الإعلامية فابيولا بدوى

النسوية | الضحية المُتهمة الباحثة عن نفسها في مُفترق الطرق

كتبت | فابيولا بدوي

قد نتفهم الهجوم على النسوية بكل ما تحمله من أفكار وتناضل من أجله من حقوق، فهناك باختصار الموروث الديني والاجتماعي والثقافي الذي يجد فيه الغالبية  ملاذا يعفيهم من مواجهة التغيير وتبعاته، امتثالا للمثل الانجليزي المعروف ( شيطان معروف خير من ملاك غير معروف) وإذا ما أضفنا الجهل وانتشار الأمية في بلداننا خاصة التي تتمتع بقوة بشرية مما يضخم في مساحات تفضيل ما نتناقله عن الأجداد أو رجال الدين أو العادات القبلية، المهم أن الغالبية تجد دائما الجدار الذي تختبيء خلفه كي لا ترى الحقيقة أو لتحمي نفسها من مواجهة حقيقتها أولا، أو لأن التغيير عبء في حد ذاته هم في غنى عن حمله، لذا يصبح الأسهل هو كسر حلَقات هذا التغيير قبل أن تكتمل

كل هذا نستوعبه وحدث في كل بلدان العالم في مواجهة مطالب المرأة لحقوقها. إلا أن ما لا نفهمه هو المغالاة التي تصل إلى حد الغباء في ابتكار الأوصاف والتعبيرات لوصم كل حركة تناضل من أجل المرأة وحقوقها للدرجة التي تحول هذا العداء لحقوق المرأة أشبه باللوحة السيريالية التي يراها كل منا حسب ثقافته وإحساسه فيما يشتبك معها الغالبية لا لشيء سوى معارضة ورفض كل ما هو ليس بمفهوم أو يحتاج لتأمل أو غامض من وجهة نظرهم

لكن هل هذا الصراع الذي نعي مبرراته جديد في مجتمعاتنا؟ الإجابة التي ستفرض نفسها على المتتبع لحركة المرأة العربية ستكون لا. فجميع رائداتنا تم نعتهن دون استثناء بأنهن سافرات فاجرات عميلات خارجات عن العرف والتقاليد والدين الى اخر الأوصاف الكلاسيكية التي نحفظها تماما حتى درجة الملل من التكرار، لكنهن قد عبرن نحو نجاحات حقيقية وتمكن من التغيير خصوصا في البلدان التي شهدت حركات نسائية ثورية حقيقية خصوصا خلال النصف الأول من القرن العشرين، فلماذا تتعثر امتدادات نفس الحركة منذ عقود ؟ ؟ ؟

ارتكزت الحركة النسوية العربية في بداياتها على نساء مثقفات في غالبيتهن انتمين إلى الطبقة الارستقراطية وفوق المتوسطة، امتلكت كل منهن بطلاقة لغة أجنبية واحدة على الأقل إلى جانب معرفة حقيقية باللغة العربية، جميعهن إطلعن على الثقافة الغربية ليس فقط عن طريق القراءة بل بالاحتكاك اليومي بسبب وجود جاليات أجنبية كبيرة العدد في تلك الفترة، أو عن طريق الأسفار، لذا تمكن من صنع النموذج ولم تكن أيا منهم نسخة منقولة عن الغرب … فهل تمكنت النسويات ابتداء من سبعينات القرن الماضي من تشكيل نموذجنا الخاص بنا؟؟؟

باستثناء د. نوال السعداوي التي نالت لقب الريادة باستحقاق، ليس فقط من جرّاءِ تمردها وشخصيتها الصدامية، لكنها استحقته لأنها على الرغم من تأثرها بسيمون دو بوفوار خصوصا في مقولة الأخيرة (المرأة لا تولد امرأة لكنها تصبح كذلك) وغيرها من الأفكار إلى أنها تمكنت من القفز عليها لتصنع رؤيتها من عمق الواقع العربي، وهو ما مكنها من نقد واقعنا بل وواقع الغرب نفسه، فيما عدا د. السعداوي هل ظهرت العديد من الأصوات القادرة على الفعل نفسه، أم صارت الأكثر قدرة هي الأكثر حفظا وترديدا لأفكار وسلوكيات الغرب؟؟؟؟

ظهرت النسوية الإسلامية بالتوازي مع ظهور الحركة النسوية العربية أو بعدها بقليل لكنها لم تكن بالقوة التي هي عليها الآن لاسباب عديدة منها السياسي ومنها الديني ومنها سقوط بعض المدافعات عن حقوق المرأة في أحضان السلطة … فهل يمكننا اعتبار تصدر هذا التيار المرحب به من السلطتين السياسية والدينية قد مثل عائقا أمام الخطاب النسوي المقابل لها ؟؟؟

مازال هناك المزيد من الأسئلة التي سنطرحها في الجزء القادم

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

الخديوي المديون

بقلم : يحي سلامة استمتعت بقراءة كتاب (محمد علي وأولاده) للأستاذ الكبير الراحل /جمال بدوي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *