ثرثرة” جديدة)

 «عباس الصهبي»

عن زوايا الأخبار

شاهد أيضاً

فان خوخ | رسام هولندي له بصمات عالمية (1)

فينسنت ويليم فان خوخ (بالهولندية: Vincent Willem van Gogh (30 مارس 1853 – 29 يوليو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *