احمد على

ولكم في أوكرانيا وتايوان عبرة

كتب | احمد على

خروجاً عن السياق العام للسياسة الدولية التي تشغل العالم والمُحللين وخبراء السياسة الدولية حول قضية الغزو الروسي لأوكرانيا التي باتت على على حافة الهاوية وما يتبعه من تحليلات حول مصير جزيرة تايوان وما ينتج عنه من تغير في طبيعة النظام الدولي وهبوط نجم الامبراطورية الأكبر في التاريخ الإنساني الولايات المتحدة الأمريكية , ودخولاً لبقعة توتر اشد تأثراً بالتفاعلات السياسية الدولية وهي “إسرائيل” التي تغيب قضاياها الأن العالم وما سيجري فيها بعد تغير النظام العالمي وعودة روسيا الى فرض رؤيتها ومصالحها على العالم ومن خلفها الصين القطب الصاعد في العالم , وهنا يتبادر الى ذهن المهتمين بقضايا الشرق الأوسط والمنطقة العربية خاصة سؤال قد يبدو غاية في الأهمية في هذا التوقيت .
ماهو موقف اسرائيل بعد تغير النظام الدولي وسط المنطقة العربية التي لا تجتمع على شيء إلا رفض وجود اسرائيل وسط الأراضي العربية ؟

إن قضية استمرار الولايات المتحدة على رأس النظام الدولي هي قضية وجود لاسرائيل التي يعتمد وجودها في المنطقة على عدد من العوامل أهمها استمرار الولايات المتحدة على رأس النظام الدولي ويليها استمرار التفوق العسكري الاسرائيلي الذي بات هو الأخر امر مشكوك فيه بعد تفوق القوات المسلحة المصرية والسعودية والإمارات .

لا شك أن وضع اوكرانيا وتايوان على مستوى أخر يشيران إلى أمر غاية في الأهمية وهو أن وجود اسرائيل في المنطقة يعتمد على نفس عوامل استمرار اوكرانيا وتيوان كدول قائمة بذاتها وسط المجتمع الدولي وهو الدعم الأمريكي للدولتين واستمرار تفوقها على الصين وروسيا اللتان ما إن القطتا أنفاسهما إلان وانقضوا على اوكرنيا وتايوان واستعادوا سيطرتهما عليهما , وهو ما يعد بمثابة الإذن بتنفيذ نفس السيناريو من قبل الدول العربية مع اسرائيل لا سيما في ضوء تلاشي عومل استمرار تواجدها وسط الدول العربية , وهي نفس عوامل استمرار اوكرانيا وتايوان كدولتين مستقلتين بعيدا عن سيطرة روسيا والصين , وهي القضية التي في اغلب الظن قد التفت لها الاسرائيليين , وأيضا ربما أنهم قد اعدوا العدة لهذا السيناريو الذي اصبح سهل التحقق بالنسبة للعرب او على الأقل انهم في حالة ترقب لمثل هذا اليوم .

هناك حكمة منطقية تقول بأن استمرار بقاء اسرائيل وسط الأراضي العربية يرتبط بعوامل وجودها فإذا تلاشت هذه العومل سوف يتلاشي معها وجود اسرائيل نفسها , وهذه الحكمة يؤكد واقعيتها ما يحدث في اوكرنيا وما ينتظر أن يحدث مع تايوان وربما عن قريب يكون الدور على اسرائيل .

على مدار سنوات سعت اسرائيل لترسيخ تواجدها في المنطقة عبر انهاك الدول العربية وإقحامها في موجات التوتر ومحاربة أي تطور قد يؤثر على وجودها مستخدمة كافة السبل للوصول لهذا الهدف , وهو ما يؤكد على يقين الاسرائيين بأن اي خلل في هذه العوامل التي تتضمنها استراتيجيتها السياسية سوف يكون طرد الاسرائيليين من المنطقة تماما , وبالتالي يمكن تفسير سعي الحكومات الاسرائيلية الحثيث للتطبيع مع الحكومات العربية وهو ما تعتبره الحكومات الاسرائيلية أحد الركائز التي سوف تعتمد عليها في حالة تلاشيء الدعم الأمريكي او عدم فاعليته إذا بلغ العرب مبلغهم من التطور والقدرة مواجهة النظام الدولي الذي يدعم الجانب الاسرائيلي في مواجهة العرب .

يبقي أمر هام يجب أن ننوه له وهو أن كافة المساعي الاسرائيلية فيما يتعلق بعمليات التطبيع مع الحكومات العربية ليست إلا محاولة لإحداث حالة من التناغم بين القيادات السياسية لا ترقى إلى التطبيع الكامل باعتبار أن الشعوب جزء من النظام السياسي , ولا يخفى على أحد أن التطبيع العربي الاسرائيلي كان ولا يزال بين الحكومات فقط ولم يتسلل إلى وجدان الشعوب العربية حيث يظل الشعب العربي لا يعترض على شيء مع حكوماته إلا في مثل هذا الحال , وعلى هذا فإن الحكومات العربية لم تتحدث مع الشعوب العربية يوما عن استكمال اركان التطبيع وطلب تقريب وجهات النظر مع الشعوب التي لم ولن تقبل بأن تتسلل هذه العملية إلى الشعوب , أما ما في وعي الشعب العربي كليا يتعارض كليا مع الممارسات الحكومية , وبالتاللي ينظر الشعب العربي الى قضية التطبيع على أنها مجرد ممارسة سياسية ليس للشعب العربي شأن بها وأنها لا تعكس حالة ورغبة الشعب العربي في شيء .

على ما تقدم يتبين أن كافة عوامل حياة اسرائيل كظاهرة في طريقها أن تتلاشى كليا ولم يتبقى سوء عاملين او ثلاثة على الأكثر في طريقها للزوال , اضافة لمثليين متشابهين لدولتين لهما نفس الخصائص في طريقهما للأفول , ولا يخفى على الباحثين او المتخصصين أن كلمة ظاهرة من خصائصها الزوال وعدم الإستمرار .

بعد أن اعطتنا اوكرانيا مؤشر لما سيتغيير على الطبيعة الجيوسياسية في العالم وقطعا من خلفها تايوان, هل لدى اسرائيل خططاً إستراتيجية لهذه التحولات المفصلية التي تحدث في العالم لإنقاذ ظاهرة وجودها التي قد تكون على المحك ؟

في الحقيقة ليس هذا سؤال استفساري ولكنه مجرد مقدمة بسيطة لطرح هذه الرؤية التي ربما تحفظ للعالم وللمنطقة وللاسرائيليين شيء من السلام , وهو أنه لماذا لا يفكر الاسرائيليين في الإنتقال وإقامة دولتهم في الجزء الشمالي الغربي من الولايات المتحدة قبل ولوج فكرة تكرار سيناريو اوكرانيا وتايوان للعقل العربي الذي لم يتقبل وجود هذا الكيان في المنطقة إلى الأن , ربما في هذه البقعة تستطيع اسرائيل تحقيق التقدم المنشود وسط حالة من الهدوء السلام وعدم التهديد ووسط مجتمع يتقبل هذا الجوار بما يتيح لهم فرصة العمل وتوفير نفقات التأمين وإنفاقها في البحث العلمي وتحقيق امبراطورية ديموقراطية متقدمة بدلاً من العيش وسط هذا الضجيج , ربما ايضا لا يخفى على الاسرائيليين ان شعوب المنطقة لم تستطع ابدا الإقتناع بوجود روابط دينية بين الاسرائيليين وبين الأراض الفلسطينية , ربما الأجدر بالتفكير والمناقشة هو البحث عن السلام في الدنيا وترك العنف للأخرة .. ولكم في اوكرانيا وتايوان عبرة .

إسمع المزيد فى راديو أوروبا بالعربي:

حرب مُحتملة بين روسيا وأوكرانيا

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

تذكروا أن يران غير عربية

كتبت | بلقيس حسن ليس دفاعا عن إيران فأنا اختلف معها في كثير من المواقف، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *