مدفن الملك المعتمد ابن عباد ِوزوجته

ولا يوم فى الطين | الملك غير إسمه من أجل جارية أحبها وتزوجها (2)

مراكش | سعيد السُبكي

تناولت في الحلقة السابقة بعض جوانب من شخصية ” المعتمد بن عباد ” آخر ملوك بني عباد في الأندلس، الذي حكم إشبيلية وقرطبة، وذلك في اطار وصف رحلتي يوم أول أمسِ الأربعاء 22 ديسمبر الجاري 2021، تحت عنوان : ( المعتمد بن عباد ثالث وآخر ملوك بني عبَّاد في الأندلس | زيارته في أغمات ) حيث زرت قبره وقرية أغيات التى نُفي اليها ، ومات فيها .

أثناء حديث مع صديقي المثقف الرسام والكاتب المغربي ” يوسف الميرغني ” وجه لى الشكر بقوله أنه يشعر بالسعادة لأنه وجدني أنصف رجُل لم يأخذ حقه في التاريخ كما ينبغي، وذكرني في مَعْرِض الحديث برواية حقيقية تستحق عن جدارة تناولها، مادام أنا بدأت الكتابة عن المعتمد بن عباد. والقصة هي مزيج من الدراما والوفاء في بُوْتَقَة حُب وعشق من المُفيد الاستمرار في تأريخها،  واسمها :

ولا يوم الطين  

قالها المعتمد بن عبَّاد لزوجته اعتماد الرميكية، وكما ذكرت فإن المعتمد بن عباد آخر ملوك بني عباد في الأندلس، حكم إشبيلية وقرطبة، الذي اتفق المؤرخون على ارتفاع قدره ودماثة أخلاقه، فقد كان المعتمد فارسًا شجاعًا، عالمًا وأديبًا، ذكيًا وشاعرًا، محسنًا وجوادًا، كبير الشأن خيراً من أبيه، وكان من أبذل الملوك راحة، وأرحبهم ساحة، وكان بابه محط الرحال وكعبة الآمال.

وقد ذكر المقريزي المؤرخ أن المعتمد آخر ملوك بني العباد في الأندلس كان متزوجاً من جارية اسمها (اعتماد ) وكان يحبها حباً جما ويُعاملها برفق ولين ويحرص على ارضائها وتلبية جميع رغباتها.

اشتهت الطين فكان لها ما أرادت

ذات يوم أطلت ” اعتماد ” من شرفة القصر فرأت القرويات يمشين في الطين، فاشتهت أن تمشي هي أيضاً في الطين. وحدثت زوجها بذلك  فخاف على قدميها أن يمسها الطين … فألحت عليه، فما كان من الملك الا أن أمرأن يؤتى بالمسك والعنبر وأنواع الطيب المختلفة،فطحنت

الفنان المغربي يوسف الميرغني بجانبي أثناء ندوه ثقافية فى روتردام بهولندا

وصبت في صالة القصر، ثم أمر أن يأتوا بماء الورد ويصبوه على الطيب …وعجنوه بالأيدي حتى اصبحت كالطين. وعندئذ جاءت اعتماد مع جواريها تتهادى بينهن فخاضت بقدميها في هذا الطين الذي بلغت آنذاك أثمانه آلاف الدنانير، وحققت رغبتها ومشت في الطين.

والله مارأيت منك خيراً قط

ذات يوم سمعت من زوجها كلمه أغضبتها فنظرت اليه وقالت له : والله مارأيت منك خيراً قط … فقال لها المعتمد: ولا يوم الطين …؟ فاستحيت واعتذرت وهو مصداق قول نبينا عليه الصلاة والسلام في حق النساء (( لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئاً قالت : ما رأيت منك خيراً قط )) .

وأخذ القول مثلاً ( ولا يوم طين )

وهنالك أبيات تقول :

و لا يوم طينٍ يا رميكية الهوى

و قد كان طيني طينة الفخرِ والجودِ

و من يأمن الأنثى فيا شر يومه

كما فعلت أنثى بطينِ ابن عبووودي

 

كيف تعرف الملك على الجارية

في يومٍ بينما كان المعتمد يتنزَّه مع شاعره ابن عمار في مرج الفضة – أحد متنزهات إشبيلية المطلة على نهر الوادي الكبير – قال له: «صَنَعَ الريحُ منِ الماءِ زَرَد» (يقصد أن يكمل رفيقه بيت الشعر)، إلا إنَّ بديهة ابن عمار كانت بطيئة، فسكت طويلاً ولم يكمله، وكانت بقربهما امرأة تغسل الملابس في النهر، فقالت: «أيُّ درعٍ لقتال لو جمد».

وقد تعجَّب المعتمد من موهبتها بالشعر، وفتن بجمالها، فسأل عنها، فقيل له أنها جارية لرميك بن حجاج واسمها اعتماد، فذهب إلى صاحبها “رميك بن حجاج” واشتراها منه وتزوجها، وعُرِفَت بعد ذلك بلقب اعتماد الرميكية، وكانت أقرب زوجات المعتمد إليه.

بل وقد كان لقب المعتمد بالأصل هو “المُؤَيَّد بالله”، لكن بعد زواجه من الرميكية غيَّر لقبه إلى المعتمد على الله تيمُّناً باسمها “اعتماد”.

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

المقعد A37 تفوز في مُسابقة القيصر الأدبية الدولية للقصة القصيرة

كتبت | رئيسة قسم ثقافة وفنون – عبير نعيم المقعد تفوز بالمركز الثامن في مُسابقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *