الشيوقراطية الأوروبية | هولندا نموذج

كتب | سعيد السبكي

حماية المعلومات الشخصية للإنسان المعروفة بـ الـ Privacy محل شكوك تصل إلى حد الأكذوبة . . الحُريات كما يتم الترويج لها في وسائل الإعلام الأوروبية هي نوع من النفاق السياسي المشروع؟ ! . . الإدارات السياسية الأوروبية ومؤسساتها الأمنية تعرف عن المواطنين أكثر مما يعرفه المواطن الأوروبي عن نفسه . . وأنا لا أندهش لو أستغرب البعض من هذا الطرح.

تنشر وسائل الإعلام الأوروبية منذ سنوات ما يُفيد اقتراب اليوم الذي ستختفي فيه العملات الورقية وأنه آتٍ لا محالة، ما دفعني للتفكير المُتعمق والتساؤل هل يكون النظام الرقمي ملائمًا للفقراء والطبقة محدودة الدخل التي تحتل نسبة مرتفعة من توزيع السُكان المالي في العالم؟ وقلت في نفسي أن هذا الأمر لا يهم من هُم يُديروا أمور البلاد والعباد، وتأملت الأوضاع الحالية واضعاً في اعتباري هولندا نموذجاً.

لقد أصبح من المألوف في الوقت الحالي أن نسمع باستمرار عن العُملات الرقمية من : ( البيتكوين – الإيثيريوم – الداش – الريبل ) وغيرها الكثير، ومثل هذه العُملات أصبحت الشغل الشاغل للعديد من المُستثمرين الرقميين، خاصةً مع الصعود الكبير في قيمتها مُقابل العُملات الورقية، وهذا يحدُث على مرأى ومسمع الحكومات وأجهزة الرِّقابة المالية، دون أن تتصدى لذلك التحول، ثم أن بعض كبار المُستثمرين في تلك العُملات من المُشتغلين بالسياسة ومنهُم في مناصب مرموقة.

إذا نستطيع قول انه تم إيجاز التعامل بها وإن كان لم يتم بعد وضع إطار قانوني واضح أو إجراء يسمح بضمانات للتعاملات بتلك العُملات، خاصة وأن الحديث بدأ يتزايد عن اقتراب نهاية التعاملات النقدية، وظهور العُملات المُشفرة بتقنين المزيد والمزيد من التعاملات المالية في دوائر مُغلقة وهو أسلوب قريب جداً من النظام الشيوعي في إطار ديمقراطي وهو ما دفعني للتفكير في المًصطلح الذي اتخذته عنوانا لمقالتي ” الشيوقراطية “ ، وحقيقة أنا لا أستغرب الأمر لأن مرحلة تقليص الحُريات وزيادة الرقابة على المواطنين بدأت منذ حوالي عقدين من الزمان.

كيف أنت مُراقب طيلة الوقت؟ وهل معلوماتك الشخصية محمية؟

كل شركات مزودي الخِدْمَات من اتصالات ( ومواصلات عامة وخاصة ) وطاقة وإسكان وبنوك لديها بيانات ومعلومات كافية، وتستطيع أي جهة أمنية مُتابعة أي مواطن ومعرفة تحركاته وإنفاقاته وسلوكياه الاستهلاكية من ملبس ومأكل ومشرب وميوله الترفيهية.

بطاقتك البنكية تحدد مشترياتك بالكم والكيف والمواقيت . . دفع قيمة توقيف سيارتك معلوم بالزمان والمكان . . بطاقة المواصلات العامة تحدد أزمان وأماكن أنتقالاتك بدقة . . وهذا يحدُث بالفعل منذ سنوات فما بالك في حالة الانتقال إلى مرحلة انتهاء التعاملات بالعملات الورقية والنقدية؟ !.

المتمعّن في حال عصرنا الحالي يُدرك أننا نعيش عصر النهايات! وكأننا نطوي صفحة من التاريخ البشري لنستقبل عصرًا جديدًا بمتغيّرات عديدة، ولعل أبرزها سيكون على التعامل النقدي بين الناس.

فالصعود المستمر الذي تشهده العملات الرقمية المشفّرة وشيوع استخدامها بات بمنزلة تهديد كبير للعملات الورقية العادية خاصةً مع تهاوي قيمتها باستمرار في الآونة الأخيرة إلى أن وصلت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق بفعل السياسات النقدية التي تتجلى في خفض سعر الفائدة والإفراط في الطباعة على المعروض النقدي، وكأن النقود تُثبت يومًا بعد يوم أنها إلى زوال! وبطبيعة الحال، لا يزول شيء إلا ليحل مكانه شيءٌ آخر، فإن تمعنّا بحال اليوم، نجد أن العالم عمّا قريب سيُقيم تأبينًا للعملات الورقية وتصعد العملة الرقمية لتكون مستقبل النظام المالي في العالم وتتقلص معها حُرية الإنسان.

كما أن البيانات التي يتم جمعها باستمرار عن استخدام العُملات المشفّرة تُشير إلى ارتفاع مُستمر في عدد مُستخدميها، ومن المتوقّع أن يصل عدد مُستخدمي العُملات الرقمية بحلول 2030 إلى 200 مليون مُستخدم.

وعلى الرغم من الرفض المؤسسي الذي قُوبلت به العملات المشفّرة في بداية ظهورها، لكن يبدو أن مؤسسات نقدية مثل مصرف اليابان، والبنك المركزي الأوروبي، وبنك إنجلترا  يبحثون باستمرار عن إمكانات العملات الرقمية وقدرتها على استبدال العملات الورقية الحالية.

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

تَايِمْ نِيُوزْ أُورُوبَّا بِالْعَرَبِيِّ يُبَارِكُ اَلْفَارِسُ اَلنَّبِيلُ اَلْوِشَاحُ اَلْمَلَكِيُّ

تايم نيوز أوروبا بالعربي|الفريق تَقَدُّمُ فَرِيقِ تَايِمْ نِيُوزْ أُورُوبَّا بِالْعَرَبِيِّ بِأَرَقِ اَلتَّبْرِيكَاتِ إِلَى اَلْكَاتِبِ اَلصَّحَفِيِّ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *