عندما لا يسمح الوقتُ الراهن | محمد شعبان

عندما لا يسمح الوقتُ الراهن | قصة قصيرة للكاتب محمد شعبان

بقلم | محمد شعبان
لم تكن أحوالهما سيئة للدرجة. رغم ذلك ركن سيارته بجوار كورنيش النيل . ترجّل . أعطى ظهره للطريق. رمى بصره بعيدا فوق صفحة النيل والفكر مشغول بإيجاد حلول على الرغم من صعوبة التنفيذ في الوقت الراهن .. لفتتْ تركيزه بنظرات مثيرة للغاية، وابتسامات مرسومة على أحمر شفاهها الناري، وغمزات لم تنبئ أبدا عن براءة إنما بغنج اقتربت منه وهو يستند إلى سيارته وفي فمها سيجارة بنية تريد إشعالها. وكأنها جنّيّة سقطت من المجهول.

على الفور أخرج ولّاعته ليشعل سيجارتها وهي تمد يديها لتثبّت يده المرتعشة. سرت قشعريرة غريبة في كل خلية من خلايا جسده، ثم وقفت جواره تنفث الدخان في وجهه مرة بعد مرة وهي ترسل ضحكات أشعرته بانبساط متحفظ، فاقتربَتْ أكثر. زاد الدخان أكثر. غرق وجهه في دخانها فلم يعد يشم أو يسمع غير أنفاسها. لأول مرة يتعامل مع امرأة من هذا النوع.

لم يكن يعلم أن مثلها قادرة على قراءة نظرات الرجل وتحليلها بشكل يمكّنها بسرعة من التعامل معه حسب الرغبة التي تلوح في عينيه .. أكانت تعرف حقا ما يعانيه من فراغ عاطفي بينه وبين زوجته؟ ، وشعور الدونية الذي أججته داخله وهي تعيّره دائما بأنه مجرد لا شيء مقارنة بإخوتها ورجال عائلتها؟ . ربما.

لكن ما تأكد لدى حسناء الشارع هو احتياجه حينَها لمثلها .. مشت ببخترة مارلين مونرو على كعب عال حول السيارة ومع كل خطوة يفقد إحساسه بالكون من حوله وينتقل مع سحرها الغريب إلى عالمها الخاص جدا. استلم المقود لكنها هي من وجّهته. لم يشعر إلا وهو داخل شقتها .. ربما كان صحيحا ما يقولونه إن على المرأة أن تكون غانية زوجها، ولمَ لا؟
‏ أتراه كان يستحق ما آلت إليه حاله بعد ذلك، أم أن الزوجة هي من كانت تستحق، أم أن طرفا ثالثا مجهولا يستحق؟. فلقد كان منظر جثته في صباح اليوم التالي بشعا وهو ملقى بجوار كومة القمامة على حافة الطريق مشوهًا بشكل كامل بعدما تمت سرقة كل ما يصلح بيعه في سوق الأعضاء.

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

المرء سيد نفسه..

تايم نيوز أوروبا بالعربي|شوقي سراج الدين يتمنى المرء  يوصل لمرحلة يكون فيها سيد نفسه وقوي …

تعليق واحد

  1. أشكر جهودكم وأتمنى لكم دوام التوفيق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *