..عبدالناصر والسادات | ما الفرق

تايم نيوز اوروبا بالعربي | د.حسام عبد العاطي عيد

ناصر..

في ذكري وفاة الزعيم جمال عبدالناصر وبقصد وبدون قصد يتم المقارنة بين ناصر والسادات وتمت كتابة الألاف ان لم يكن ملايين التحليلات في الداخل والخارج من أهل ومقربين وزملاء سلاح وأصدقاء وحلفاء وأعداء وحاسدين وحاقدين ومريدين ودراويش لهاتين الشخصيتين المؤثرتين محليا واقليميا ودوليا بالمدح وصولا للكمال كنماذج تجسد البطولة والزعامة الملهمة التي لا يمكن أن تخطيء وكذلك القدح وصولا الي أرذل المراتب والاتهام بالعمالة والخيانة وبالطبع هذا التطرف بالمدح والذم غير مقبول خصوصا وقد جرت في النهر مياه كثيرة بعد هاتين التجربتين وتغير وعي المجتمع وأدوات القياس
ومن خلال مشاهداتي وسماعي للناس علي اختلاف ثقافتهم وميولهم وقراءتي للعديد من هذه التحليلات سواء المكتوبة أو من خلال برامج التوك شو والتي تنشط في أشهر حدثين مرتبطين عضويا بهذين الرجلين ثورة يوليو١٩٥٢ وانتصار السادس من أكتوبر ١٩٧٣
بيت القصيد في هذا المقال انني أزعم أن هناك نقطتين يتم اغفالهما عند المقارنة نقطة الكل يعلمها وهي يجب تقييم الحاكم بمعطيات زمانه وتوافر ظروف دولية ومحلية مختلفة وتواجد نوعية فريق عمل الرئيس والتي لها تأثير قوي ومباشر علي عملية صنع القرار وتحمل تبعاته بالسلب او بالايجاب

محللين أغفلو تفاصيل

أما النقطة الاخري و التي اعتقد أن معظم المحللين ان لم يكن كلهم قد أغفلها علي حد علمي أن أحدا لم يدقق في التفاصيل الصغيرة الحياتية والتي أثرت تأثيرا عميقا في تكوين وكيفية تطور كلا الشخصيتين وكيف أثر ذلك في تعاطي كلا منهما مع الأحداث ومتي تسلم كلا منهما زمام الأمور

نشأة ناصر

نشأ عبدالناصر الصعيدي وأصبح ضابطا وفي سن الثالثة والثلاثين تقريبا أصبح صاحب القرار الأول قي مصر وأحيانا في المنطقة
اذا نظرنا بدقة الي هذين السطرين اعتقد اننا يمكننا فهم الكثير من قرارات ناصر وأسلوبه في الحكم اذ أن نشأة الرجل وجذوره اذا أمكننا قول ذلك تجعل سلوك الرجل عموما يميل الي الصرامة والجدية واحيانا الحدة والعناد والاندفاع واستسهال التضحية بالغالي والنفيس في سبيل مفهوم الكرامة واذا أضفنا السن الصغيرة نسبيا والتي تنقصها التجربة والحنكة لحكم بلد بحجم مصر ثم شخصية الضابط الذي يأمر فيطاع دون مناقشة اذا فهمنا هذه التركيبة جيدا يكون جليا أن نري قرارات التأميم وقرار حرب يونيو ١٩٦٧ وعدم التوافق مع معظم قادة الدول العربية والدول الغربية وخصوصا بريطانيا وفرنسا انتهاءا بأمريكا وهذا في رأيي ما قد يكون من الأسباب التي استخدمتها المخابرات الغربية لاستفزاز الرجل ودفعه لاتخاذ قرارات في اتجاه خاطيء وسهولة التنبؤ بتصرفاته حتي أنها اطلقت علي عملية يونيو خطة اصطياد الديك الرومي وللاسم دلالة واضحة عن كيف ينظر هؤلاء الناس لهذا الرجل

 

السادات

نشأ السادات في ريف مصر وانضم للجيش واشترك في حركات ثورية وتم فصله وعمل في وظائف دنيا كثيرة ثم تقلد مناصب سياسية عديدة بعد الثورة وتسلم الحكم وهو يبلغ حوالي اثنين وخمسين عاما
اذا نظرنا الي هذه الحقائق نفهم لماذا تحمل الضغوط الهائلة من الشعب لبدء الحرب ووضع نفسه موضع السخرية وتجاهل السفهاء حتي يتم الأستعداد لشن الحرب ولم تستطيع أي أجهزة مخابراتية معرفة ما يدور في رأسه والتنبؤ بما قد يفعله أو رد فعله ولماذا تراجع عن زيادة الأسعار بعد الغضب الشعبي في يناير ١٩٧٧ ولماذا هاجم اسرائيل بالسلام بالذهاب اليهم هذا لأن التجربة أصقلته وتسلم الحكم في سن النضج والحكمة ومعايشته للفقراء والضعفاء كانت حقيقية ويتضح ذلك عندما أمر رئيس الوزراء بانشاء بنك ناصر حتي يستطيع المواطن البسيط الأقتراض دون مهانة

 

مشيئة

الحقيقة ليس هناك فضل لأيا منهما في ذلك وانما هي تصاريف الأيام ومشيئة الرحمن لدفع الناس الي مصير محتوم
أنا هنا لا أنحاز لهذا أو ذاك فكلا منهما له تقديره الشديد عندي وله ايجابياته وسلبياته كأي مخلوق غير معصوم خلقه الله تعالي والمقارنة غير واردة علي الاطلاق ولكنها مجرد محاولة لفهم أشياء أو أحداث أو أشخاص مروا في التاريخ وفي نظر البعض الحديث عنها غير مجدي وهذا يجب احترامه والبعض الأخر من زاوية أخري قد يري أن هناك دروسا مستفادة وأنه يجب سرد وتحليل التاريح للاجيال التي لم تعاصر هذه المرحلة وانا منهم فعندما استشهد السادات كان عمري تقريبا ثماني سنوات

 

الدرس

والدرس الأهم الذي يمكن استخلاصه هو أن تعزيز مؤسسات الدولة وجعل دورها محوريا في عملية اتخاذ القرارات وخصوصا الأستراتيجية منها هو الضمانة الأكيدة لعدم الوقوع في أخطاء كارثية قد يتطلب اصلاحها أو مجرد تقليل أضرارها الكثيروالكثير من التضحيات التي تستنزف الوقت والجهد والمال وأشياء أخري لا تحصي وأخطرها حياة الناس حفظ الله مصر تحيا مصر

عن admin1

شاهد أيضاً

وسام السبكي | امتياز مع مرتبة الشرف الأولى في رسالة دكتوراة فى مجال ادارة الأعمال

القاهرة | خاص شهدت قاعة المؤتمرات بمركز التعليم المدني لوزارة الشباب والرياضة بالجزيرة صباح اليوم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *