السفينة العملاقة والحفار الصغير

السفينة العملاقة والحفار الصغير | مصر في وعي ووجدان صغار العالم!

يبدو أن حادثة إنقاذ سفينة الحاويات العملاقة، والرافعة لعلم دولة بنما، والمسماة «إيڤر جيڤن»، والتي جنحت في مياه قناة السويس،في 23 مارس/ آذار الماضي، وكاد يتوقف لها قلب العالم؛ ستظل تتوالى أصداؤها العالمية، وبأشكال متنوعة، ولفترة طويلة قادمة؛ وبكل ما في ذلك من رفع لاسم مصر عالمياً، وبدون دعاية تُنفق عليها الملايين! ‏ وآخر صيحة في ردات هذه الأفعال العالمية جاءت هذه المرة «أمريكية»، فقد انتهى كاتب الأطفال الأمريكي الشهير ريان بيتريسين في استلهام الحادثة؛ ليكتب عنها مؤلفه الجديد للصغار بعنوان «السفينة العملاقة والحفار الصغير»!

تابع ما يحدث: عباس الصهبي

من البطولات الخارقة يتم استلهام البطولات الجديدة، وبكل مافي ذلك من تنمية روح البطولة لدى النشء الجديد، وهذا، وباختصار؛ هو ما يؤمن به كاتب الأطفال الأمريكي المعروف «ريان بيتريسين» في قناعاته الشخصية، ويوظفه في مجال عمله عند الكتابة للأطفال. ‏وكان «بيتريسين» قد تابع شبه لاهث الأنفاس، وبشغف متزايد، مع الجمهور الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، وعلى مدى «ستة» أيام، والجميع كان في حالة أشبه بالذهول؛ كل المحاولات المستميتة لتعويم السفينة الجانحة في مياه قناة السويس، وعايش ما تبثه وسائل الإعلام ووكالات الأنباء العالمية من تطورات عملية إنقاذ السفينة الجانحة. ‏

♕ التحدي.. ليس له مثيل!

كان التحدي بالفعل هائلاً، فقد جنحت سفينة الحاويات العملاقة، والمخصصة لنقل البضائع بين أوروبا وآسيا، وبالعكس؛ وصارت عالقة في الرمال عند المدخل الجنوبي لقناة السويس. ‏

ولتخيل حجم التحدي الكبير في ذلك الوقت، توالت المعلومات التي بثتها وكالات الأنباء العالمية، مرة على أنها سفينة في حجم ناطحة سحاب عملاقة، ومرة أخرى على أنها تشبه أربعة ملاعب كرة قدم متصلة ببعضها، ولم تكن في ذلك أية مبالغة؛ حيث بلغ الطول الفعلي للسفينة 400 متر، بينما لا يزيد عرض قناة السويس عن 200 متر فقط؛ وكانت هذه تحديداً المشكلة الكبرى؛ بل العقبة الكؤود، في هذا التحدي الرهيب، والذي أجمع المراقبون على أنه حدث لم تشهد قناة السويس ذاتها مثيلاً له منذ 150 مرت على افتتاحها! ‏

وليت الأمر توقف عند هذا الحد فقط، وإنما ضاعف مرور الوقت، وإلى أن تم الإنقاذ بعد 6 أيام؛ من حجم وأبعاد التحدي، حيث كانت تتزايد يومياً أعداد السفن المنتظرة للمرور في الاتجاهين حتى بلغت العشرات ( وصل العدد لأكثر من400 سفينة منتظرة العبور) بعد الأيام الستة؛ فكما هو معروف تستحوذ قناة السويس على 12بالمائة من حركة التجارة العالمية، وكان قد بلغ معدل عدد السفن التي تعبر القناة يومياً 51.5 سفينة، مما تسبب في خسائر مادية يومية، لم تكن فقط على الشركة التايوانية «إيڤر جرين مارين» المالكة للسفينة العملاقة الجانحة، وإنما امتدت الخسائر لتشمل أيضاً السفن المنتظرة شمال وجنوب قناة السويس، لتوقف حركتها حتى يتم السماح لها بالمرور بعد تعويم السفينة، بل وامتدت الخسائر بالطبع إلى هيئة قناة السويس؛ لتوقف عائداتها في تلك الفترة، فكان لا بد من البحث عن حل لهذا التحدي الهائل على كل الأصعدة. ‏

‏♕حفار صغير.. هل يحل المشكلة! ‏

‏ كان الإنقاذ مطلوباً، وبأسرع وقت، وبكل الوسائل الممكنة! ‏ وقد تابع كاتب الأطفال الأمريكي مع غيره من الملايين في العالم تطور عمليات تعويم السفينة العملاقة، بكل مراحلها المختلفة، وعلى مدى الأيام الستة؛ ومنذ أن بدأ العمل أولاً باستدعاء الجرافات العملاقة لإزالة الرمال والوحل، بعيداً عن مقدمة السفينة، ثم استدعاء زوارق

انبهار الأطفال بقصة السفينة العملاقة والحفار الصغير

القطر ورافعات السفينة في محاولة لتحريكها، وذلك قبل المجيء بأسطول كبير من القاطرات لتحريك السفينة، والتي تردد أنها تزن ما يزيد على 200 ألف طن! وبالرغم من كل هذه الجهود الجبارة المبذولة لتعويم السفينة فإن حفاراً صغيراً، أصفر اللون؛ كان من أكثر ما استرعى أنظار الملايين في جميع أنحاء العالم، وشدًَ انتباه الكل؛ ومن ضمنهم كاتب الأطفال الأمريكي «ريان باتريسين»؛ حيث ظهرت لكل العيون المحاولات البطولية المستميتة لحفار صغير، عليه عاملان، كان حجمهما يتضاءل، وبشكل واضح وملفت؛ بالمقارنة بالحجم الهائل للسفينة العملاقة، ومع ذلك لم يكف العاملان عن العمل على الحفار من أجل إزالة التربة والصخور من ضفة القناة حول قوس السفينة الهائلة الحجم!

‏ ‏♕ الانتصار.. تحولت معه السخرية لإشادة!

‏وقد توالت في تلك الفترة تعليقات الملايين في كل أنحاء العالم، وبجميع وسائل التواصل الاجتماعي، ليتحول بعضها من السخرية المريرة – في البداية – مما يمكن أن يفعله «حفار صغير» لإنقاذ سفينة بكل هذا الحجم المذهل، ولتنقلب حالة السخرية رأساً على عقب – بعد نجاح تعويم السفينة العملاقة – لتتحول السخرية،وبالعكس؛ إلى إشادة بالبطولة التي وقعت أمام كل عيون العالم، بالصبر المصري، والإرادة الصلبة، وتحمل المسئولية، بل وبالتضحية من أجل تحقيق الهدف الوطني والإنساني النبيل.

‏وقد تابع الكاتب الأمريكي بنفسه هذا التحول الكبير في آراء الملايين، وأبهرته قدرة المصريين على التحدي، ومهما كان هذا التحدي هائلاً. ‏فبعد أن كانت التعليقات على «تويتر»،مثلاً، من قبيل:«ماذا يمكن أن يفعله هذا الحفار الضئيل؟»، لتزداد السخرية في مرارتها اللاذعة فتصبح من قبيل:«إنه حقاً لمزاج كبير»، ومثل: «لا تتعجبوا، إنهما شخصان يحاولان إنقاذ التجارة العالمية»!

‏فعلى النقيض تماماً، تحولت التعليقات رأساً على عقب، وبسرعة استثنائية؛ لتصبح: «ما أروعها من بطولة، وياله من صبر حقيقي»، بل وصل الأمر إلى حد أن كتب أحد الشباب على «تويتر»: «هذا الحفار الضئيل هو تمثيل مذهل، ودقيق، لكيفية تقدمي في حياتي كلها خلال عام 2021. ‏لقد أصبح الحفار الأصفر «الصغير جداً»، بل والضئيل للغاية، نموذجاً رائعاً، بل وعالمياً؛ لمواجهة أضخم التحديات «الهائلة» في الحياة، وهو ما استثمره كاتب الأطفال الأمريكي في قصته للنشء الصغار في أمريكا.

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

الهجرة غير الشرعية | بدائل آمنة

وزيرة الهجرة تستعرض تقريرًا عن منجزات المركز المصري الألماني للوظائف والهجرة وإعادة الإدماج السفيرة سها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *