الغربة وأرض الخوف…

تايم نيوز هولندا| د.ماجد فياض

مهما كان موقعك أو منصبك حتي لو كنت الرئيس التنفيذي لأكبر شركة أو مجرد عامل بسيط ستبدأ قصتك في بطولة الاغتراب المطلقة بأن تسند لنفسك مهمة محددة سافرت من أجلها وسوف تضع لها مدة زمنية بعدد سنوات محدودة أو هكذا تظن .

تماما كما بدأ فيلم ( أرض الخوف) بإسناد مهمة الزرع الكامل بين عتاة تجار المخدرات إلى الضابط يحيى المنقباوي (أحمد زكي)، والذي تحول بمقتضاها إلى تاجر مخدرات محترف والعيش بين عتاة الإجرام والمهربين بعد فصله رسمياً من جهاز الشرطة وسجنه بتهمة الرشوة.

وكما كان يرسل أحمد زكي تقاريره السرية ، سترسل انت كذلك مئات الرسائل المليئة بالأشواق واللوعة والمناجاة..ربما ستكتب عن يومياتك كفارس الاغتراب المنكسر خلف الأبواب المغلقة مسترجعا أيامك الخوالي ودفئ حكايات الأهل والأصدقاء وستؤجل حتي سعادتك وضحكاتك وانطلاقاتك وانتشاء روحك حتي يحين موعد اجازاتك السنوية .

وعندما تنخرط بعمق في الغربة رويدا رويدا ستكتب عن تشابه الأيام حد التطابق ، فلا تختزن ذاكرتك البشرية أحداثا كثيرة، وتقسم بالله صادقا أن السنين مرت عليك مر السحاب !! ولم تعشها أصلا ، ولم تعلم عنها شيئا .

تكتشف بعد عملية زرع الاغتراب الكامل أن المهمة التي جئت من أجلها لن تكتمل لأنها تمدد وتتغير وربما لأنها تحتاج لأفلام أخري طوال ، وحيوات سرمدية وربما أبطال آخرين

 وتكتشف أيضأ أن التقارير والرسائل والأشواق لم تصل لعنوانها الصحيح ، وأن جذورك في الوطن تتبدد

  وأن ملامحك في ذاكرة أصدقائك وكل من يعرفوك قد تلاشت فلا يكادون يفقهون عنك شيئا .

تتوسع مساحة الاغتراب حتي تلتهم كل ثنايا جسدك مقابل تقلص مساحة الوطن ، تماما كما أكتشف أحمد زكي أن الرسائل التي يرسلها منذ سنوات طويلة لم تصل إلى رؤسائه، بل وصلت على سبيل الخطأ إلى موسى (عبد الرحمن أبو زهرة) موظف البريد الذي فضها وقرأ ما فيها، وعندما تذهب إلي من تحب لعلك تروى ظمأ الأشواق المعذبة بحثا عن بصيص أمل ستجدهم علي فراش الموت وربما قد فارقوا الحياة.

عن admin1

شاهد أيضاً

شطاف الحمام | أسباب عدم وجوده فى أمريكا وأوروبا

حمامات أوروبا وأمريكا بدون شطاف.. ما السبب وراء ذلك وما أضرارها؟ من في الوقت الحالي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *