إغتيال شيرين أبو عاقله | رساله موجهة لقتل حرية الصحافة في عيدها

اغتيال شيرين ابو عاقله رسالة موجهة لقتل حرية الصحافة في عيدها

رَصاص الاحتلال قتل 48 صحفيا منذ عام 2000  لمنعهم من توثيق جرائمهم

بقلم : فكرية احمد

سقط من يدك الميكرفون الصغير، وتجمدت الكلمات عبر الأثير، فلم تصل رسالتك الأخيرة كاملة عبر صوتك للجمهور، لكنها وصلت للعالم كله عبر جسدك المخضب بالدماء وروحك الصاعدة للسماء، شرين أبو عاقلة أيتها الشابة والمناضلة العفية، الموت كان يترصدك في فنجان قهوتك، وفي مفتاح شقتك وفي أزهار شرفتك، وفي ورق الجرائد والحروف الأبجدية، ها نحن يا شهيدة الصحافة ندخل مرة أخرى لعصر الجاهلية، ها نحن كما قال الشاعر نذار ندخل في التوحش والتخلف، والبشاعة والوضاعة، ندخل مرة أخرى عصور البربرية، حيث كتابة الحقيقة  ونقل أخبار الغزاة رحلة بين الشظية والشظية، حيث اغتيال فراشة في حقلها صار لدى الاحتلال هو القضية، دماؤك الطاهرة الزكية، ستكتب الأحرف الحمراء في كل الأماكن التي مررتي بها بمدن فلسطين وفي سراديب المعتقلات والأراضي المقدسية، دماءك سترسم الحروف على الأحجار الصغيرة بالطرقات ، ليلتقطها أطفال فلسطين، ويطلقونها في وجه تتار العصر قذائف قويه، صوتك الأخير سيظل يصرخ عبر الأثير، هنا سقطت من جديد ضحية، لتلحق بألف بل آلاف ضحية، وستظل روحك شبحاً يطاردهم في الأزقة والدروب،  تثير بهم الرعب حتى ينتصر صاحب الحق المغلوب.

كانت أخر رسالة عبر الميل لزملائك يا شيرين الأربعاء 11 مايو السادسة صباحاً حيث أعتدتي الصحو باكر لترصدي عن قرب تفاصيل وحشيتهم المتجددة، كانت رسالتك، أنا في طريقي إلى جنين، قوات الاحتلال تحاصر منزلاً، وهرولت إلي هناك بكل الإصرار والعفوية والمهنية الصحفية،  حيث كان ينتظرك رَصاص الغدر والوحشية، لم تحميك أدبيات المهنة، ومن قال أن لهم أدبيات يحترمونها، فقد كنت ترتدين الصديري الواقي وقد كتب عليه بالخط العريض ” صحافة”، لكنهم لا يقرأون سوى كلمات القتل، ولا يرون سوى لون الدم، فصوب القناص الملعون رصاصه مباشرة إلى رأسك، لتسقطي وفي يدك سلاحك الوحيد “المايك”، فلم تذيعي عنهم خبراً جديدا للغشامة والصلافة والنازية، ولكنك وثقت بروحك جريمة أخرى للوحشية.

وسقط بجانب زميلك على السميدي مصاباً برصاصهم في ظهره لينقل إلى المستشفى ، يعتقدوا انهم قتلوك واسكتوا للأبد صوتك، وينسون أن صوتك سجل لهم ألاف الإقتحامات والغارات والهجمات وهدم البيوت على رؤوس العزل، وقتلهم الأطفال بكل تلذذ وسادية، ينسون أن التاريخ لا ينسى، حتى وان تجاهل حكام العالم الغربي

مقتل شيرين أبو عاقلة

تفاصيل الجريمة، وتواطئوا مع البربرية بالصمت المهين.

 شيرين أبو عاقلة 51 سنه من مواليد القدس المحتلة عام 1971 ، وهي حاصلة على درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من جامعة اليرموك بالمملكة الأردنية الهاشمية، بدأت حياتها الصحفية في إذاعة فلسطين وقناة عمان الفضائية،  وتعد من  الرعيل الأول من المراسلين الميدانيين لقناة الجزيرة، حيث التحقت بالقناة عام 1997، أي بعد عام من انطلاقها، وعلى مدى ربع قرن كانت أبوعاقلة في قلب الخطر لتغطية حروب وهجمات واعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، وتروي أن من أكثر اللحظات التي أثرت فيها هي زيارة سجن عسقلان، والاطلاع على أوضاع أسرى فلسطينيين، حيث قضى  بعضهم أكثر  من 20 عاما خلف القضبان، حيث عبر القناة لكل العالم المآسي والعذاب الذي يلاقونه، كما التقت بذويهم لتكشف الجانب الإنساني الأخر لأسر الأسرى، وكانت تصرح مراراً بأن  الاحتلال الإسرائيلي دائما ما يتهمها بتصوير مناطق أمنية، وتؤكد أنها كانت دائما تشعر بأنها مستهدفة،  وأنها في مواجهة مباشرة مع كل من جيش الاحتلال والمستوطنين المسلحين.

وقد فجر اغتيال شيرين أبو عقلة غضب الصحفيين العرب وأصدرت النقابات الصحفية بيانات التنديد بهذه الجريمة الشنعاء في حق ، وقالت نقابة الصحفيين الفلسطينيين أنها تنعي الشهيدة إلى الأسرة الصحفية والشعب الفلسطيني وكل أحرار العالم

وحمّلت النقابة في بيانها الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة البشعة بحق حريّة الصحافة، في الوقت الذي يحتفل به العالم وكل الصحفيين باليوم العالمي لحرية الصحافة والموافق 3 مايو،  وهو  عمل مقصود ومدبر وعملية اغتيال حقيقة كاملة الأركان، الأمر الذي يستوجب التحرك لحماية الصحفيين من أعمال القتل التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ، كما تأتي تلك الجريمة في الذكرى الأولي لتدمير أكثر من 40 مؤسسة إعلامية واستشهاد الزميل يوسف أبو حسين، وتدمير برج الجلاء، ومقر الجزيرة بغزة، ووكالة الصحافة الأميركية ، مما يؤكد استمرار الاحتلال في جرائمه، داعية الصحفيين في كل العالم إلى التضامن مع الحدث ، واستمرارها في الإجراءات القانونية لملاحقة قادة الاحتلال أمام المحاكم الدولية، على جرائمهم الوحشية ضد الصحفيين.

قوات الإحتلال الإسرائيلي تقتل الصحفيين

فيما اعلن  المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان،  أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال بانقضاء الربع الأول من عام 2022، يمتهن وبلا رادع سياسة إخراس الصحافة في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عقود، سعيًا منه للاستفراد بالضحية وتغييب الحقيق، ورصد خلال العام الأخير 150 اعتداءً على الصحافيين والطواقم الإعلامية العاملة في الأرض الفلسطينية المحتلة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي

وانه منذ عام 2000 قتل  48 صحفي على ايدي قوات الاحتلال، ومنذ عام 2012 تم قتل 22 صحافيا وشهد عام 2014 وحده استشهاد 17 منهم في انتهاك صارخ للقانون، ومنذ بداية العام الحالي أصيب أكثر من 66 صحافيًا؛ تنوعت إصاباتهم بالرصاص الحي والمطاط وقنابل الغاز السام في محاولة لاغتيال الحقيقة، وهو ما يتناقض مع مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية ذات الصلة،  ا وجدد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان  مطالبه للمنظمات الدولية والحقوقية، وفي مقدمها اليونيسكو والاتحاد الدُّوَليّ للصحفيين، بضرورة التحرك الفوري والعاجل للضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لوقف انتهاكاتها لحقوق الصحفيين والإعلاميين في فلسطين ولتأمين الحماية اللازمة للصحفيين ومقار وسائل الإعلام.

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

تذكروا أن يران غير عربية

كتبت | بلقيس حسن ليس دفاعا عن إيران فأنا اختلف معها في كثير من المواقف، …

تعليق واحد

  1. لروحهك السلام شيرين ابوعاقلة
    ولاهلك ولذويك واحبابك الصبر والسلوان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *