سرقات أدبية

إمام في امستردام (1)

كتب | سعيد السبكي

لقد حاز الفيلم السينمائي همام في أمستردام إعجاب من شاهدوه، ذلك العمل الذي غلبت عليه سمات الكوميديا بهدف تسويقه وتحقيق أرباح مالية من وراءه، والشريحة الإجتماعية الأولى التي وجدت نفسها في الفيلم هي مُجتمع المصريين في هولندا.

ما لا يعرفه غالبية من شاهد الفيلم أن قصته مسروقة من رواية ” مملكة العبيد “ للكاتبة الصحفية الروائية فكريه أحمد التي نُشرتها عام 1996،وهى رواية لأبطال حقيقين كتبتها الصحفية شهادة حية لاقترابها من شباب وشابات في العاصمة الهولندية أمستردام آنذاك، منهم مازال على قيد الحياة وبعضهم رحل عن الحياة.

ولقد سبقت الكاتبة تسجيل مواقف واقعية ومشاهد بنشر تحقيق صحفي بعنوان ” ليالي البؤس في هولندا” فى جريدة الوفد المصرية، خاضت فيه بمشرح الجراح جسد مُجتمع المصريين، كاشفة المستور بجرأة أدهشت الكثيرين، وأغضبت البعض ممن هم فئات قليلة بسبب شعورهم ويقينهم ان السكين الإعلامي قد يقترب من رقاب أسرارهم وفسادهم الأخلاقي والمالي والمُجتمعي وتعرية وجوههم القبيحة.

من هؤلاء الذين أخفوا شخصياتهم الحقيقية ( مُدعي انه ناشط سياسي – مُعارض – مُعتقل سابق بسبب آراءه الفكرية – كاتب صحفي – وكثير من المهن والمناصب والخبرات الوهمية الكاذبة …… الخ ).

أنا شاهد على العصر، فقد كُنت قريب ووسط الأحداث ومن سجلتها ومازلت في الساحة أتابع بنفسي، وأحتفظ بما يصلني من وثائق ومُستندات وصور وأدلة لأعمال فساد، بعضها يصل لجريمة الخيانة العُظمى.

كُنت وقت عرض فيلم “همام في أمستردام” أنا وزوجتى في حينه زميلتي فكريه أحمد غاية في الإنشغال بأعمال صحفية مثل قضية البوسنة والهرسك في منطقة البلقان وقضية لوكيربي، وكثير من القضايا المهمة، وتغطية أحداث لجريدة الوفد المصرية وراديو البي بي سي وراديو فرنسا وعدد من وسائل الإعلام العربية الأخرى، إضافة لمسؤولية رعاية وتربية أولادنا وتأمين مُستقبلهم، لذلك اتخذنا قرار في حينه بعدم الدخول في قضية السرقة الأدبية لرواية “مملكة العبيد” لأن عملية التقاضي  بالمحاكم المصرية تستغرق وقت وجهد، ونحن أولى بادخار جهدنا لأعمالنا وحياتنا الاجتماعية وهذا أولوية.

الآن وبعد مرور سنوات على هذا الموضوع، وبعد أن خُضت معارك كشف فساد في هولندا وغيرها أعود بعد أن كنت قررت منذ حوالى سنة مضت ألا أهتم بالصغار وصغائر الأمور، أهتم بصحتي وعملي أفضل، لكن اتضح ان بعض المُتحذلقين والمنافقين والفاسدين في هولندا ” من أصول مصرية ” منهم من يتطابق في الصفات والأعمال مازال يمارس تلك الأعمال التي وردت في أبطال رواية مملكة العبيد، لذلك كانت هذه السطور بعنوان ( إمام في أمستردام ) ذلك الاسم الرمزي الذي لا يُشير لشخص بعينه لتكون رواية جديدة أبطالها على قيد الحياة في هولندا.

ولإنعاش ذاكرة القارئ سأنشر تباعاً البعض من سطور رواية مملكة العبيد وربما أنشرها كاملة ان كان فى العُمر بقية، حتى أضغ القارئ حكماً في قضية سرقة أدبية، كما سألقي الضوء من وقت لآخر على أبطال على قيد الحياة في رواية ( امام في أمستردام ) مُستخدماً أسماء مُستعارة أو بالاشارة للأحرف الأولى، وكما يقول المثل المصري المتداول ” الحدق يفهم ” .

مملكة العبيد

إهداء

إلى روح أمي التي بـكـت دائمـا لسفري عـنـهـا ولـم تمهلني غربتي لوداعها إلى مثواها الأخير… إلى أبي الذي تعلمت بعضاً من صبره وتضحيته … إلى روح أستاذی مصطفی شردی .. باقة وفاء وعرفان …. إلى ولدي باسل وسامر حصيلة بعض عمري … وإلى زوجي سعيد السبكي الذي يرافقني رحلة الاغتراب . وإلى أساتذتي جمال بدوی ، عباس الطرابيلي . سعيد عبد الخالق . الذين قدموا لي دائمـا الـعـون والتشجيع على النشر. إلى هؤلاء جميع . أهدى هذه الصفحات

كانت عيون الليل يداعبها النعاس ، والهلال يتواري على استحياء بين أفرع النخيل، فيلقي ظلالا باهته على البيوت والأراضي المترامية التي تحملها الخضرة من كل جانب، رعشة الشتاء أوت الناس للرقاد أو التكور حول مواقد التدفئة فخيم الصمت كنور الهلال على كل شئ.

تسلل شبح لشاب نحيف خارج من داره، هرول وهو يتلفت من حين لأخر خلفه خوفا من أن يلمحه أحد، وصل إلى مأربه ، نقر بأصابعه النحيلة على خشب النافذة المشاكل، نقرات متفقاً عليها . ظهرت من خلف النافدة بن معروفة سمراء ممسكة بلفة ، التقط الشاب اللفة  في لهفة وقفل عائدا من حيث أتى بذات الهرولة ولم يلتقط أنفاسه إلا حين وصل لغرفته وغلق بابها خلفه في احكام، وفي نهم فض اللفة التي جاء بها وأخذ يلتهم مابين سطورها من كلمات.

منذ أدرك فك الأحرف وتعلمت يده الكتابة وهذا العلم لم يفارقه، أن يكون صحفيا أو كاتبا لامعا كمن كان يقرأ لهم في روايات مغامرات الأطفال صغيرا ثم في الصحف والمجلات وهو يافع وأن يملا اسمه صدر الصحف وتصير مُغامراته حدیث کل لسان وقد كبر الأمر في رأسه خاصة وقد شهد له مدرسوه بالنبوغ في اللغة العربية، وأن به شيئاً من موهبة الكاتب، فكان يحظى بالدرجات النهائية في الإنشاء واشتهر بين زملائه وأصدقائه برومانسيته وعشق هو القراءة – قراءة أي شيء يقع تحت يده، حتى ورق الصحف القديمة التي يشتري فيها الأشياء .

 رغم ذلك تعثر في دراسته الاعدادية فغير أبوه مسار تعليمه من الثانوي العام إلى الدبلوم التجاري المتوسط، ولم يتوقف عن الأحلام في كل مساء يتسلل هشام من داره منزل الأستاذ كامل مدير الجمعية الزراعية، يطرق بأصابعه على النافذة، وفي صمت تمتد يد كامل من خلف النافذة بلفافة الصحف فيلتقطها هشام بلهفة ويهرول عائدا للدار قبل أن يشعر أبوه بغيابه، وعلى ضؤ المصباح الخافت يلتهم ما في الصحف سطرا سطرا وكلمة كلمة . فهي غذاؤه اليومي الذي ينتظره طيلة النهار حيث يجمع له الاستاذ كامل كل الصحف اليومية التي انتهي من قراءتها هو وزملاؤه، ويذهب له هشام كل مساء لاستلامها، وقد صار هذا الأمر عادة يومية، وأحيانا يذهب لنافذة كامل ويعود بخفى حنين، وذلك عندما يكون بائع الصحف قد تغيب هذا النهار لسبب أو آخر.

المزيد :

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

الهجرة غير الشرعية | بدائل آمنة

وزيرة الهجرة تستعرض تقريرًا عن منجزات المركز المصري الألماني للوظائف والهجرة وإعادة الإدماج السفيرة سها …

4 تعليقات

  1. وسام السبكي

    ياااااااااه.. ده فات زمن على الموضوع ده، بس كويس، خلي كل حاجه تظهر للناس

    • طبعا معاك كل الحق انه مر زمن طويل على هذا الموضوع ولكنه للتاريخ ولإعطاء كل ذي حق حقه مهما كانت الظروف والمُلابسات . . تحياتي لك ابن وأخ وصديق وقارئ

  2. محمود الشربيني

    صباح الخير
    كل التقدير لكما ولتجربتكما الصحفية سواء فى الوفد فى القاهرة أو فى هولندا .زميلة وصديقة عزيزة وزميل وصديق عزيز . ومن حقكا كشف المستور وكتابة فصل اخير فى القصة المحزنة ، ذلك أن الحق الادبى هو أغلى مايملكه الكاتب وهو راسماله الذي يعينه فى الحياة لان التقدير الأدبي يستتبعه حق مالى وقد حصد اصحاب الفيلم المذكور ايرادات خيالية .
    مرة اخري تحياتي لكما وتقديري العميق لكما انسانيا ومهنيا
    محمود الشربيني – كاتب وصحفى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *