شعب لايُريد إسقاط النظام

كتب | رئيس شبكة تايم نيوز – سعيد السبكي

تشهد المنطقة العربية صراعاتٍ عُنفية، سياسية وفئوية، ولو بنِسَبٍ مُختلفة ( السودان – اليمن – سوريا – تونس – ليبيا ) وهي صراعات تختلط فيها المصالح الشخصية الضيقة بمصالح وطنية صادقة خالصة، وأحياناً يكون من الصعب فرز هؤلاء عن هؤلاء، لكن ليس من المُستحيل كشف المُعارضة الرشيدة وفصلها عن المُغرضة التى تسعى للهدم،سواء بأنفسهم أو مدفوعين من طرف جماعات بعينها، أو أجهزة إستخباراتية لدول لها أهداف عدوانية.،

لكنّها صراعات ارتبطت بشعار “إسقاط النظام”، كما تشهد بلدان المنطقة “حوادث” إرهابية و”أحاديث” طائفية تخدم مشروع إسقاط الأوطان نفسها، لا الأنظمة السياسية فقط .

ومن يرصد ذلك الواقع يُلاحظ  ان “الصراع العربي- الصهيوني”، يتوارى بالتدريج بالتوازي مع تنشيط الصراعات الأخرى في عموم منطقة”الشرق الأوسط”، بحيث ضاعت معايير “الصديق” و”العدوّ” وطنياً وإقليمياً ودولياً . . دعونا نبحث عن المُستفيد إنطلاقاً من قاعدة تكاد تكون ثابتة فى علم الإجرام، ألا وهي المبادئ الأولية فى البحث الجنائى بإتجاه أنظار من يبحث عن الفاعل فى جريمة لا يعرف الفاعل فيها إلى صاحب المصلحة المستفيد من وقوعها، وأحيانا يكون الفاعل رغم معرفته ، ليس هو الفاعل الحقيقى للجريمة، بل أداة من أدواتها ، وأن هناك صاحب مصلحة حركه ورسم له الطريقة التى يرتكب بها الجريمة وأمده بكل ما يلزم لارتكابها، لأنه لا توجد جريمة بلا مصلحة يجنيها المجرم من وراء ارتكابها،!.

فى 25 يناير 2011  تردّد في “ميدان التحرير” بالعاصمة المصرية القاهرة شعار “الشعب يُريد إسقاط النظام”. ثمّ أصبح هذا الشعار عنواناً لانتفاضاتٍ شعبية عربية في أكثر من مكان. لكن لم يكن واضحاً في كلّ هذه الانتفاضات “كيف سيكون إسقاط النظام” ثمّ ما هو “البديل الذي يريده الشعب”، وأيضاً، ما هو الخطّ الفاصل بين “إسقاط النظام” و”عدم سقوط الوطن”.

فهذه الانتفاضات بدأت بإرادة شعوبٍ مقهورة، لكنها اتجّهت في مسارٍ مُعظمه نحو تفتيت الأوطان وتدويلها ،كما ركبت جماعات الاخوان المسلمين موجات الغضب الشعبية فى مصر وتونس لتحقيق أطماع فى الحُكم، لكنها باءت بالفشل، ولا يمكن إغفال انه كانت هناك أجهزة استخبارات ووكلاء من أمريكا واسرائيل وبعض الدول الأوروبية لها خطط تحريضية لتفكيك مفاصل الدولة المصرية على وجه الخصوص.

لقد شهدنا في السنوات الماضية تفسيراتٍ مُختلفة للتراجع الحاصل في عموم المنطقة العربية، وللهواجس التي تشغل الآن بالَ كلّ إنسانٍ عربي، لكن قلّة من هذه التفسيرات تضع الإصبع على الجرح العربيِّ الأكبر.

فأساس المشكلة يكمن فى الأصل بالمجتمعات العربية نفسها، وبكلِّ من فيها، وليس فقط بحكّامها ولا أنظمتها السياسية ،أو بما هو قائم من مشاريع ومؤامرات أجنبية.

فأين العرب الآن من المكوّنات الأساسية لمُجتمعاتهم، والتي تقوم على الوطنية والعروبة والإيمان الديني؟. فالرسالات السماوية تدعو إلى التوحّد ونبذ الفرقة. و”العروبة” تعني التكامل ورفض الانقسام. و”الوطنية” هي تجسيد لمعنى المواطنة والوحدة الوطنية.

من كل هذا الطرح لابد وأن تكون للشعوب العربية رؤية فى مُعارضة رشيدة متوازنة، وأخص بالذكر مصر التى تخرج منها أصوات عدائية هدامة، من جماعة الاخوان وأنصارهم، لكن فى ذات الوقت لابد من الابتعاد عن اساليب التخوين،فليس كل معارض خائن . . وليس كل من يوجه نقد للإداراة السياسية ينشد الهدم، كما ان المزايدة فى الوطنية من حملة المباخر هم من أسباب الضرر لأنفسهم وللنظام الحاكم فى مصر.

فحينما ننتقد نهدف الا الاصلاح وكشف الفساد سعياً لتحقيق الديمقراطية وضمان حُرية الرأي بإنفاذ الدستور . . وحينما نُصر على ترديد مطالب : عيش . . حُرية . . عدالة إجتماعية لا نُريد إسقاط النظام . . بل نريد التقويم والمشاركة من أجل كل طوائف الشعب دون تفرقة بين دين أو مذهب سياسي.

وثقتنا كبيرة فى شعب مصر الذى مهما شعر بالمعاناة من غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار للسلع الأساسية الا أنه يتحلى بالمسؤولية الذاتية حفاظاً على أمن واستقرار الوطن، وهو الشعب الذي رفض ويرفض نداءات التحريض بمزاعم باطلة، كما ان ثقتنا لا تقل أهمية فى أبناء مصر بالخارج ان يستمروا حائط صد منيع ضد أعداء الوطن.

فأين المُعارضة الرشيدة من كل هذا؟

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

سعيد السبكي أضاف لموهبته في الصحافة والأدب مجال «الإرشاد النفسي»؟!

سعيد السبكي.. لماذا أضاف لموهبته في الصحافة والأدب إضافة جديدة بمجال «الإرشاد النفسي»؟! “سعادته الخاصة” …

تعليق واحد

  1. مقال رائع وتحليل واقعي لما مرت وتمر به مصر والمنطقه من أحداث لها تأثير كبير علي حاله الوطن والمواطن، وعلي مثقفين الأمه ان يتصدوا لهذه الاصوات الهدامه للاوطان، وبث روح العمل والانتاج والبناء والتعمير، هكذا تُبني الأوطان بسواعد وعرق وعمل ابناءها، والمشوار طويل، ويحتاج وعي الشعوب لما تحتاجه البلاد لترقي بين الامم في عصر العولمة والتكنولوجيا الحديثه والذكاء الاصطناعي، ولذلك علينا الاهتمام بالتعليم التقني والمهني بجانب التعليم العالي والبحث العلمي، والاهتمام بمعرفه الاحصائيات وخريطه الدوله الجغرافيه والسكانية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.
    تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *