تايم نيوز أوروبا بالعربي أخبار عالمية وعربية
مقالات مشابهة
المغرب | بني ملال – سعيد السُبكي
تختلف مشاعر استمتاع الإنسان حينما يكون بين أحضان الطبيعة عن قراءة أدب الرِّحْلات، وان كان كثير من الكُتاب والرحالة حباهم الله بملكات الوصف الدقيق لتصوير مشاهد الأماكن بكلمات قد تجعلك وأنك كُنت فى ذات المكان، ولكن ان ترى بعينك فهذا له أثر ممُميز فى النفس خاصة إذا كانت تستهويك هِواية الترحال والسفر وما أجمل ان ترى عناق أشجار الصنوبر والصفصاف الذي ذكرني بالفنانة الجميلة فيروز.
اصطحبني أقارب في رحلة إلى عدة مُدن فى غرب المغرب فى اتجاه ” ايموزار كندر ” كمقر استضافة لانطلاق حيث مدينة فاس وأماكن أخرى، وفى الطريق من مدينة مراكش توقفنا في مدينة بِنَى ملال، وصعدنا بالسيارة إلى ” عين أسردون ” التي لم أعرفها من قبل.
عين أسردون :
المكان هو مدار سياحي بمدينة ” بني ملال ” في جهة بني ملال خنيفرة، حيث تم بناء هذا المدار السياحي فوق عين مائية نابعة من أحد الجبال المشهورة في المنطقة.
تحتوي ” عين أسردون ” على شلالاث يصبون في مجرى يشق طريقه وَسَط حدائق ذات تصميم أندلسي تغطي مساحة حوالي 20 هكتاراً، كما تضفي أشجار الصفصاف المتدلية رونقا و جمالا على المكان، ويعود تسمية (عين أسردون) من كلمتين: ( عين باللغة العربية تعني منبع ) و(
أسردون ) بالأمازيغية وتعني باللغة العربية البغل، وعلى هذا تعني (عين البغل).
قصة الإسم
وقد جاءت التسمية تيمنًا بحكاية تاريخية، تؤكد المصادر التاريخية انها ليست أسطورة خاطئة، وإنما حكاية واقعية تقول : ” أن رجلا من قبيلة أيت سخمان عاد من سوق مدينة بني ملال على ظهر بغله، ومر من المكان الذي توجد به عين المياه، ورأى ان التبن يخرج مع الماء من العين،
وخمن أن أكياس التبن ضاعت وتدحرجت خلال نقلها من البيدر من الأعلى حيث ينحدر الماء من الجبل وربما التبن الذي يأتي مع الماء جزء من أكياس التبن الضائعة.
ولتأكيد فرضيته طبق تجربة حيث ألقى بالتبن في نفس المكان الذي ضاعت فيه أكياس التبن في المرة السابقة، وفي اليوم التالي رأى التبن يخرج من نفس العين.
وتضيف روايات أن الرجل أغلق المنبع في الجبل بالصوف، ونزل في محاولة لابتزاز القبائل التي كانت تسكن في ” بني ملال ” مقابل إطلاق الماء، لكنهم لم يتقبلوا عملية الابتزاز، فقرروا البحث عن المكان الذي يتم منه التحكم في ماء العين، وبعدما تعرفوا على المكان، تعرض الرجل لبطش تلك القبائل، لهذا سميت العين تمينا ببغل ذلك الرجل.
الموقع الخلاب
تقع شلالات عين أسردون في المنطقة السهلية التي تمتد فيها مدينة بني ملال الخلابة، حيث تنساب المياه نزولا على شكل شلالات مشكلة منظرا بديعا، خصوصا أن الخضرة و الأزهار تحيط بالمكان، ومع تدفق المياه يصبح الجو منعشا ولطيفا خصوصا في الصيف، ومعتلا في الشتاء.
ويؤرخ جمال (عين أسردون) في بعض جوانبه لتمازج العرب و الأمازيغ، ويتمثل هذا التمازج في الذي تمتد منبع (عين أسردون) وتحيط به، بشكل هندسي ذا طابع أندلسي يشبه تلك الحدائق الباهرة في المدن التي كانت مزدهرة في الأندلس، وإن تغيرت ألوان الزهور .
وقد عرفت من بعض السُكان المحليين أن زوار منبع (عين أسردون) ليسوا فقط سكان بني ملال بل هم من ذاخل وخارج المغرب، حيث يزور سياح من أوروبا المغرب فقط لمشاهدة هذه المعجزة الخلابة التي امتدت في أحضان مدينة بني ملال، شلالات المياه والحدائق المخضرة صيفا وشتاءا .
تجذب الحدائق مئات العشاق الذين يجدون تحت أشجارها وضلالها، خصوصا في فصل الصيف، ملاذا أمنا يضفي عليه خرير المياه المتدفق بقوة روعة وجمالا. وينع هدير المياه المرتفع، على الجالسين بالقرب من الجدول أن يسمعوا حديث العاشقين وهمساتهم، وبالتالي لاحاجة للغة الهمس بالقرب من الجدول المتدفق في (عين أسردون)، وهناك أسباب أخرى تجعل من (عين أسردون) قبلة سياحية، ذلك أن مدينة بني ملال تفع وسط المغرب، بعيدا عن البحر>
وهذا الموقع الجغرافي يجعلها إحدى المناطق التي ينطبق عليها القول الشهير:(الماء والخضرة والوجه الحسن).
كما ان عشاق الطبيعة يجذبهم في فصل الخريف مناظرالأشجار التي تغير ردائها الأخضر لترتدي اللونين الأصفر و الأحمر، حيث تبدون من فوق الجبل أو قصر (بالكوش) نزولا مع مجرى المياه كسرداب أصفر وأحمر وسط محيط أخضر الذي تشكله أشجار الزيتون والليمون التي تحافظ على خضرتها طوال السنة.
معظم أشجار (عين أسردون) تتكون من الصنوبر والصفصاف وأشجار أسيوية يقال إنها جلبت من مشاتل وغرست في ثمانينيات القرن الماضي
القرن الماضي.
وثمة منظر عجيب، ذلك الذي تشكله أوراق الأشجار في الخريف عندما تصفر
أو تحمر وتتساقط على الأرض، التي لم تحن ساعة سقوطها تبقى عالقة لترسم لوحة صفراء تمتد من زرقة السماء نزولا إلى أديم الأرض، تزين تلك اللوحة الخريفية الأوراق التي تقع في المياه فيرجها التيار، وخطوات عشاق يجلسون على حافة الجداول تجر بخفة بعض الأوراق التي تطفو فوق المياه.
وفي فصل الشتاء تتغير(عين أسردون) باختفاء جميع الألوان، وكأن (عين أسردون) تدخل لفترة قصيرة إلى غرفة الملابس أو في بيات شتوي مؤقت استعدادا لحلول بهجة فصل الربيع وما يليه من فصل العطل والاستجمام، حيث تستعد المنطقة لاستقبال مختلف الزوار و العشاق.
