فرهدة في قفص الوطن …

تايم نيوز أوروبا بالعربي|ليندا سليم

ترجلت من  بيتي فجرا دون سيارتي حتى وجدت وسيلة نقل “ميكروباص” فصعدت فيه وكان كل ما به رجال..

السلام عليكم
عليكم السلام ورحمة الله وبركاتة.
عطيت السائق خمس جنيهات فرد لي جنية ونصف
ولاني خلفه بجوار الشباك صابت عيني بعضا طفية سيجارته المشتعلة ( سائق مدخن وبدون ماسك)..

المحطة التالية 
نزلت أخر الخط في ميدان (-) وصعدت ميكروباص اخر إلى مكان آخر فأخذت حينها مقعدان بجوار السائق ونوعا ما الأمور كانت بسيطة حتى نزلت في وجهتي لموقف الباص المتوجه إلى محافظة (-) فلم أجد موظف الشباك فانتظرته حتى جاء وقال الباص المتوجه لمحافظة (-)لن يتحرك قبل السابعه..

المحطة الثالثة

وقتها الساعة السادسة فعزمت المضي للبحث عن وسيلة أخرى وكان هناك رجلان أحدهما صعد ميكروباص ينادي بحاجته لفرد واحد فذهب دون وداع حتى والأخر تركني اصعد قبله الميكروباص فعلق كلانا ترك الثالث دون  سلام ثم توقفنا حتى لا نتورط في غيببته معللين عله خير له ولنا والله ييسر طريقنا جميعا ويبطنه بالأمان ..
اكتمل العدد وتبادلنا بعض الأحاديث القانونية كونه مستشارا قانونيا وكان يريد اللحاق بجلسة في نفس وجهة المحافظة واضطر لاستبدال وسيلة المواصلات كي يتمكن الحضور قبل التاسعة صباحا وقلت له أن لي نفس السبب ولكن لوجهه أخرى ..
وصلنا وكل منا ذهب حال سبيله وانتهيت لما سافرت من أجله أو بعضا منه ثم قررت العودة لنفس المحافظة التي اتيت منها ..

العودة

فذهبت لموقف الباص ووجدت الحافلة وكأنها بانتظاري والجميع يرتدى ماسكات للوجه وحاجة ( زي الفل) .. ومضى الوقت في التنقل بين الواتس والفيس والإميلات والنوم على غفوات ثم وصل بنا الباص فنزلت لأجد امامي ميني باص مكتوب عليه مكان أوسط لوجهتي فقلت في بالي اصعد ومن ثم أخذ مواصلة أخرى لبيتي ليكون يوما كاملا بين أهل وطني الغالي أترقبهم فيه وارى هل الحال مثل ما كان أم تغيروا ولو قليلا ..

التذاكر شمال

وجدت مقعدا ينتظرني فأخرجت من حافظتي خمس جنيهات ولم انتظر التذكرة ولم اطلبها وخاصة بعد أن وجدت مشاحنة قائمة بالفعل بين مفتش شاب صغير جدا وسائق المسنين باص بسبب التذاكر ،وهنا بدأت رحلتي الحقيقية في التركيز على تفاصيل يراها البعض صغيرة ولكنها تفتح بيوت وتغلق بيوت وتهدم سمعة وحاجات كثيرة …
المهم .. السائق يا ابني اسمعني الناس رجعوا التذاكر لما العربية عطلت اعمل ايه يعني اشيلهم انا التذاكر دي دول أربع تذاكر انا ذنبي ايه ..
المفتش.. ذنبك انك رجعت وبيعتهم مرة تانيه لركاب تانية ..
السائق .. الناظر هو اللي قالي طالما الناس رجعت التذاكر واخدت فلوسها يبقى بيعهم تاني عادي..
المفتش.. انا سجلتلك الكلام دا على فكرة
السائق .. ما تسجل عادي هو انا هخاف انا مبقبلش الحرام..
شوية وبعد تليفونات واتصالات بالمفتش الأكبر بالفعل حضر وصعد واتهم السائق بسرقة عدد تسع تذاكر ( مش أربعة) لانه جمع كل التذاكر المقطوعة وعددهم تسعه ..
وقال له أيضا انت عارف التذكره هتقف عليك بكم في التحقيق ب 100ج وهي اصلا ب 5ج .. واخذ يتمتم له أنه حرامي وشمال وكلام من هذا القبيل والسائق يرد ب حد الله والناس يقولوا صلوا على النبي وانا طبعا (اسكت ؟ لا يمكن ) ..قلت له يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ … حتى آخرة .. مع بعض الكلمات الملطفة…فسكت المفتش الكبير والصغير احتراما لي ثم قال أحدهم أن الشغل شغل وأنهم مضطرين يتعاملوا ثم كرر المفتش على السائق من الذي نصحك بيع التذاكر المقطوعة فقال له الناظر والله الناظر .. قاله خلاص لو الناظر فعلا قالك كده انت براءه والناظر ( هيلبس) وواضح كده أن الناظر لبس نتيجة لسوء تدبير السائق وعلى فكره شكل السواق فعلا ( شمال ) والناظر فعلا صعبان عليا بس الصعبنة راحت بمجرد ما وجدت المحطة التي اقصدها فاتتني وانا حاشرة نفسي معاهم في حوارهم العجيب ونصحني احد الركاب أن أنزل واخذ مواصلة أخرى معاكسة للعودة لوجهتي وفعلت ذلك وتوجهت إلى المحطة قبل الأخيرة وميدان (-)

قفص ب35جنية

ثم مشيت قليلا فوجدت على يميني بائع اقفاص عصافير فابتسمت وتذكرت ابنتي الصغيرة وكم ستفرح ان أحضرت لها عصفورا بعد غياب يوم بعيد عنها فسألت أحد المحلات بكم ؟قال ب 35ج قلت في سري تخيلت أنه يتجاوز ال300 المهم ( اسكت ؟ لا يمكن) لازم الاستايل المصري يظهر والفصال ونصاحة في غير موضعها ، فقلت له بتتشطر عليا ولا ايه ؟ قتالا والله دا جملته وكذا..
-قلت له طيب ياخد كم عصفور ؟
-ثلاث تجواز
– تقصد 6 عصافير
-هو كده
طبعا من جوايا برقص وقلت القفص ب 35 والعصافير بالحسبة دي ونسبة وتناسب الفيلم كله مش هيعدي ال300 يعني ثمن القفص ..
طيب بكم العصفور؟
قال معرفش ..
-ليه مش بتبيع؟
قال لا بس المحلات جنبي بتبيع ..
طيب هروح اشوف بيبعوا بكم ولو كده هرجعلك ..
روحت وسألت بكم الكناري؟
رد على ولد صغير حوال سبع سنوات واضع شال على رأسه وبيسحب كوب ماء من جردل وبيشرب منه وكأنه يحتسي ( جعة) وبرقلي وقالي عشان خاطرك ب 175ج ..
بدون مقدمات طبطبت على ظهرة وقلت له طيب ابقى اكله كويس يا حبيبي ومشيت..

جعاااانة عاوزة ساندويتش

وإلى محطة بها ميكروباصات تنقلني إلى جوار بيتي مسافة تعدية الطريق فوجدت سيدة تفترش الرصيف وتبيع مناديل ( جعاااااانه) وتبصلي ..( عاوزة ساندوتش) المهم جمدت قلبي لأول مرة عشان خلاص تقريبا كل اللي وفرته في يوم عملت فيه ناصحة وركبت مواصلات عوضا عن التكاسي راح في الصعبانيات ..ومرة واحدة مارشدير ورجعت لها وطبطبت عليها واعطتها مما اعطاني الله ثم توجهت إلى الموقف سائلة اين سيارات (-) قال لي أحدهم من هنا ..

فتاة يغشى عليها 

مفيش خطوة واحدة نظرت لى فتاة لم تبلغ العشرون ثم اغشى عليها لتسقط أمامي وانا أسرعت لألحق رأسها من الارتطام بالأرض والتف حولنا شابات وماء وعصير وافاقة وترجيع( بنات جدعة) وتبين لنا في أخر الأمر أنها كانت بتتبرع بالدم وبعدها شعرت بدوار ثم سقطت…
ثم قررت الذهاب لمكان ماء تغتسل ومعها أخرى فسألتها تريدي شئ شكرتني وقالت لا وسلام سلام ..
صعدت الميكروباص في الكرسي الامامي وقلت السائق ساخذ المقعدان ثم رأيت البنت عائدة فطلبت منها أن تصعد معي واخرجت عشرة جنيهات وقلت السائق اثنتان فقال لي لا العروسة تبعي وكان رافض ياخد الأجرة لي فرفضت طبعا واصررت ..
وقلت له يعني ايه تبعك ؟
قال أنا ابن عم ابوها ..
قلت لها الكلام دا صحيح ؟
قالت اه صحيح ..
فاوصتها أن تنتبه لنفسها وتلصصت للإطمئنان لجزء من حديثها مع السائق ما جعلني اتاكد أنه بالفعل يعرف والدها أو يقرب لهم …

شااااور ونية عدم التكرار
ثم نزلت قبلي ونزلت بعدها ومشيت على قدماي خمس دقائق حتى بيتي متوجهة إلى الشاور بكامل ملابسي وفي راسي دوشة عجيبة ليوم طويل وحوارات أعجب ومواقف إنسانية متفاوتة بين ناس تشيل وناس تحط وناس تلبسك في الحيط وناس تاخدك من ايدك وتطبطب ..
من الأخر تجربة تشعرك أن  ممكن تكون الدنيا أصبحت غالية والاذواق اختلفت لكن الجوهر لم يتبدل وكذلك النفوس ومثل ما في شئ مخزي في أيضا حلو …بصراحة تجربة فريدة وحقيقي مش عاوزة أكررها تاني يمكن بعدين أتناسى واعملها ولكن حتى اللحظة اشعر وان تكرارها صعب ومرهق وان الشئ الوحيد الذي كان يجعلني اتماسك في مواقف لا تحتمل الا الرد هي اني بعتبر نفسي ضيفة يومين وراجعة حيث إقامتي وازداد الأمر سوءا عندما تخيلت أن الأمر قد يطول أو أجبر تكراره وهل سأتاقلم ؟وهل سأحتمل في مثل هذا العمر مالم احتمله وانا اصبى؟
ويوم ومر مرورا كريما ويبقى الوطن …في عيني جميلا حتي بعد الفرهدة…

عن admin1

شاهد أيضاً

سراج الدين يكتب|مُنخفض القطارة

تايم نيوز أوروبا بالعربي|شوقي سراج الدين  اعتقد ان كل ما تم كتابته عن هذا المشروع …

تعليق واحد

  1. سهيل حردان محمد

    أسأل الله لك التوفيق والسداد والعون أستاذة
    كما أسأله سبحانه أن يمدك بالصحة والعافية اللهم آمين آمين آمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *