وزير الخارجية المصري سامح شكري
وزير الخارجية المصري سامح شكري

شكري لمجلس الأمن حول سد النهضة: يؤسفني إخطار المجلس بوصول المسار التفاوضي لنهايته

كتب – أحمد يدك | القاهرة:

أعرب السفير سامح شكري وزير الخارجية المصري عن أسفه أمام مجلس الأمن، بسبب وصول المسار التفاوضي مع الجانب الإثيوبي حول أزمة سد النهضة إلى نهاية مسدودة، وذلك بسبب تعنت إثيوبيا في مراحل التفاوض كافة، وشروعها في بناء وملء خزان السد من جانب واحد.

جاء ذلك بجلسة مجلس الأمن الطارئة، التي انعقدت منذ ساعات لمناقشة تطورات أزمة سد النهضة الإثيوبي، بحضور أعضاء مندوبي الدول الأعضاء بالمجلس، إلى جانب وزيري خارجية مصر والسودان، ووزير الطاقة والمياه الإثيوبي، بمشاركة كلًا من أنجر آندرسون، وكيل السكرتير العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وبارفيه أنانجا المبعوث الأممي الخاص للقرن الإفريقي.

وقال شكري في كلمته التي ألقاها بالجسلة إن مصر تلك الأُمة التي يتجاوز تعدادها أكثر من مائة مليون نسمة، تواجه تهديدًا وجوديًا؛ بسبب بناء كيانٌ هائل على الشريان الذي يهب الحياة لشعب مصر.

وتابع بقوله: “وارتفع جدار ضخم من حديد وفولاذ بين ضفتي نهر عظيم وعريق، مُلقيًا بظلاله الثقّال على مستقبل ومصير الشعب المصري، ومع كل حجر في البناء، يعلو سد النهضة الأثيوبي ويتسع خزّانه ليُضيق على شريان الحياة لملايين الأبرياء الذين يعيشون من بعد هذا السد العملاق على مجرى نهر النيل”.

سامح شكري خلال إلقاء كلمته أمام جلسة مجلس الأمن
سامح شكري خلال إلقاء كلمته أمام مجلس الأمن

وأكد وزير الخارجية أن مصر قد أتت إلى مجلس الأمن العام الماضي وشاركت في جلسته التي عقدت يوم 29 يونيو 2020 لتحذر المجتمع الدولي من هذا الخطر المحدق الذي يلوح في الأفق، ونبهت آنذاك إلى قُرب وقوع الملء الأول لهذا السد الأثيوبي، وأن مصر قد حذرت وقتها من مغبة السعي لفرض السيطرة والاستحواذ على نهر يعتمد عليه بقاء الشعب المصري.

وأضاف: “ومن هذا المنطلق، فقد ناشدنا المجلس للعمل بكل جهد ودأب لتجنب تصاعد التوتر الذي سيهدد السلم في إقليم هش، ودعونا أشقائنا الذين نشاركهم ثروات النيل إلى التحلي بالمسئولية والاعتراف بترابط وتشابك مستقبل وثروات شعوبنا، ورُغم ذلك، وبعد بضعة أيام من جلسة مجلس الأمن العام الماضي شرعت إثيوبيا  دون مراعاة للقوانين والأعراف، في الملء المنفرد لسد النهضة وأعلن وزير خارجيتها بعجرفة وصلف أن النهر تحول إلى بحيرة بقوله إن النيل ملكًا لنا.

وأوضح شكري بأنه رغم ذلك، فإن رد فعل مصر إزاء هذا الاعتداء على النيل اتسم بضبط النفس واتباع درب السلم والسعي للتوصل لتسوية لهذه الأزمة من خلال اتفاق مُنصف يحفظ مصالح الأطراف الثلاثة، مُضيفًا أن مصر قد تبنت بصدق مبادرة رئيس الاتحاد الإفريقي آنذاك سيريل رامافوزا، رئيس جنوب أفريقيا، لإطلاق مفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، بعدها تم الإنخراط على مدار عام كامل في المفاوضات التي عقدها وأدارها الأفارقة من أجل صياغة حل أفريقي لهذه الأزمة، ورغم ذلك، فقد باءت كل تلك الجهود بالفشل – على حد قوله -.

وتابع: “والآن، وبعد عام من الإخفاق والمفاوضات غير المثمرة، وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلها رؤساء الاتحاد الأفريقي وشركاؤنا الدوليون، نجد أنفسنا مُجددًا، في مواجهة المسلك الإثيوبي الأحادي بملء السد دون اتفاق يضمن حماية شعوب دولتي المصب ضد مخاطره، وهو ما تجلى في إعلان إثيوبيا يوم 5 يوليو الجاري، أي قبل ثلاثة أيام فقط من انعقاد هذه الجلسة، البدء في ملء العام الثاني للسد بشكل أحادي”.

سامح شكري حاملًا كلمة مصر قبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن
سامح شكري حاملًا كلمة مصر قبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن

واعتبر الوزير أن هذا السلوك الإثيوبي “الفج” لا يعكس فقط انعدام المسئولية لدى الجانب الأثيوبي وعدم المبالاة تجاه الضرر الذي قد يلحقه ملء هذا السد على مصر والسودان، ولكنه يجسد أيضًا سوء النية الإثيوبية، والجنوح لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب في تحدٍ سافر للإرادة الجماعية للمجتمع الدولي والتي تم التعبير عنها وتجسدت في انعقاد جلسة لمجلس الأمن لمناقشة هذه القضية واتخاذ إجراءات حاسمة بشأنها.

وأثني شكري على الإتحاد الأوروبي لإصداره أمس، الخميس، بيانًا يعرب فيه عن أسفه لبدء إثيوبيا الملء الثاني لسد النهضة من دون اتفاق، مشجعًا في الوقت ذاته مجلس الأمن وأعضاءه على إتخاذ موقف مماثل في أعقاب هذا التطور المثير للقلق البالغ – وفق قوله-.

واعتبر أن نهج إثيوبيا وتصرفاتها الأحادية المستمرة تفصح عن تجاهلها وازدرائها لقواعد القانون الدولي، وتكشف أهدافها السياسية الحقيقية، التي ترمي إلى أسر نهر النيل والتحكم فيه وتحويله من نهر عابر للحدود جالب للحياة إلى أداة سياسية لممارسة النفوذ السياسي وبسط السيطرة، وهو ما يهدد بتقويض السلم والأمن في المنطقة، موضحًا ان مصر اهتارت لهذا السبب طرح هذه القضية الحيوية على مجلس الأمن مجددًا.

وقال: “إن التصرفات الأحادية الإثيوبية المستمرة، والإخفاق المتواصل للمفاوضات، مع غياب أي مسار فعال وجاد في هذا المنعطف لتحقيق تسوية سياسية لهذه القضية الحيوية، هي الاعتبارات التي دفعت بمصر إلى مطالبة مجلس الأمن بالتدخل العاجل والفعال لمنع تصاعد التوتر ومعالجة هذا الوضع الذي يمكن أن يعرض الأمن والسلم الدوليين للخطر، وذلك وفقًا لما هو منصوصٌ عليه في المادة “34” من ميثاق الأمم المتحدة؛ وقد جاءت مصر إلى مجلس الأمن من منطلق إيماننا الراسخ بقيمة القانون الدولي، واقتناعنا المتأصل بأهمية وفاعلية العمل متعدد الأطراف كأداة لتعزيز السلام ومنع الصراعات والنزاعات،  ويقودنا في ذلك التزامنا الراسخ بالمبادئ التي أسسها وقام عليها ميثاق الأمم المتحدة، وإيماننا وثقتنا الدائمة في قدرة مجلس الأمن على الاضطلاع بسئوليته في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين من خلال اتخاذ ما يلزم من تدابير لمعالجة أزمة هذا السد الإثيوبي، وكذلك انطلاقًا من حقيقة أن من الفوائد الكبرى التي يسديها هذا المجلس للإنسانية تكمن في سلطته وقدرته على التحرك بشكل استباقي لحماية وصون السلام، وليس الإحجام أو إبداء عدم الاكتراث عند تعرض حقوق الدول وبقائها للتهديد”.

وأشار وزير الخارجية إلى انخراط مصر بفاعلية على مدار عقد كامل في المفاوضات ذات الصلة بالسد الإثيوبي رغم شروع إثيوبيا بشكل منفرد، في بدء تشييد هذا السد بالمخالفة للالتزامات الدولية المفروضة عليها كدولة منبع يتعين عليها الإخطار المسبق والتشاور مع دول المصب، إلى جانب سعي مصر إلى التوصل لاتفاق يضمن حقوق الدول الثلاث ويعزز من مصالحها المشتركة.

عن زوايا الأخبار

شاهد أيضاً

صلاح السعدني في رحاب الله | العمدة سليمان غانم في ليالي الحلمية

ودعت مصر جثمان الممثل الراحل الكبير إثر وفاته (81 عاماً) في ساعة مبكرة من صباح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *