صورة توضيحية عن حقوق المرأة

إستر فانوس | كوكب المُناضلات التي رحلت كأنها لم تكن

كتبت | فابيولا بدوى

 كُتب عنها : لو تفحصت ملامحها فحتما سترى مصر

هكذا كانت إبنة الجنوب المصري (الصعيد) التي تركت مسقط رأسها وعائلتها حيث قدرها أن تقود إلى جانب أخريات قطار الكفاح من أجل استقلال بلادها وحرية المرأة وتمتعها بحقوقه .. كانت مزيجا من الثورة والصبر والقوة، فتألق بريقها في سنوات لم يكن الفكر الظلامي الأقصائي قد سيطرت على كل جوانب حياتنا

واستطاعت إستر فانوس التي تحول اسمها إلى استر ويصا (بعد زواجها من فهمي بك ويصا عضو مجلس الشيوخ وقتها) أن تشارك في حضور اجتماع سياسي للثوار  في أحد مساجد القاهرة لتفاجيء الجميع باعتلائها  المنبر من دون أي ترتيبات مسبقة وفي يدها صليبها لتلهب حماس الحاضرين وقتها مطالبة بوطن حر تحيا فيه المرأة مساوية للرجل، ثم تخرج من المسجد سالمة من دون إثارة لأي نعرات لفتنة طائفية،  فقط من يتأمل هذا المشهد بعمق وحده سيعرف كيف كانت مصر الحقيقية قبل أن تتلوث بفكر اضطهاد المرأة ووصمها بأنها عورة مكانها البيت، ليتنا نتخيل معا للحظات قليلة ماذا سيحدث لو تكرر هذا المشهد الآن؟

غير إستر فانوس/ويصا التي مهدت الطريق أمام نيل المرأة لحقوقها برفقة هدى شعراوي وصفية زغلول التاريخ في مصر، لا نعلم حتى الآن كيف ولماذا ومتى تم محو ذكرها على الرغم من أن الثلاثة مشهود لهن بأنهن كن شرارة البداية وهن المحرك الاساسي لبداية حركة نسائية حقيقية في بلادنا، غير  أن أحد أضلاع ذلك المثلث قد تم اسقاطه لأسباب لم نتمكن من تتبعها ومعرفتها حتى اللحظة

 لقد خاطبت إستر الداخل والخارج في آن واحد. وتصدرت المظاهرات كما شاركت في تأسيس لجان نسائية لمقاومة الاحتلال، كتبت مباشرة إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بعد النفي الأول لزعيم ثورة 1919، تهديدا وليس استعطافا، كانت ضمن أول النساء المؤسسات للاتحاد النسائي المصري 1923، ثم تأسيسها لجمعية (العمل من أجلنا) في العام 1924 التي عملت على تعليم الفتيات التمريض والمهارات اليدوية كي تعملن وتتمكن من الاستقلالية، فيما كان نشر الوعي بحقوق المرأة وتثقيفها أولى أولوياتها لكنها لم تتطرق يوما لحقوق المرأة السياسية التي كانت تكتب عنها بقوة منيرة ثابت وجسدتها على أرض الواقع فيما بعد درية شفيق حتى حصلت المرأة بنص دستور 1956 على حق الترشح والانتخاب. في العام 1926 اي بعد ثلاث سنوات انتقلت تبعية جمعيتها إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، لتقسم إستر وقتها بالكامل ما بين الاتحاد النسائي وتقدم الصفوف لرفض الاوضاع في بلادها بكل وسيلة، وقد ساعدها كثيرا في ذلك إجادتها التامة للعربية والانجليزية والفرنسية فنجدها قد شاركت في كل محفل دولي للمرأة وحملت رسالتها إلى كل مكان، حتى كتبت عنها في العام 1936 في إحدى المجلات إليانور روزفلت زعيمة الحريات المدنية في بلادها وقرينة الرئيس الامريكي وقتها فرانكلين روزفلت: إن إستر ويصا قد جعلتنا نشعر بوجود علاقة وطيدة تربطنا بهموم المرأة المصرية على المستوى الشخصي والعام

ما بين عامي 1946 و1947 غادرت عالمنا كل من صفية زغلول وهدى شعراوي، لتكمل إستر فانوس مسيرة الاتحاد النسائي وتظل مع حواء إدريس في صدارة العمل الاجتماعي، حتى أصبح الاتحاد مقيدا بعد الثورة إلى تم حله 1956، ليعود بعدها كمؤسسة خيرية تديرها الحكومة

مع بداية التضييق على الاتحاد يختفي اسم إستر فانوس كما اختفى اسم حواء إدريس ومنيرة ثابت وبعدها بقليل تم محو تاريخ درية شفيق وغيرهن فالقائمة طويلة ولا تخلو من الأوجاع … لتظهر إستر فانوس فجأة ولمرة واحدة في العام 1969 في عمر الرابعة والسبعين خلال احتفال حكومي بالمرأة المصرية وتمنح من الرئيس جمال عبد الناصر وسام التكريم، إلا أنه من المفارقات الغريبة أن الجمل القليلة التي تلقفناها من كلمتها في ذلك الاحتفال كانت كلها تنصب على دور المرأة قبل الثورة في الكفاح من أجل حقوقها واستقلال بلادها، لتعود مساحة الاختفاء بعد هذا الاحتفالا لتغطي سنوات حياتها الباقية، لتقول لنا وداعا في العام 1990 عن عمر يناهز 95 عاما لم نجد لها خلاله حتى الان اي لقاء مصور او حوارات او مذكرات وكأن كوكب رائدات الحركة النسائية والوحدة الوطنية لم تكن يوما في تاريخنا وكأنها قد فارقت عالمنا يوم اتخذ القرار بتحجيم الحركة النسائية المصرية

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

الهجرة غير الشرعية | بدائل آمنة

وزيرة الهجرة تستعرض تقريرًا عن منجزات المركز المصري الألماني للوظائف والهجرة وإعادة الإدماج السفيرة سها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *