محمد خليفة يكتب:المصريون القدماء أول من احتفلوا بعيد الأٌم

 كانت مكانة الأم مقدسة عند القدماء المصريين منذ بداية  عصرالأسرات، فهى التي ولدت رب الأرباب وقدعبَّروا عنها ” بالربة “نوت” إلهة السماء في الديانة المصرية القديمة، أخت جب، إله الأرض، وابوهما شو إله الهواء وأمهم تفنوت إلهة الرطوبة أو إلهة النار، وقد تزوجت نوت من أخيها جب إله الأرض، وأنجبا أربعة أبناء، وهم : أوزيريس وست وإيزيس ونيفتيس.

 وقام القدماء بتخليد الأمهات في آثار معابدهم، وفي متون الخلق والتكوين وفى الأساطير والبرديات المقدسة، كما اختاروا العدد الأكبر من آلهتهم من الأمهات!.

وتؤكد النقوش التى سجلها الملوك والملكات على جدران المعابد واوراق البردى أنّ المصريين القدماء  هم أول من احتفلوا بعيد الأم كعيد مقدس ابتداء من الدولة القديمة، واستمرحتى أواخر عهد البطالسة. وقد ورد ذكر عيد الأم والنص عليه في أكثر من بردية من برديات كتب الموتى، وخاصة كتابي “آبي ونبستي.”

وقد اختار المصريون موعد الاحتفال بعيد الأم آخر شهور فيضان النيل عندما تكون الأرض الخصبة معدة لبذر البذور أى وقت خصوبة الطبيعة في مصر.

وشهر “هاتـــور” في التقويم المصري القديم، هو تعديل لاسم الإلهة “حاتحور” وهي ربة الجمال والأمومة، ومعنى حتحور “حت ـ حور” أي مرضعة الإله حور.
وقد وجد ضمن مقابر الدولة الحديثة كثير من البرديات والاستراكا ” قطع من شقف الفخار،لكنه يحمل تاريخا كبيرا،حيث ظل لفترة كبيرة من أدوات الكتابة في عدة عصور زمنية تاريخية”. وقد حوت نماذج من النصوص التقليدية للأم في عيدها.

كما اعتبروا تمثال “إيزيس” التى تحمل ابنها “حورس” رمزاً لعيد الأم، فيضعونه في غرفة الأم ويحيطونه بالزهور والقرابين، ويضعون حوله الهدايا المقدسة للأم في عيدها الذي يبدأ بالاحتفال به مع شروق الشمس التي يعتبرون نورها وأشعتها رسالة من إله السماء للمشاركة في تهنئتها.

وكانت “إيزيس” هي أم لجميع المصريين ورمز لمصر وكان الإحسان إليها والتقرب لها من الأعمال الجليلة، واعتبرت “إيزيس” رمز الأمومة والمثل الأعلى لكل أم حيث صورت جالسة تحمل وليدها “حورس” وهو يلتقم ثدى أمه ليرضع منها سائل الحياة، وكان لـ “إيزيس” عيد سنوى يحتفل المصريون بها وهو أقدم عيد أم في الوجود وكان يحتفل به في مواكب الزهور تطوف المدن المصرية حيث حمل ذلك اليوم العديد من الأسماء منها يوم الأم المقدسة ويوم أم الوجود ويوم الأم الجميلة، وكذلك يوم أم الحياة ويعتقد كثير من علماء الآثار أن ذلك اليوم يوافق الاحتفال ببداية فصل الربيع في ٢١ من مارس، وحرص الملوك على ضرورة تلبية حاجات النساء، ويتضح ذلك في نقوش الحكمة التي عثر عليها على إحدى البرديات للحكيم “بتاح حتب” حيث يوصى بحفظ قيمة الأم قائلا: “إذا كنت عاقلا فأسس لنفسك دارا وأحبب زوجتك حبا جما وآتها طعامها وزوَّدها بالثياب وقدم لها العطور لينشرح صدرها، فهى حقل مثمر لصاحبه وإياك ومنازعتها ولا تكن شديدا عليها فباللين تستطيع أن تمتلك قلبها وأعمل دائما على رفاهيتها ليدوم صفاؤك”.
ومن أجمل الأمثلة التي عبرت عن تقدير المصريين القدماء للأم ودورها في الحياة ما جاء في بردية الحكيم “آني” الذى عاش فى القرن السادس عشر قبل الميلاد ينصح ابنه بقوله: “أطع أمك واحترمها، وضاعف الطعام الذي تخصصه لها، وتحمَّلها كما تحمَّلتك، فإنَّ الإله هو الذى أعطاها لك، لقد حملتك فى بطنها حملاً ثقيلاً ناءت بعبئه وحدها، دون مساعدة، وعندما ولدتكَ قامت على خدمتك بكل حنان، وأرضعتك ثلاث سنوات، وتحملت أذى قاذوراتك دون أنفة نفس، وعندما التحقتَ بالمدرسة كي تتعلم كانت تذهب إليك كل يوم بالطعام والشراب، فإن أنتَ كبرتَ وتزوجت واستقررتَ في دارك فتذكر أمك التي ولدتك وعملت على تربيتك بكل سبيل، لا تدعها تلومك وترفع كفها إلى الإله فيسمع شكواها”

وقال الحكيم عنخ شاشنقى: “احترم أباك وأمك لكي تنحج مقاصدك في الحياة، إن الأم هي التي تلد ولكن الحياة هي التي تضع الأصدقاء في طريقنا”

يذكرأن الحكيم “عنخ شاشنقي” حكيم عين شمس عاش فى القرن الخامس قبل الميلاد.
ومن المعروف أنَّ مديح إيزيس قد شكَّل جانباً كبيراً من الثقافة العامة لدى جموع الشعب فأخذوا في تمجيدها لما لها من صفات يجب أن تتحلى بها كل امرأة مصرية في الذكاء والحكمة والصبر، وحلَّت “إيزيس” في قلوب المصريين من كافة الطبقات، وحملوا آيات الإجلال والتوقير لـ “إيزيس” العظيمة، بل وأصبحت محور المجتمع .

mohammedahmedkhalifa58@gmail.com

عن admin1

شاهد أيضاً

سعيد السبكي أضاف لموهبته في الصحافة والأدب مجال «الإرشاد النفسي»؟!

سعيد السبكي.. لماذا أضاف لموهبته في الصحافة والأدب إضافة جديدة بمجال «الإرشاد النفسي»؟! “سعادته الخاصة” …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *