مراكش | سعيد السبكي
“جامع الكتبية أو صومعة الكتبية من الآثار العمرانية الموحدية بمدينة (مراكش) بُني بتكليف من الخليفة الموحدي “عبد المومن بن علي الكومي عام 1147م. . يوضح الشكل المعماري للصومعة تأثره بالفن المعماري الأندلسي المُتميز بالزخرفة ذات الطابع الإسلامي، وينتظم في قاعة للصلاة مُستطيلة الشكل تضم سبعة عشر رواقا موجهة بشكل عمودي نحو القبلة، تحملها أعمدة وأقواس مُتناسقة وتيجان فريدة تذكر بتلك التي نجدها بجامع القرويين بمدينة فاس. ويشكل التقاء رواق القبلة بقبابه الخمس والرواق المحوري تصميما وفيا لخاصيات العمارة الدينية الموحدية التي كان لها بالغ التأثير في مُختلف أرجاء الغرب الإسلامي.
هو من المعالم الإسلامية الراسخة في تاريخ المغرب الموجودة في قلب مدينة مراكش النابض، وللمسجد تاريخ ضارب في عهد حضارات قديمة وبقى هو شاهداً على تاريخها.
تسمية مسجد الكتبية موستوحاة من نوع النشاط في المساحة القريبة من المسجد ،وهم الكتابون والخطاطون والكتبيون، كما كانو يسمون قديماً وقد تم بنائه في عهد الدولة الموحدية في عهد خلفيتها “عبد المؤمن بن علي” في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الميلادي،ويقول صاحب الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية: ” فبنى عبد المومن بدار الحجر مسجدا آخر، جمع فيه الجمعة، وشرع في بناء المسجد الجامع، وهدم الجامع الذي كان أسفل المدينة الذي بناه علي بن يوس ويُعتبر جامع الكتبية من أهم جوامع المغرب.
هو ذو أبعاد استثنائية، حيث يشغل مساحة 5300 متر مربع وفيه 17 جناحًا و11 قبة مزدانة بالنقوش. فيه أعلنت قرارات السلاطين المهيبة وجرت كبريات الأحداث. الجامع ومئذنته المزخرفة في أجزائها العليا بإفريز خزفي مطلي بلون الفيروز أصبحا رمزًا للمدينة. أما منبر الكتبية الجليل فهو مزوّد بنظام آلي للحركة يعتبر من روائع فن النجارة الإسلامية. وقد صنع هذا المنبر في قرطبة في بداية القرن الثاني عشر بطلب من الأمير المرابطي “علي بن يوسف بن تاشفين” من أجل الجامع الذي انتهى من بنائه في مراكش. نقل المنبر إلى الكتبية نحو سنة 1150م.
المكان
يقع مسجد الكتبية في شارع محمد الخامس، أمام قصر فوكولد على بعد 200 متر تقريباً غرب سوق جامع الفنا، من أشهر أسواق المدينة، والذي تأسس منذ إنشائها . من الغرب والجنوب للمسجد حديقة زهور شهيرة، وعبر شارع حمان الفطواكي يوجد ضريح صغير، بسيط البنية، لأمير المرابطين يوسف بن تاشفين، وهو يعتبر واحداً من أعظم بناة مراكش.
في ساحة المسجد، التي تعود إلى جامع الفنا، يمكن رؤية أنقاض أول بناء لمسجد الكتبية. على الجانب الشمالي من المسجد الأصلي، تم اكتشاف جزء من محيط قصر الحجار، وهو الحصن الحجري الأصلي الذي بناه “أبو بكر بن عمر”، المرابطي الذي أسس المدينة عام 1070. يظهر اليوم أيضاً، في الركن الشمالي الشرقي من هذه الأنقاض، جزء من البوابة الحجرية الضخمة لقصر علي بن يوسف السابق، الذي تم الانتهاء منه عام 1126 إلى جانب القلعة قبل أن يتم هدمها بواسطة الموحدين لإفساح المجال لمسجدهم الجديد.
أصل الاسم
جميع الأسماء التي أُطلقت على جامع الكتبية ونطقها، بما في ذلك جامع الكتبية، الكُتبية، الكُتُبية، معتمدة على الكلمة العربية الكتبيين، أي “بائعي الكتب”. ويعكس جامع الكتبية تجارة الكتب رفيعة الشأن التي كانت تمارس في السوق المجاور. في وقت ما، كان هناك حوالي 100 بائع كتب في الشوارع المجاورة للمسجد.
نبذة تاريخية
استولى الموحدون على مدينة مراكش بعد وفاة قائد المرابطين علي بن يوسف عام 1147.ولم يرد الموحدون الإبقاء على أي أثر للمعالم الدينية التي بناها الموحدون، عدوهم اللدود، حيث كانوا يعتبرونهم هراطقة. عبد المعين، الذي فاز بتلك المنطقة، كان مسئولاً عن بناء مسجد الكتبية الأول على أراضي قصر علي بن يوسف السابق في جنوب غرب المدينة.
بُني أول مسجد بين عامي 1147 و1154 واكتمل بناؤه عام 1157. أُعيد بناء هذا المسجد في عهد الخليف الموحد يعقوب المنصور، وفي منتصف عملية الإنشاء عُرف أن اتجاه المحراب غير موجه نحو القبلة،وشهد المسجد الكثير من التعديلات حتى نهاية القرن 12، عندما هزم الأندلسيون الموحدين. كانت مشكلة القبلة أمراً بسيطاً، حيث كان بإمكان المصلين دائماً ضبط اتجاههم عند إقامة الصلوات في الباحة، لكن تم اتخاذ قرار بناء مسجد جديد بجانب المبنى الأول.
وقد أكتمل المسجد الأول بينما كان المسجد الثاني تحت الإنشاء. بُني المسجد الثاني مطابقاً للمسجد الأول باستثناء اتجاهه. المخطط، التصميمات المعمارية، النقوش، الأبعاد والخامات المستخدمة للإنشاء كانت متطابقة.و ظل التصميم ومخطط المنارة هو نفسه في المبنيين. بينما كان اتجاه المحراب في المسجد الأول منحرف خمس درجات عن اتجاه القبلة، ففي المسجد الثاني كان الاتجاه منحرفاً 10 درجات، وبالتالي كان اتجاه بعيداً عن القبلة أكثر من المسجد الأول.
صليت الجمعة في هذا المسجد الرائع . وأكثر ما لفت نظري كثرة الأعمدة فيه وضخامتها , حقاً كم إشتقت إلى مراكش يكل ما فيها من عجائب .. حقيقة رحلة لا تنسى في عمق التاريخ .