شجرة أرجان

أرجان | شجرة الذهب الأخضر بالمغرب

كتب | رئيس تحرير تايم نيوز أوروبا بالعربي – أغادير: سعيد السبكي

هي ليست رحلتي الأولى للمغرب الشقيق . .  تلك البلد الذي يُشعرني أهلها أني في بلدي . . التسامح والتلقائية والكرم سمات شعب يتمسك بعقيدته الإسلامية ولا يفرق بين يهودي أو مسيحي، وهذا من أسرار السلام الاجتماعي.

فمن مدينة مراكش الغنية بالثقافات المُختلفة التي يُطلق عليها ” بغداد المغرب “انطلقت إلى منطقة ” أوريكا وستي فاطمة “ ولهذا حكايات سأتناولها لاحقاً.

أما الآن أتحدث عن بعض من ملامح الطبيعة الخلابة والثراء في مدينة أغادير، التي تحتضنها جبال اطلس من ناحية وتطل بشواطئها على سواحل المحيط الأطلسي الممتدة من ناحية أخرى.

 لقد لفت نظري فى أغادير كثير من مشاهد الطبيعة الخلابة ذات الجذور الثقافية المغربية التي تجمع تاريخ الأمازيغ البربر مع الأصول العربية في بوتقة واحدة لشعب هو مزيج يين الماضي والحاضر.

ومن هذه المشاهد شجرة الأرجان النادرة التي تنتشر بشكل واسع  في المغرب وتعصر ثمارها زيتاً سحرياً، وتتواجد بكثافة في الجنوب المغربي، ولزيت ثمارها فوائد صحية وتجميلية متعددة، فهي قوية الجذوع والجذور، خضراء الفروع والأغصان، تقف شامخة في وجه قساوة المناخ الجاف، تحتضن بين الفينة والأخرى على أغصانها قُطعان ماعز تأكل بعضاً من أوراقها.

أما ثمارها فبُنية القشرة فاتحة اللُب، إذا عُصرت خرج منها زيت له من المذاق لذيذه، ومن المنافع كثيرها.

إنها شجرة الأركان، أو الأرجان، والبعض يُسميها شجرة “لوز البربر”، والبيولوجيون يُسمونها Argania spinosa، ومهما اختلفت أسماؤها بين الناس، فالكُل يُجمع على نُدرتها في العالم، وقدم تاريخها.

يختلف البيولوجيون حول عمرها الحقيقي، إلا أنهم يُقدرونه بين 1500 و2000 سنة، لتكون بذلك أقدم شجرة في المغرب، إلا أن قدمها لم يُسهم في انتشارها الكبير، لأنها شجرة نادرة للغاية ولا تتواجد إلا في منطقة سوس جنوب المغرب، وبالضبط في الأراضي المحيطة بمدينة أكادير الممتد إقليمها بين مدن الصويرة تارودانت وتزنيت وتفراوت وبيوكرا.

وتملك دول أخرى هذه الأشجار العتيقة، لكن ليس بنفس كثافة المملكة المغربية، إذ تتواجد ببعض المناطق في الجزائر، وأيضا بصحراء النقب ووادي عربة في فلسطين.

هذه الشجرة التي تنتمي لفصيلة “الأشجار الصنوبريات”، تُشكل العمود الفقري للنظام الرعوي والزراعي في المناطق التي تنتشر فيها، والتي تتجاوز 830 هكتاراً في المغرب، خاصة منطقة الأطلس.

وتشكل أشجار الأركان ما مجموعه 71% من الغطاء النباتي لهذه المنطقة، التي تشكل نسبة 18% من مجموع مساحة الغابات في المملكة المغربية.

المقاومة الشرسة التي أبدتها هذه الشجرة للتغيرات المناخية الصعبة، فشلت في مواجهة الرعي الجائر للسكان، وأيضاً استهدافها من طرف منتجي حطب الوقود والفحم الخشبي، ما جعلها أشجاراً مهددة بالانقراض في عدة مناطق.

ناقوس الخطر استجابت له السلطات المغربية على أسرع وجه، عبر برامج متعددة تروم تثمين هذا التُراث الثمين والمنتوج الطبيعي غير المسبوق. مُسيجة استغلال غلتها بشروط صارمة.

زيت سحري

لا يمكن لشجرة عريقة وقوية بهذا الشكل إلا أن تختزن بين ثنايا ثمارها فوائد غير مسبوقة، فالزيت الذي يُستخرج من ثمار الأركان له من الفوائد ما لا يُعد ولا يُحصى، إلا أن طريقة استخراجه ليست بالهينة أيضاً.

ويحتوي زيت الأركان على تركيز عالٍ من الأحماض الدهنية، كـ”اللينوليك”، والذي أثبتت الدراسات والتجارب الطبية فعاليته في التقليل من الالتهابات الجلدية والزيادة من مستويات ترطيب البشرة. بالإضافة إلى حمض الأوليك الذي يُحسن نفاذية البشرة ويساعدها على امتصاص مواد أخرى.

أما الفيتامينات، فزيت الأركان غني بأحماض أوميجا 6، وأيضا فيتامين أ وفيتامين ه، وكمية مهمة من مضادات الأكسدة.

ولاستخراج هذه المكونات السحرية، تتبع النسوة في التعاونيات المهتمة بالأركان، بروتوكولا صارما، يبدأ بقطف الثمار من أشجار الأركان، ثم عرضها تحت أشعة الشمس لساعات كي تجف ويسهل تقشيرها يدويا بمساعدة حجرين أملسين.

بعد استخراج النواة يتم تحميصه فوق النار، قبل أن تُطحن على الرحى التقليدية للحصول على عجين متجانس يتم دلكه لساعات متتالية لاستخراج زيت الأركان.

ولاستخراج لتر واحد من زيد الأركان المخصص للأكل، تقوم النسوة بطحن أربعين كيلوغراما من محصول ثمار الأركان.

الزيت المخصص للتجميل، يمر من المراحل ذاتها، إلا أن البذور لا تُحمص فوق النار، وذلك للحفاظ على طراوتها، الشيء الذي يتطلب طحن كميات مضاعفة من ثمار الأركان.

صرامة هذا البروتوكول، والكميات القليلة من زيت الأركان المستخرجة من البذور تؤثران بشكل مباشر على ثمنه، إذ يتراوح ثمن اللتر الواحد من الزيت الموجه للاستهلاك الغذائي، ما بين 40 و60 دولارا أمريكيا، فيما الموجه للتجميل فقد يصل اللتر الواحد منه إذا كان ذا جودة عالية إلى 250 أو 300 دولار.

تراث لا مادي ويوم عالمي

وفى عام 2014، أدرجت اللجنة الحكومية لحماية التراث الثقافي اللامادي التابعة لمنظمة اليونسكو شجرة الأركان على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي اللامادي للإنسانية.

وفي 10 مايو/ أيار الجاري، احتفلت المملكة المغربية ومعها الأمم المتحدة بأول يوم عالمي لشجرة الأركان، والذي يعتبر تتويجا لجهود المملكة المغربية في تثمين هذه الشجرة النادرة، باعتبارها تراثا ثقافيا لا ماديا للإنسانية ومصدرا للتنمية المستدامة.

ويذكر أن هذا القرار تمت المصادقة عليه بالإجماع من طرف الدول الأعضاء بنيويورك يوم 3 مارس/آذار 2021، حيث حاز المغرب بموجبه على دعم المجتمع الدولي لحماية هذا الموروث الطبيعي وتنمية مجاله الحيوي.

  • ويعد “إعلان الأمم المتحدة لليوم العالمي لشجرة الأركان، اعترافا دوليا بمجهودات المغرب، تحت العاهل المغربي، الملك محمد السادس، الرامية لحماية وتثمين شجرة الأركان وتنمية مجالها الحيوي، ولا سيما بعد إطلاق برنامج طموح يروم تنمية غرس الأركان الفلاحي على مساحة 10 آلاف هكتار”.

ويكرس هذا القرار الأممي أيضا الدور الفعال لسلسلة الأركان في تنفيذ الأهداف الـ17 للتنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة: الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

كما يسلط الضوء على دور هذا القطاع في التمكين الاقتصادي للمرأة القروية وتعزيز الاقتصاد التضامني والتنمية البشرية من خلال دعم وإنعاش دور التعاونيات ومختلف التنظيمات المهنية الفاعلة في سلسلة الأركان.

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

رسمت خريطة فلسطين | مطالب بسحب جنسيتها الالمانية

كتب | سعيد السبكي حينما علمت بان عدد من السياسيين في ألمانيا طالبوا بسحب الجنسية …

تعليق واحد

  1. مقاله رائعه و معلومات مفيده. شكراً جزيلاً و تسافر و ترجع بالسلامه يا صديقي الغالي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *