كتب : الشاعر | عباس الصهبي
سيداتي.. سادتي الأحباء
مستمعي «راديو تايم نيوز أوروبا بالعربي»
تحية طيبة..وبعد:
لقد حفظت الأجيال قصيدة أمير الشعراء أحمد بك شوقي عن السودان؛ والتي جاء في مطلعها:
«وقى الأرض شر مقاديره . . لطيف السماء ورحمانُها
ونجَّى الكنانة من فتنة . . تهددت النيل نيرانُهــــــا»!
وكان مطلع هذه القصيدة::
«نَجا وَتَماثَلَ رُبّانُها . . وَدَقَّ البَشائِرَ رُكبانُها
وَهَلَّلَ في الجَوِّ قَيدومُها . . وَكَبَّرَ في الماءِ سُكّانُها»!
وحين يأتي شاعر من أحفاده، وفي قرن لاحق، هو قرننا الحادي والعشرين؛ فيحزن-كحزن شوقي وربما أشد- على ما أصاب سوداننا الشقيق الحبيب؛ فيتذكر قصيدة شوقي العصماء عن السودان، ويكتب قصيدته هو الآخر على نفس “وزن وقافية” قصيدة شوقي، وبعد مرور قرن تقريباً من الزمان؛ فإنه لا يكون بذلك قد عارض شوقي، وهيهات أن يمكن لأحد أن يعارضه، وهو أمير الشعراء في عصره ولكل العصور القادمة؛ ولكن هذا الشاعر الجديد، والذي أتشرف فعلياً أن أكونه الآن؛ يسعى لأن يدرك بوعيه أهمية «استدعاء التراث العربي»، وخاصةً في الكوارث والنازلات التي باتت تصب على رؤوس العرب في زمننا الحالي..
إن لدينا من تراث عظماء شعرائنا الخالدين قصائد خالدة، تُغطي كل مناسبات وظروف الحياة؛ ما يجب معه «استدعاء أصوات» تلك القصائد الخالدة في «أصوات قصائدنا الجديدة» عبر ما أُسميه، وبتعبيرنا المعاصر: «ريبرتوار» شعري، أو مصنف شعري خالد سبق تقديمه في مناسبة سابقة مشابهة، وكان هذا منهجي، والحمد لله؛ حين قدمت مطولتي الشعرية «نهج نهج البردة» على نفس وزن وفافية «نهج البردة» لأمير الشعراء أحمد بك شوقي التي عارض بها «بردة» سيدي الإمام البوصيري في مدح رسولنا الكريم عليه صلوات الله وسلامه.
والآن إلى : قصيدة السودان
قصيد ة : الســــــــــــــــودان! شعر | عباس الصهبي
كَفَىٰ لِلْعُـــــــرُوْبَةِ أَحْــــــزَانُهَا
دَمَــــــارٌ يُعَانِيهِ سُـوْدَانُــهَا
بِلَادُ النَخِيـلِ وَأَرْضُ النَمَـــاءِ
بِـ«نِيْلَيْـنِ» تَفْخَرُ شُطْـآنُــهَا
***
وَمَهْدُ الحَضَارَةِ مَجْدُ الكَرَامَةِ
.. أَخْلَاقُهَـا الشُـــــمُّ عُنْوَانُهَا
وَأَبْنَاؤُهَا السُمْرُ بِيْضُ القُلُوُبِِ
شَــهَامَتُهُمْ.. أَيْـنَ أََقْرَانُهَـــا؟!
فَمَاذَا جَرَىٰ كَيْ يَشِيعَ الدَمَارُ
وَلِلْفِتَـنِ الشُـــــؤْمِ أَعْوَانُهَـا؟!
***
سَـــلَامٌ عَلَيْــكِ بِلَادَ الجَمَــالِ
وَقَـاكِ عَلَىٰ الأَرْضِ رَحْمَانُهَــا
أَصَابَتْكِ لَعْنَةُ «سِحْرِ الجَمَالِ»
أَمِ الحِقْــدُ أَبْـدَاهُ خُوَّانُهَـــــا؟!
أمِ الطَمَـــــــعُ المُسْتَزِيـدُ ثَـرَاءً
لِمَنْ سَـاءَهُمْ أَنْ عَـلَا شَانُهَــــا
***
أَمِنْ أَجْلِ شَعْبٍ أَرَادَ الحَيَاةَ
تَدُوُرُ الحُــرُوُبُ وَنِيْرَانُهــــــــا
أََمِنْ أََجْلِ حُـــرِّيةٍ وَانْطِـلَاقٍ
تَمُـــوُتُ الشُـعُوُبُ وَفِتْيَانُهَـا؟!
وَمِنْ أَجْلِ مَاذَا تُقَامُ الجُيُوُشُ
وَيَأْتِيٖ البُطُوْلَاتِ فُرْسَـانُهَـــا؟!
أَلَيْسَ لِيَحْمِيٖ الجُنُودُ الشُعُوُبَ
فَيُـرْفَعُ لِلِمَجْـــــدِ نِيْشَانُهَـــــــا
إِذَا الجَيْشُ لَمْ يَحْمِْ شَعْبَاً بَنَاهُ
نَـرَىٰ الأَرْضَ تَخْتَـلُّ أََوْزَانُهَــــا!
***
حَمَىٰ اللَّهُ سُوْدَانَنَا مِنْ دَمَــارٍ
وَوُفِّـقَ للرُشْـــــــــــــدِ رُبَّانُهَــــا
وَأَنقَـذَ أََحْبَابَنَـا مِنْ كََــوََارِثَ
.. عَـزُّ عَلَىٰ الدَمْــــعِ كِتَمَانُهَـــــا
أَلَمْ يَكْفِ يَا عَرَبَ العَصْرِ حُزْنَاً
بِنَا القُدْسُ ضَاعَتْ وَإِذْعَانُهَــا؟!
أَلَمْ يَكْفِ حُزْنُ العُرُوُبَةُ حَتَّىٰ
يُضَافَ إِلَىٰ الدَمْـعِ سُوْدَانُهَـــا؟!
***
شعر رصين ، جزاك الله عن اهل السودان خيرا