مصر واعية بالمؤامرة | أشرف عقل (2)

أجرى الحوار بالقاهرة | عباس الصهبي

مصر..” واعية” بالمؤامرة!

قاطعته؛ لأسأله: وهل الدبلوماسية المصرية على علم ووعي بذلك؟! بسرعة؛ أجاب: مصر تعرف هذه النزعة الإسرائيلية، لذلك تحلَّت القيادة المصرية بالحكمة والصبر الإستراتيجي؛ وكلنا نذكر كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام الحضور في حفل تخريج طلاب الكليات العسكرية، مساء الجمعة 13 أكتوبر/ تشرين الأول، 2023؛ فقد اتسم بالحسم ورباطة الجأش، وأكد أن مصر لن تسمح لإسرائيل بتحقيق هذا الغرض الإستراتيجي الخطير؛ وتقوم مصر الآن بمشاورات واسعة، وتنسيق على مستويات إقليمية غير مسبوقة مع كل من إيران وتركيا؛ وتَجَسد ذلك في بيان مصري ــ إيراني مشترك حول مكالمة هاتفية بين وزيريْ خارجية البلدين مساء الثلاثاء 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كما تجسد بعده من خلال استقبال وزير الخارجية التركي، عصر السبت 14 أكتوبر/ تشرين الأول، في قصر التحرير الكائن بميدان التحرير وسط القاهرة (مقر وزارة الخارجية المصرية القديم).

” حماس”.. أيَّدت “السيسي”!

واستطرد سعادة السفير؛ قائلاً: في كلمته مساء السبت 14 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي؛ ثمَّن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس- إسماعيل هنية- الموقف المصري الذي اتخذه الرئيس السيسي، وبدا أن مصر تفهم المُراد الإسرائيلي المكشوف؛ لذلك قال “هنية”؛ وبالحرف الواحد: “لا هجرة من الضفة ولا من” غزة”، وأقول لا هجرة من “غزة” إلى مصر، وأحيي الأشقاء في مصر، وأقول لإخواني في مصر إن قرارنا أن نبقى في أرضنا، وإن قراركم هو قرارنا”! وأضاف السفير: يُفهم مما سبق أنه يوجد “إعجاب حمساوي” بما اتخذته القاهرة من إجراءات حكيمة، خاصةً أن مصادر مصرية مطلعة قالت لقناة “القاهرة الإخبارية” إن السلطات المصرية رفضت السماح للرعايا الأجانب المقيمين في “غزة” بالمرور من معبر رفح البري، وإن الرعايا الأجانب انتظروا عدة ساعات أمام المعبر، دون استجابة من قبل السلطات المصرية ليغادروا من حيث أتوا، وإن السلطات المصرية رفضت أن يكون المعبر مخصصاً لعبور الأجانب فقط، وإن الموقف المصري واضح، وهو اشتراط تسهيل وصول وعبور المساعدات لقطاع غزة!

المجازر مُستمرة

قلت له: والآن، ماذا عن “الوضع الراهن”؟ فقال: نتج عن عملية “طوفان الأقصى” قرار سعودي بتعليق محادثات التطبيع مع “إسرائيل”، وكان ذلك ما نشرته “وكالة الأنباء الفرنسية”، مساء السبت، 14 أكتوبر/ تشرين الأول، 2023؛ ومازلنا نرى الآن، وبعد أكثر من أسبوعين؛ كيف تتوالى مجازر إسرائيل في فلسطين المحتلة، حتى أصبح القتل والتدمير شيئاً عادياً يصحو عليه الأطفال مذعورين من نومهم، ولا ذنب لهم إلا أنهم يعيشون في وطن محاصر من “سلطة احتلال” لا تحترم أبسط مبادئ القانون الدولي الإنساني، ورأينا في “يوم واحد” فقط- السبت الماضي- أنه راح ضحية السلوك الإسرائيلي العدواني 315 شهيداً، بينهم 90 طفلاً، و107 سيدات؛ تهدمت بيوتهم فوق رؤوسهم بينما كانوا نياماً من دون سابق إنذار من سلطات الاحتلال!! خديعة..

مزيد القتل!

 وعلى هذا النحو- يواصل سعادة السفير كلامه- ارتفع عدد الشهداء من قطاع غزة والضفة الغربية إلى ما يزيد على 5 آلاف شهيد منذ بدء العدوان الإسرائيلي؛ واللافت أن سلطات الاحتلال وجَّهت نداءها إلى سكان المحافظات الشمالية من قطاع غزة؛ وقالت فيه: “غادروا بيوتكم ولا تعودوا إليها حتى إشعار آخر”؟!؟!! وفوق ذلك طالبت سلطات الاحتلال المواطنين الفلسطينيين في شمالي القطاع بإخلاء منازلهم والتوجُّه إلى المحافظات الجنوبية (القريبة من بوابة رفح المصرية)؛ لكن المدهش أن قنابل طائرات الاحتلال الإسرائيلي كانت في انتظار من رحل من المدنيين، تماماً مثل من بقي منهم!! فقد قصف طيران إسرائيل النازحين في طريقهم إلى الجنوب، واستمرَّ في قصفهم حتى بعد وصولهم إلى مدينة “خان يونس” التي تعتبر إحدى مدن الجنوب التي صَدَّق بعض سكان الشمال”نداء الاحتلال فنزحوا إليها؛ دون أن يعرفوا أن نهايتهم ستكون فيها!! ولا.. أفلام “الزومبي”!!  وبابتسامة مريرة، علَُق سعادة السفير؛ قائلاً: لم يكن سكان “غزة” يعرفون أنهم سيصبحون أبطالاً لمشاهد أكثر بشاعة من أفلام “الزومبي”(أفلام رعب مخيفة جداً للكبار) لا تخطر على بال أكثر مخرجي سينما “الرعب” دمويةً ووحشية؛ وفي الضفة الغربية وقطاع غزة أصبحت “الأكفان” الصغيرة، وبحجم ذراع واحدة؛ أمراً مألوفاً يراه كل من يمرُّ أمام المستشفيات والوحدات الصحية؛ وقد أكدت وزارة الصحة الفلسطينية أن 60 ٪ من المصابين والشهداء في قطاع غزة والضفة هم من الأطفال والنساء؛ وزاد من تفاقم الأزمة أن إسرائيل قطعت كل موارد الحياة عن المدنيين العُزَّل من السلاح، وبما في ذلك قطع شامل للغاز والمياه والكهرباء والاتصالات!!

المقابر.. لا تتسع!

لقد أصبح الوضع في “غزة” كارثياً- ولا يزال الكلام لسعادة السفير- على المستوى الإنساني؛ إذ فاقت أعداد الإصابات كل إمكانات المستشفيات والوحدات الطبية بالقطاع؛ ونعلم ما أفاد به مراسل “القاهرة الإخبارية” في قطاع “غزة”؛ من أن المقابر لم تعد تتسع حتى للشهداء الذين امتلأت بهم القبور، ما ينذر بكارثة لم تشهدها الإنسانية منذ عصور الظلام!! وفي ظل كل هذه التحديات تواصل مصر بقيادة حكيمة وبصيرة نافذة من الرئيس السيسي ومؤسسات دولتها الراسخة موقفها الثابت الداعم لحقوق أبطال شعب فلسطين؛ كما دعت القاهرة جميع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية الراغبة في دعم فلسطين إلى إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية لمطار العريش الدولي!!

عودة.. تاريخ النازية!

قلت لسعادة السفير أشرف عقل: يشير الوضع الحالي إلى أن سلطة الاحتلال الإسرائيلي “مسئولة” أمام القانون الدولي الإنساني؛ فقاطعني؛ قائلاً: وأمام التاريخ، فهي مسئولة عن كل تلك الفظائع بحق المدنيين وبحق النساء والأطفال؛ وإذا أراد العالم أن يفهم سبب الصراع، وتشخيص سليم للمرض الراهن في القضية الفلسطينية؛ فعليه أن ينظر إلى إسرائيل التي تحاول تجاوز “المرَض” لتعالج “العرَض” على حساب المدنيين الأبرياء؛ وهكذا تعيد إسرائيل التاريخ بالحرف الواحد، فما تقول إن النازيين فعلوه مع اليهود في عصور ظلمات النفس البشرية قبل نحو 80 عامًا تفعله اليوم مع المدنيين العُزَّل من السلاح في فلسطين؛ وإن كان الملاحظ هنا أن إسرائيل لا تدرك أن من يُقْدِم على مثل هذا النوع من التطهير العرقي مصيره إلى “الهلاك” و”الزوال”، تمامًا كمصير النازيين الذين احتلوا أوروبا إبان الحرب العالمية!!

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

الهجرة غير الشرعية | بدائل آمنة

وزيرة الهجرة تستعرض تقريرًا عن منجزات المركز المصري الألماني للوظائف والهجرة وإعادة الإدماج السفيرة سها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *