محمد خليفة يكتب: المصريون القدماء أول من برعوا فى فن “التحطيب”

اهتم أهلنا فى صعيد مصر بفن التحطيب وأصبح  هذا الفن عٌرفاً أساسياً في مناسباتهم وأفراحهم،  فالصعايدة ورثوه عن أجدادهم المصريين القدماء، فاللعبة تعود للعصور المصرية القديمة وتناقلتهٌ

الأجيال عبر آلاف السنين، وهو من الفنون التي كانت مهددة بالأندثار، لولا أن أدركته منظمة اليونسكو أخيرا وسجلته على قائمتها للتراث العالمي .

فالجد والقوة والشجاعة، سمات المصرى القديم، تؤكده الرسومات الموجودة على حائط معبد الكرنك بالأقصر، فهناك لو منقوشة تمثل الإله “حورس- إله الشمس” ابن الملك أوزيريس والملكة ايزيس”  وهو يعلَّم الملك “أمنحتب الثالث 1448 – 1420 ق . م ” هذه الرياضة الشعبية .

وعلى مقبرة أخرى نقوش تدل على اشتراك الملوك وأفراد الشعب من الفلاحين و غيرهم فى ممارسة تلك الرياضة ، كما توجد نقوش لها على مقابر بني حسن، وتونة الجبل بصعيد مصر.

وتصور النقوش المصريين القدماء وهم يمارسون التحطيب ، وكانوا يقومون بها كنوع من التدريب القتالى عند الحروب ، وللتسلية واللعب وقت السلم ، وكانوا ينزعون سلاح الحراب ويتدربون بالعصا على فنون الدفاع عن النفس والهجوم على الأعداء..

وتمر العصور لتصبح تلك اللعبة موروثاً شعبياً توارثته أجيال وراء أجيال، ربما تختلف فى محافظات عن أخرى، إلا أنَّه يظل التحطيب تقليدا أصيلا يساعد على التقارب والتماسك الاجتماعي بين العائلات المصرية ، ويمارسه الناس في المناسبات الاجتماعية والاحتفالات الدينية ، خاصة فى الصعيد حيث يعتبرونه وسيلة لترسيخ قيم الشجاعة والوفاء ، لا أداة للعنف أوالقمع.

فالتحطيب هوالرياضة الشعبية الأولى في جنوب مصر، حيث انتشرت مناظر التحطيب في جدران المقابر والمعابد، ومنها مناظر للتحطيب باستخدام عصا واحدة مسجلة على قطعة أوستراكا” آوانى فخارية” عثر عليها بدير المدينة” جزء من جبانة طيبة فى شمال وادى الملوك في محافظة الأقصر” وهناك أيضا منظر للتحطيب باستخدام عصا ودرع مسجل بمقبرة النبيل ” خرو إف ” في طيبة الغربية وكذلك مقبرة “امون مس بالبر الغربى”

وهناك  صوراً للتحطيب باستخدام عصاتين، مسجلة بمقبرة “مرى رع”  بتل العمارنة، ومما شهدته خلال سنوات عملى المناظر المسجلة بمعبد رمسيس الثالث وفي معبد مدينة “هابو”، في الأسرة العشرين من عصر الدولة الحديثة “1152-1183 ق. م” وهو تصوير لمجموعة من الجنود وهم يتبارزون بالعصا، كما شهدت مناظرفى عهد الملك “إخناتون” الشهير للتحطيب بمعابد الكرنك مسجل على كتلة من الحجر الرملي بالمتحف المفتوح تمثل شخصين يقومان بالتحطيب.

وتشير النصوص القديمة إلى أن القدماء كانوا يستخدمون لفافات أوراق  البردى حتى لا يصاب اللاعب بالأذى وكان يصاحب اللعبة خلفية موسيقية، وتطورت اللعبة بعد ذلك واستبدلت لفافات البردي بالعصى الخشبية.

فالمصريين القدماء صوروا هذه الرياضة على جدران معابدهم وكانوا يهتمون بتعليمها للجنود إذ كان التحطيب أساسا للتدريب على الأسلحة ويعتبر التحطيب في مصر القديمة طقس من الطقوس المنتظمة التي تؤدى في الأعياد الدينية والاحتفالات الشعبية والأفراح وأوقات السمر واللهو، وكانت الفتيات يقمنَّ بعزف الموسيقى أثناء قيام الرجال بالتحطيب.

كانت عصى التحطيب في مصر القديمة تعبر عن النبل والشجاعة وحفظ الحقوق وإقرار السلام وحفظ النظام والتوازن وعلو الهامة وطيب السمعة والمكانة، وفي كثير من مقابر المصريين القدماء نجد تصوير لعبة التحطيط سواء في طيبة الغربية أو أبيدوس أو مقابر أسيوط والجيزة وغيرها، وأن العصي كانت تصنع بداية من أغصان البردى ثم تطورت لتصنع من أنواع مختلفة من الأخشاب، وكان لا يسمح لأحد بلعب التحطيب قبل أن يتعلم جميع قواعدها وأصولها.

وتدور العقود لتنتقل اللعبة الى عصور جديدة حملت معها رائحة الأجداد القدماء، فأرتوينا برائحتهم الجميلة  وحملنا تراث التاريخ القديم، فلم تقتصر هذه اللعبة على عصور القدماء المصريين فقط، بل رأيناها في العصر الإسلامي مصورة من خلال  مخطوط مملوكي لألعاب الفروسية يرجع للقرن التاسع الهجري” 9 هـ- 15م”  وهو محفوظ في متحف الفن الإسلامى بالقاهرة يضم هذا المخطوط خمس تصاويرتمثل رجالا يتبارزون بالعصي، أما مترجلين أو على ظهور الخيل.

عن admin1

شاهد أيضاً

  الــ تيك توك والــتوكتوك (1-2)

  مابين الــ «تيك توك» والــ «توك توك» وانحدار منظومة الأخلاق العربية المعاصرة!! مع أن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *