أحد المطاعم السورية بمصر
أحد المطاعم السورية بمصر

مطاعم سورية تسحب البساط من تحت أقدام المطاعم المصرية

تايم نيوز أوروبا بالعربي – القاهرة | عباس الصهبي:

أحد المطاعم السورية بمصر
أحد المطاعم السورية بمصر

لا يختلف أحد على على أن الرزق من عند الله، لكن لوحظ في السنوات الأخيرة انتشار “مكثف” للمطاعم السورية، وبكثرة لافتة؛ ربما تكون مدعاةً للريبة في بعض جوانبها؛ بمعظم عواصم المحافظات والمدن المصرية الكبرى، بل والصغرى على حد السواء، بما يشبه ” الاحتلال المأكولاتي”، أو “الغذائي”، إن جاز التعبير، وهو ما يجسد ظاهرة متزايدة الحضور في واقع الشوارع المصرية حاليًا، وإلى حد يرشحها لكي تثير العديد من التساؤلات المركَّبة.

نجحت بالفعل المطاعم السورية في سحب البساط من تحت أرجل ومقاعد الكثير من المطاعم المصرية، ولو حدث ذلك في أحد الأقطار العربية أو الأوروببة، لبدا الأمر عاديًا أو طبيعيًا، تفرضه طبيعة المنافسة التجارية المعمول بها في كل دول العالم؛ ولكن الغريب أن يحدث ذلك بهذا الشكل المتضاعف والمؤهَّل للزيادة.

استثمارات مثيرة للشبهات!

أحد أماكن تجهيز المأكولات السورية
أحد أماكن تجهيز المأكولات السورية

مازالت علامات الحداثة على المطاعم السورية المنتشرة في كل أرجاء مصر تثبت، وبحد ذاتها، أنها ظاهرة تعتبر جديدة على واقع تضاريس الشارع المصري، فمعظمها لم يمر على إنشائه غير أعوام مازالت تعتبر قليلة، إذ أن أقدمها لم يمر عليه إلا قرابة عشرة سنوات فقط، وبالتحديد، عندما بدأت هجرة السوريين إلى مصر، هروباً من الوضع الكارثي الضاغط في ذلك الوقت على ملايين الشعب السوري.

غير أن ديكورات هذه المطاعم السورية، وبالذات الأحدث منها، تتميز بكثير من “الأبهة” وإلى حد “الفخامة”، وهو ما قد يعد في حد ذاته ومن إحدى زواياه؛ دليلاً  على انتعاش نجاحها التجاري والمالي، لدرجة أن صغر حجم كثير منها يبدو غير متناسب إطلاقًا مع كم الإضاءة المفرطة، والأثاث والمقاعد عالية التكلفة

أما من زاوية أخرى؛ فكان ما لاحظه مراقبون كثيرون، وبالذات في السنوات القليلة الأخيرة، من أن هذه المطاعم قد أصبحت تبدأ دائمًا “كبيرة” جداً بتجهيزاتها وفخامتها، و”من أول يوم لها”، مما يكشف حجم الاستثمارات الهائلة التي تمّ إنفاقها عليها، وضخامة رأس مالها والمستعد أصحابه بالتأكيد لدفع المزيد من الملايين من أجل استمرارية مواصلة أنشطتها؛ ومن دون انتظار عائد أو أرباح لها في المدى الزمني القصير، أو حتى المتوسط، لتعويض ما تمّ إنفاقه على هذه المطاعم، ومن هنا يبرز التساؤل: “لماذا يتم إنشاء هذه المطاعم أصلاً إن لم يكن الهدف منها استثمار الملايين المهدرة عليها للحصول على عائدات تكون مربحة جدًا تعوض هذه الملايين؟!

 ماذا حدث لأبناء الفراعنة؟

تؤكد كثرة انتشار المطاعم السورية في مصر من جانب آخر قد يكون هو الأخطر، أن المصريين وهم معظم زبائنها، قد تغيرت عاداتهم وسلوكياتهم الغذائية بشكل ملفت للغاية، فقد أصبحوا يفضلون شعبيات المطبخ السوري أو الشامي على شعبيات مطبخهم المصري العريق، والمتوارثة في جذورها من عصور الفراعنة منذ آلاف السنين.

‏فالمطبخ المصري يعتبر في نظر المؤرخين أقدم مطبخ متكامل في العالم، فكيف تناسى المصريون مطبخهم التقليدي العريق؟ وبشعبياته التاريخية، كـ”الفول” و”الطعمية” و”العدس” و”الكشري” و”البصارة”، بل وحتى “الكوارع”؛ لينجذبوا، بهذا الشكل نحو المطبخ الشامي بشعبياته، والتي لم يكن المصريون حتى قد سمعوا عن أسماءها، ولو مجرد سماع؛ إلى أن ذاقوها مؤخرًا، فنالت الكثير من إعجابهممن أيادٍ سورية، فعرفوا شعبيات المطبخ الشامي وصاروا يطلبونها بأسمائها التي كانت غريبة على أسماعهم، مثل: “المجددة” “بالأرز أو البرغل”، و”الكبة” بأنواعها المختلفة، من الكبة البلبينية إلى الحلبية، وكذلك “شيخ المحشي” وهو محشي الكوسا بالأرز أو اللحم المفروم، و”الدوالي” ورق العنب، و”المبرومة”، بالإضافة إلى “الشاورما الشامية”، و”حَرَّاق إصبعه”، فضلاً عن عشرات، إن لم تكن مئات الأسماء الأخرى.

تجهيز الشاورما
تجهيز الشاورما

ويرى كثيرون أن ما أُطلق عليه في حينه “ثورات الربيع العربي” قد غيَّرت الكثير من سلوكيات المصريين، ومنها السلوكيات الغذائية لديهم، ومع التغير المفاجيء لهذه السلوكيات تغيرت بمرور وقت قصير العادات الغذائية المصرية، حتى وصلت وفي وقت قصير إلى هذه “الطفرة الغذائية الشامية” المفاجئة!

عاطفة المصريين سر النجاح..

وقد ساعدت على ذلك مجموعة كبيرة من العوامل، أهمها تعاطف المصريين مع إخوانهم السوريين المهاجرين، وإعجاب المصري باجتهاد أخيه السوري ونشاطه العملي في حياته اليومية، وحرص المطاعم السورية على الحفاظ في وطن الإغتراب المصري على تراثها الغذائي متعدد الأصناف؛ حيث ثبت عمليًا في مصر أن كل محافظة سورية على حدة لها أصنافها الخاصة بها، سواء من ناحية المقبلات وفاتحات الشهية، أوالأطعمة والحلويات، ما كان وبحد ذاته يمثل اكتشافات جديدة ومذهلة لدى المصريين، أخذوا يتحدثون بإسهاب وبما يشبه التفاخر بأنهم استطاعوا تناولها، ويتكلمون عنها بما يشبه الحديث عن الأساطير في مجالسهم الخاصة والعامة، فضلاً عن اهتمام المطاعم السورية بنظافة ما تقدمه على مستوى التغليف عند تقديمه لزبائنها المصريين كوجبات سريعة، وبأسعار تعتبر نسبياً معقولة.

وفوق كل ذلك، وكما يقول المثل: “الحاجة أم الاختراع”، فإن أصحاب المطاعم السورية نجحوا في اكتشاف وتلبية طلبات المصريين في حاجتهم الماسة، والتي تكاد لا تكون مسبوقة من قبل، إلى تناول وجبات سريعة وجاهزة في السيارات والمقاهي أو في الشوارع عمومًا، أو خلال فترات الراحة القصيرة بالمكاتب الفاصلة لساعات العمل والتي أصبحت طويلة، بحكم ارتفاع الأسعار، والحاجة لمزيد من العمل تحقيقًا للمزيد من الدخل.

غير أن هذا النجاح الحافل الذي حققته المطاعم السورية في مصر، واجه العديد من الشائعات والأقاويل المريبة الرهيبة، وهو ما يتعرض له “الجزء الثاني” من التقرير.

عن زوايا الأخبار

شاهد أيضاً

«حسام هيبة».. هل يخلف د. «مدبولي» في رئاسة مجلس وزراء مصر ؟!

شهدت بورصة توقعات المرشحين لرئاسة مجلس وزراء مصر الجديد، مؤخرًا؛ صعود عدة أسماء تصدرها اسم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *