الكاتب الصحفي سعيد السبكي

حكاية وكتاب | شنطة سفر فى عابدين (1)

كتب | سعيد السُبكي

في صيف العام الماضي 2021 في أثناء زيارتي لقاهرتي عاصمة مصرنا وكنت أستعد لمُغادرتها مُتجهاً إلى ” بغداد المغرب ” مدينة مراكش، بينما أراجع أشيائي تنبهت أن حقيبة سفري بها ما يحتاج لإصلاح، ومن معلومات قديمة في ذاكرتي أعرف ان حي عابدين يضم كثير من ورش حرفية صغيرة لإصلاح الأحذية وشُنط السفر، وفى تقديري أن ما بها من قطع هو بسيط سهل إصلاحه فلا داعي للتبذير وشراء شنطة جديدة.

كُنت فى ذلك الوقت قد انتقلت من فندق أقمت فيه بحي جاردن سيتي وسط القاهرة، إلى شُقَّة استأجرتها في مدينة الفسطاط الجديدة بمصر القديمة أمام متحف الحضارات الجديد، وذلك تمهيداً لقضاء أوقات إجازاتي فى مصر مُستقبلاً إن شاء الله، فأنا أُفضل الخصوصية في بيت لي على رَفَاهيَة الفنادق.

ذهبت إلى حي عابدين بحثاً عن ورشة تصليح ووجدتها دون عناء فتركتها على وعد ان أتسلمها بعد بضع ساعات، ثم تجولت بعض الوقت في الشوارع العتيقة بحي عابدين، استمتع بعبق أحد جوانب تاريح القاهرة، أتفرس في أسماء الشوارع التي ترتبط بكثير من الحكايات.

يعد «حي عابدين» من أهم الأحياء التي تتميز بالطابع المعماري الفريد الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويتمركز فيها العديد من الوزارات والهيئات الحكومية والدبلوماسية، بالإضافة إلى العديد من الشركات والأمانات العامة.

يعود تاريخ الحي إلى عهد الخديوي إسماعيل عندما جاء إلى مصر حاكما وكان يحلم بعاصمة مصرية لمصر، فكان يريد تنظيم القاهرة على غرار حي الإسماعيلية، وأصدر أوامره لوزير أشغاله “على باشا مُبارك” وتم فتح الطرق الجديدة ودروب وأزقه كثيرة وأقام ميدان فسيح الأرجاء ” ميدان عابدين” وخطط لبناء قصر جديد ليكون مقرا للحكم وذلك جعل من هذا الميدان مركز يتفرع منه عدة شوارع إلى ميدان الإسماعيلية (التحرير الآن) والأزبكية حيث شارع عابدين (الجمهورية) وميدان السيدة زينب.

نجد أن منطقة عابدين – التي أصبحت قلب القاهرة الآن – كانت عبارة عن مجموعة من البرك الراكدة منها بركة الفراعين، وموقعها مكان ميدان سراي القبة الحالي وبركة السقايين، والفواكه، والناصرية، ومجموعة من المستنقعات تتخللها سلسلة من الهضاب والكثبان الرملية والقلاع التي أقامتها قوات الاحتلال الفرنسي، وتمتد هذه المنشآت من منطقة السيدة زينب إلى شارع المبتديان، فقام بتسوية تلك الهضاب والمرتفعات وردم البرك فأصبحت هذه المنطقة من أجمل مناطق القاهرة الحديثة ويعتبر الخديوي إسماعيل هو المنشئ الحقيقي لهذا الحي عندما فكر في بناء قصر للحكم في قلب عاصمته القاهرة.

عابدين مقراً للحكم

كانت قلعة الجبل مقر الحكم طوال عهد الأيوبيين ثم المماليك ثم الحكم العثماني على مصر حتى محمد على باشا، ولكن عندما جاء إسماعيل رأى أن هذا الوضع لا يتفق مع أحلامه بإنشاء عاصمة مصرية في مقر عابدين ليجعله مقرا للحكم، وكان هدفه أن يحيا بين شعبه ولكن في قلعة، ونجد أن موقع القصر على مشارف القاهرة الخديوية، حيث الأزبكية ثم حي الإسماعيلية ثم جاردن سيتي وكان مقر قصر عابدين على غرار القصور الملكية الكبرى في أوروبا وقبل أن يبدأ البناء جعل رجاله يتصلون بكل من يملكون بيوتا في المنطقة المختارة ودفع لهم تعويضات مجزية وبدأ البناء عام 1863 وذلك هو العام الذي تولى فيه حكم مصر واستمر البناء حتى عام 1872 وتكلف 665 ألفا و570 جنيها وكانت مساحة القصر والميدان الفسيح حوالي 9 أفدنة.

وبعد جولة في شوارع عابدين توجهت مشياً الی منطقة وَسَط البلد فدخلت مكتبة دار المعارف بشارع عبد الخالق ثروت، للاطلاع على اصدرات كُتب جديدة، لكن وقع بصري على كتاب قديم صغير الحجم زهيد الثمن، اشتريته دون تردد وهو كتاب ” حرافيش القاهرة ” للكاتب عبد المنعم شميس الذي سيكون بداية حلَقات قادمة.

وللحديث بقية

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

صلاح السعدني في رحاب الله | العمدة سليمان غانم في ليالي الحلمية

ودعت مصر جثمان الممثل الراحل الكبير إثر وفاته (81 عاماً) في ساعة مبكرة من صباح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *