انتعاش السياحة الثقافية بالجزائر في ظل كوفيد 19

تايم نيوز أوروبا بالعربي|الجزائر|نسيمة طايلب

على إثر أزمة كوفيد العالمية، لجأت أغلب الدول إلى غلق حدودها الدولية و من ضمنها الجزائر التي عملت على وقف مجمل رحلاتها من و إلى الخارج حفاظا على السلامة الصحية للأفراد، فتعطلت على إثرها العديد من المصالح الشخصية و العامة، كما تضررت العديد من القطاعات، من ضمنها قطاع السياحة الخارجية الذي عرف ركودا رهيبا حتى في كبريات دول العالم.
لكن الأمر لم يستمر على حاله، فبحثت الوكالات السياحية في الجزائر و خارجها عن مخرج لهذا الركود الذي تسبب في عجز مالي رهيب للقطاع و خسائر لا تحصى للقائمين على النشاط السياحي، و لم يكن المنفذ اختياريا أو سهلا بالنسبة للوكالات السياحية الجزائرية بالنظر إلى النقائص الكثيرة التي يعاني منها القطاع، لكنه حل اضطراري ناتج عن غلق منافذ السياحة العالمية والإقليمية، فانطبق عليه قول “رﹸبً ضارة نافعة” ، فبمجرد الانفراج التدريجي لحالة الحجر التي عرفتها أغلب محافظات/ ولايات الجزائر، بدأت هذه الوكالات في تنظيم رحلات سياحية داخلية بصيغ مختلفة ولوجهات متعددة إلى جانب الرحلات الجماعية غير المنظمة التي ميزت الفئات الشبابية.
و لأن الجزائر بحجم قارة، نظرا لمساحتها الشاسعة المقدرة بـأكثر من 2 382 مليون كلم 2 ، فإن مناخها و بيئتها التضاريسية و الجغرافية سمحت بثراء طبيعي لا مثيل له، هذا ما انعكس على تنوعها الثقافي و فتح آفاقا واسعة لتعدد أشكال السياحة المحلية، التي تراوحت بين السياحة الجبلية، الغابية، الصحراوية، الساحلية و كذا الدينية و العلاجية … و قد لاحظ المتابعون للشأن السياحي الوطني، زيادة الإقبال مؤخرا على السياحة الثقافية، خاصة و أن الجزائر تضم 58 محافظة/ ولاية (بالتقسيم الجديد) موزعة على ربوعها، و لكل محافظة طابعها الثقافي و التضاريسي المميز الذي قد تخفى تفاصيله على باقي المحافظات/ الولايات.
هذا ما دفع القائمين على الوكالات السياحية الوطنية، لتبني خطة طموحة للتسويق السياحي الثقافي، نظرا للطلب المتزايد عليه باستغلال مختلف القدرات والإمكانيات الثقافية المتاحة بحثا عن رضا وإقبال السائح المحلي، من خلال التعريف بالعادات اللغوية و اللباسية و الاحتفالية والغذائية للمناطق التي تتم زيارتها، كما يتم التوقف عند المسار التاريخي النضالي لكل منطقة، خاصة أن كل زاوية من زوايا الوطن شاهدة على احتلال تجاوز قرنا من الزمن، لتحاكي الزيارات المحلية الخصوصية الثقافية و التاريخية و الاجتماعية لكل منطقة.
هذا ما قامت به إحدى الوكالات السياحية بالوسط الجزائري مؤخرا، من خلال تنظيمها لزيارة إلى شمال مدينة “تيقزيرت” بتيزي وزو الواقعة بمنطقة القبائل، و قد وقع اختيار الوكالة على قرية ” أزرا” التي حازت على لقب أنظف قرية من بين 64 قرية بالمنطقة، ضمن المسابقة الولائية التي نظمها المجلس الشعبي بتيزي وزو، نظرا لحرص سكانها على العمل بمبدأ مصادقة البيئة و غرس ثقافة إعادة رسكلة النفايات و الاستفادة مما يمكن الاستفادة منه.
كما يعد هذا التتويج حصيلة للحس التعاوني المشترك لسكانها الذين سخروا مجهوداتهم وإمكانياتهم الشخصية و المادية لتزيين و طلاء أزقة القرية بلوحات فنية مبدعة تعكس واقعهم الثقافي المعاش من زراعة و جني لمحاصيل الزيتون و استخراج الزيوت الطبيعية منها بالإضافة إلى إعداد المأكولات والمنسوجات المنزلية و صناعة للحلي و الأواني الفخارية.
كما تتميز القرية بمعالم تاريخية و تراثية عديدة، قام سكانها بصيانتها و إنجاز واجهة تعريفية لها عند مدخل القرية لتعريف الزوار بها منها: المنارة (1958)، و المعصرة التقليدية للزيتون، منابع المياه الطبيعية، الشجرة المعمرة.. مع تخصيص دليل سياحي محلي يقوم بمرافقة كل الوفود الزائرة، وصاحب هذه المبادرة تخصيص منزل تقليدي نموذجي للزوار يضم مختلف الموروثات المنزلية التي بدأ تواجدها بالأسرة الجزائرية و على وجه التحديد بمنطقة القبائل بالتراجع جراء المد العولمي، و الجميل في الزيارة المرافقة اللغوية لتسميات الأغراض و الأماكن من باب التعريف بالثقافة اللغوية للمنطقة، إضافة إلى حضور بعض المأكولات الشعبية على موائد الاستعراض.
أما أجمل ما طبع الزيارة فهو حفاوة الاستقبال و رحابة صدر سكان المنطقة، مع حرصهم على الالتزام بمختلف إجراءات الوقاية و السلامة خلال زيارة القرية التي لا تبعد بكثير عن ميناء المدينة وآثارها الرومانية التي تستحق هي الأخرى الزيارة و التوصيف في مقال مقبل.

عن admin1

شاهد أيضاً

المقعد A37 تفوز في مُسابقة القيصر الأدبية الدولية للقصة القصيرة

كتبت | رئيسة قسم ثقافة وفنون – عبير نعيم المقعد تفوز بالمركز الثامن في مُسابقة …

تعليق واحد

  1. ماشاء الله دكتورة اخذتنا في جو صيفي منعش بهذه الصور والوصف الجميل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *