محمد خليفة يكتب: “سقنن رع تاعا الثانى” أمير الشهداء المصريين

أٌشتهر بلقب أميرشهداء مصر فى الدولة القديمة 1560 قبل الميلاد، إختلف المؤرخون حول اسمه فالمشهور عنه أنّه الملك” سقنن رع تاعا الثانى أو الملك سقنن رع جحوتى عا ” وهو اول ملك بدأ القتال لطرد الهكسوس” قبائل حقا خاسوت- حكّام الأقطار الأجنبية ”  من مصر، وهو من اعظم ملوك مصر .

سقنن رع أحد ملوك الأسرة السابعة عشرة التى كانت تحكم جنوب مصرمن منطقة طيبة “الأقصر الحالية”  وهو ابن الملك “سانخت ان رع تاعا الأول والملكة تيتى شيرى” الجدة المقدسة ”  وتواريخ حكمه غير مؤكده ولكن يعتقد انه تولى الحكم فى 1560 أو 1558 قبلال الميلاد.

ففى الفترة العصيبة من حكم مصر، كانت البلاد تقع تحت احتلال الهكسوس، وكانت هذه هى المرة الأولى التى يتم فيها احتلال جزء كبير من الأرض المصرية لمدة مائة عام . وكان الهكسوس يسيطرون على شمال مصر، وأعنى منطقة الدلتا المصرية ، وكان نفوذهم يمتد إلى أقاصى مصر الوسطى.

وبدأ حكام مصر فى الأسرة السابعة عشرة تحت قيادة الملك الجنوبى “سقنن رع تاعا الثانى” بمقاومة احتلال الهكسوس، خصوصًا أنه لم يبق من أرض مصر المستقلة سوى شريط ضيق فى صعيد مصر، كان ينعم بنوع من الاستقلال الذاتى، تحت سيطرة حكام مدينة طيبة، وكان يمتد من مدينة القوصية فى محافظة أسيوط “آخر حدود الهكسوس جنوبًا” وإلى منطقة إلفنتين فى أسوان.

من هنا بدأ حكام طيبة يشعرون بالقوة، وأخذوا يتحالفون مع أمراء مصر فى الشمال والجنوب، وكتبوا أسماءهم فى خراطيش تسبقها الألقاب للتعبير عن أصولهم المصرية فى مواجهة الهكسوس.

وتوضح لنا إحدى البرديات المصرية بداية الصراع والاحتكاك بين حكام طيبة والهكسوس. وهى قصة تميل إلى القصص الأسطورية، وتوضح قصة الاشتباك بين حاكم طيبة “سقنن رع تاعا الثانى” وملك الهكسوس “أبيبى أو أبوفيس” فى أولى معارك وحروب تحرير مصر من محنة الاحتلال.

وتظهر هذه القصة ملك الهكسوس “أبوفيس” ، وهو يحاول البحث عن مبرر، كى يشتبك مع حاكم طيبة سقنن رع، فنراه يرسل إليه برسالة غريبة يشكو فيها من أصوات أفراس النهر التى تزعجه اثناء  سباحتها فى البحيرة المقدسة بمعبد الإله آمون فى منطقة طيبة ..

تحجج الحاكم الهكسوسى بأنَّ الأفراس تمنعه من النوم فى عاصمته البعيدة “أفاريس” التى تقع فى دلتا النيل وتبعد مئات الكليومترات عن طيبة!

ورد عليه الملك” سقنن رع” ردًا ذكيًا يظهر رغبته فى السلام، كما أكرم وفادة الوفد الهكسوسى، بعد أن أشار عليه رجال بلاطه بذلك.

لم يرضى حاكم الهكسوس برسالة سقنن رع، وبدأت بوادر الحرب تدق طبولها، فمن هناك يعزز الهكسوس استعدادهم للحرب، والمصريون لا يهابون الموت من أجل الدفاع عن وطنهم ..

بدأت المعركة بمناوشات بين الطرفين، فالكل يريد اختبار قوة الآخر، حتى بدأت الحرب الحقيقية تشتعل على الأرض، وخلال ايام الحرب الأولى، سقط الملك سقنن رع تاعا الثانى شهيدًا فى معركة الشرف والكفاح وهو يدافع عن وطنه كى يحرر مصر من محنة احتلال الهكسوس.

وتوضح مومياء الملك البطل أمير الشهداء الموجودة فى المتحف المصرى بميدان التحرير موته متأثرًاً بجراحه فى معركة الشرف. وجد عند قبره “ورقة أبوت”  تحتوى هذه الورقة  على العبارة التالية عن قبر هذا الفرعون عند فحصه:

قبر الملك سقنن رع ” له الحياة والسعادة والصحة، ابن الشمس تاعا “

يظل الملك المحارب ” سقنن رع ” أبرز شهداء مصر على مر العصور، منذ أن تم اكتشاف جثمانه في خبيئة الدير البحرى عام 1881م قبل الاحتلال البريطانى لمصر بعام واحد.

“سقنن رع ” أجريت عليه الكثير من الأبحاث الأثرية التى أثبتت موته وهو يدافع عن قضية وطنه رغم ما ناله الكثير من التعذيب الوحشي على يد أعدائه…

هناك نصاً تاريخياً للمؤرخ المصرى مانيتون السمنودى، الذى عاش فى أوائل القرن الثالث قبل الميلاد يقول ” تجرأ قوم من أصل وضيع من الشرق على غزو بلادنا، وقد كان مجيئهم أمرًا مفاجئًا، وقد تسلَّطوا على البلاد بقوة دون أن تقابلهم أى صعوبة وبدون نشوب واقعة حربية، وبعدما تغلَّبوا على قيادات الجيش أحرقوا المدن بوحشية، وأزالوا معابد إلهية من أساسها وساروا في معاملة الأهالى بكل قسوة”…

“بردية السمنودى” تؤكد مدى البشاعة التي تعرَّض لها المصريون وقتها، فهو يؤكد أن الهكسوس قتلوا بعض القوم وسبوا نساء وأطفالاَّ ، وفي نهاية الأمر نصبوا واحدًا منهم اسمه “سالاتيس” ملكاً على البلاد واتخذوا منف مقرًا لهم…

فى عام 1886م قام الأثرى “يوجين جريبولت” بفك لفائف مومياء الملك سقنن رع ليكشف لأول مرة عن معلومات مهمة في تقريره الذي أثبت فيه أن الجسد حالته سيئة للغاية، وهناك جروح بالجسد خاصة الجمجمة مما توحي بعملية تمثيل ووحشية قبل قتله.

وأثبت التقريرأن الجسد به جرح فى الجبهة بواسطة بلطة “هكسوسية على الأرجح” استنادًا على الأدلة الأثرية لأسلحة الهكسوس، كما يوجد جرح في الرقبة بواسطة خنجر، ولا يوجد جروح فى اليدين مما يشير إلى عدم استطاعته الدفاع عن نفسه وقت الوفاة…

ومن المعروف أنَّ “بردية ساليية” تؤكد اختفاء سقنن رع من السجلات التاريخية مما يؤكد وفاته فى أولى مراحل نضاله ضد الهكسوس وقد تسلَّم  القيادة من بعده ابنه الملك كامس أحد أبطال التحرير الذي لم يعثر على موميائه حتى الآن ليتولى الأمر بعدها ابنه الآخرالملك أحمس الذي خلَّدته الروايات التاريخية بعد تأمينه حدود مصر وتكوين جيش قوى حمى مصر من الأخطاروطرد الهكسوس بعد معركة كبيرة انتصر عليهم فيها..

وتدل الآثار الملك الباقية على أن قبره كان يرعاه كاهن جنازى يُدعَى “مس”  ، كما كان يرعى قبر الملك كامس أيضًا، وقد عثر على خاتم من الحجر الجيرى الخشن الصنع في ذراع أبو النجا، كُتِب عليه “سقنن رع”؛ والخاتم يستعمله الكهنة الجنازيون في ختم الأواني الخاصة بهم.

عن admin1

شاهد أيضاً

سراج الدين يكتب|مُنخفض القطارة

تايم نيوز أوروبا بالعربي|شوقي سراج الدين  اعتقد ان كل ما تم كتابته عن هذا المشروع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *