نوال السعداوي | التشنج والتعصب يبعد عن النقد وحرية الفكر
نوال السعداوي

نوال السعداوي | التشنج والتعصب يُبعد عن حُرية النقد والفكر

كتب | روح اليمام

وقد سارع قراء المقال السابق لنقد المقال  بتكرار ما قيل بخصوص الدكتورة نوال السعداوي , إلا انه لم يذهب أحد لنقد الفكرة ذاتها وتفكيك القضية وتحليل جوانبها موضوعياً .

السؤال الصادم للدكتورة نوال الذي تسائلته عن القرأن , لماذا قال الله تبارك وتعالى في سورة الإخلاص “هو” ولم يقل “هي” ؟

هذا السؤال الذي دفع الجميع لتكفيرها والهجوم عليها , بل ذهب الجميع إلى فسطاطين أحدهما يكتفي بتكفيرها والثاني يدعو لإعتبارها وصلت حد الجنون ودعوة الناس الإبتعاد عنها وعن الخوض في الحديث معها وعدم الرد عليها .

على هذا فإن الدكتورة نوال ذهبت إلى طرح التساؤل بإعتباره تكريم للرجل على أساس إعتبار ضمير الغائب هو يشترك فيه الرجل مع الضمير هو لله, وهذا هو أصل التساؤل وليس الأمر يتعلق بذات الله الذي حدد لنفسه الضمير هو, ولم يحدد لنفسه الضمير هي, بينما أن المفردة لا تعبر في كل الأحوال عن ذات الإله وماهيته (حقيقته).

ولنا في ذلك توضيح بسيط . وهو أن تذكير وتأنيث الإشياء او الاسماء وإلحاق الضمائر بها أو اسماء الإشارة لا يعد تكريما ولا تحقيراً للأسماء بحال, وهنا يمكن أن نشير إلى السماء والهواء والماء وكلمة الأسماء .

هنا تأتي كلمة السماء مؤنثة, ويأتي الهواء مذكراً, ويأتي الماء مذكراً, وتأتي كلمة أسماء مؤنثة بنما في المفرد كلمة اسم مذكرة, وبالتالي فإن كلمة السماء لم تؤنث لتكريمها ولم يكرم التأنيث لإعتبار وقوع السماء ضمن ضمير التأنيث . وهذا ينطبق على باقي المفردات . على ذلك أيضا ضمير الغائب هي للسماء لا يعني تحديد نوعها لا سيما وأن المسئلة معلومة بداهة أن السماء لا تلد ولا أنها تحمل صفات الأنثى , قس على ذلك ايضا كلمة الهواء والماء, وكلمة أسماء التي تأتي مؤنثة عند الجمع وتأتي مذكرة في المفرد .

إن القضية كلها مجرد كلمات لا تعني أكثر من ذلك, هي جميعها مجرد أنساق لغوية لضبط المفردات والمعاني في قوالب ثابتة تتسق مع طبيعة اللغة ودلالاتها .

إن القضية لا تعني أكثر من محاورات ومناقشات حول قضايا بسيطة لا تستحق كل هذا الصخب, وربما بعض الإجابات البسيطة وإجلاء اللبس الناتج عن التفكير في ضوء قلة المعلومات, او بعض الإشكاليات المعرفية التي تنشأ لدى المثقفين في أحد مراحل المعرفة .

اما المشكلة في الضجة التي تمت ولم تسفر في نهايتها عن توضيحات ولا إجلاء لبداهات, ولا ذهبنا بعد ذلك خطوة واحدة بعد هذه الضجة, لا سيما وأن خطورة الأمر تكمن في تدخل علماء الأزهر وأن تكون النتيجة تحدي ومنابذات وهجوم ثم الجلوس في مقاعد العوام وليس تداول الأمر بشكل علمي بحت .

ماذا بعد المناظرة الشهيرة للدكتورة نوال مع العالم الجليل فضيلة الدكتور محمد عمارة غير إضافة مزيد من العنف ونشر لثقافة التكفير والسخرية؟..!! , بينما كان بإمكاننا إنتهاز الفرصة وتوضيح كافة المغالطات والأخطاء التي يقع فيها المفكرون , والإجابة على كافة التناقضات الفكرية التي تموج بها عقول الناس من كافة الأديان, كان يجب على الدكتور عمارة البحث في مزيد من الفرص,  بفرض أن إتهاماته للدكتورة نوال سليمة كان يجب أن يٌري العالم كيف يتعامل علماء الدين مع المختلفين, وكيف يتعامل العلماء مع المعضلات التي لم يستطع أحد فك طلاسمها .

فرضنا أنها ذهبت متعمده لأصعب ما يتخيله عقل إنسان مؤمن, هل وكلكم الله بالدفاع عنه والقصاص من المخطئين وتكفيرهم وقتالهم ؟ .. إن من أوتي العلم عليه العمل به ونشره بين الناس وتحمل ما لا يتحمله الناس, إن من أوتي العلم عليه الإجابة على كافة التساؤلات وإجلاء الحقائق لا ليعلم بذاته ولذاته ثم يحاسب الناس على أخطائهم المعرفية, إن لم يتم ترجمة العلوم عملياً وتسكينها على الأرض لتنتفع بها البشرية فما حاجتنا إلى هؤلاء العلماء ؟

ماذا نفعل بهذا الكم الهائل من الرصيد المعرفي والعلمي إن لم يقف العلماء لتوضيح المسائل المستعصية على عقول غير المتخصصين ؟

في هذا الشأن يجب أن نوضح أن الحرب التي يخوضها العالم يجب أن يستخدم فيها أدواته التي هي عبارة عن علمه وكتبه وحواره الهادئ المستنير, ويترك الإتهامات والإصوات العالية والتكفير والعنف لشريحة أخرى هذه هي أدواتها .

ربما التجارب التي مرت بها الإنسانية الفترة الماضية أكدت أن الخطر الحقيقي ليس من هؤلاء المفكرون سواء أصابوا أم اخطأوا, إنما الخطر الحقيقي من هؤلاء الذين يكفرون الناس ويفتون بقتلهم ويدعون الوكالة عن الله والدفاع عنه.

أخيراً وليس أخراً نطلب منكم الدفاع عنا نحن, وحمايتنا من المجرمين وسارقي الوعي وأعداء الإنسانية, واتركوا الله لن يستطيع أحد أن ينال منه .

والسلام .

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

شاهد | أنا الفريدة..فيلم سينمائي عن الكعبة المشرفة

تايم نيوز أوروبا بالعربي | الحرم المكي أطلقت الهيئة العامة للعناية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *