هل تتجه أوروبا نحو حرب أهلية تبدأ بفرنسا؟

كتب | سعيد السبكي – رئيس تحرير تايم نيوز أوروبا

طالب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مؤخراً  قادة المسلمين في بلاده  بوضع ما أطلق عليه “ميثاق للقيم الجمهورية” ، استوقفنى ذلك التعبير، ودارت في ذهنى أسئلة كثيرة من أهمها: أليس فى فرنسا دستور تبثق منه مواد ونصوص قانونية تنظم الحياة الاجتماعية، تتضمن الثواب والعقاب لكافة المواطنين على الأراضي الفرنسية؟!
واستجابة لما طلبه ذهب اليه  مسؤولي الديانة الإسلامية في فرنسا وعرضوا أمامه، الخطوط العريضة لتشكيل مجلس وطني للأئمة، ويبدو ان ماكرون اما ان يكون غير راضي، أو ربما يكون فى خلفية تفكيره أشياء أخرى غير معروفة بعد، أما ما أفصح عنه ماكرون صراحة فهو اعلانه عن أسفه لما وصفه بـ ” الدعم الدُّوَليّ الخجول” لبلاده ويؤكد “لن نغير قيمنا”

وكان ماكرون قد طلب من محاوريه أن يتضمن الميثاق تأكيدا على الاعتراف بقيم الجمهورية، وأن يحدد أن الإسلام في فرنسا هو دين وليس حركة سياسية، وأن ينص على إنهاء التدخل أو الانتماء لدول أجنبية، وهذه من حيث المبدأ طلبات مشروعة لا غبار عليها.

أما إذا نظرنا إلى الوضع العالمي العملي في الوقت الراهن، فليس من الصعب رؤية وتحليل نتائج حوادث ” جرائم تطرف يُقال انها بدوافع اسلامية ” بغض النظر عن من يُدبر لها ويخطط من الخلف، وما هى الأهداف الحقيقية من وراءها، ليس ذلك فحسب، ولكن تيارات اليمين السياسي المتطرف ( الأوروبي – الأوروبي )  لا يمكن اعفاءها من تورطها فى غرس بذور الكراهية والعنصرية داخل المجتمعات الأوروبية.

فهل تتجه أوروبا نحو حرب أهلية تبدأ بفرنسا؟

سؤال صعب وقد يكون صادماً للبعض، ولكنه استفسار مشروع، حيث ان موجات الهجرة الشبه جماعية إلى أوروبا تتزايد وتثير مخاوف وقلق ساسة وحكومات أوروبا ووسائل الاعلام ذات التوجهات اليمينية، تلك التي تروج من وقت لآخر ان الهجرة تحدث تحت راية الإسلام بشكل متزايد، ويتم اثارة المخاوف من نشوب حرب أهلية عرقية.

إن عجز أوروبا عن احتواء تيار الهجرة القادم من شمال ووسط إفريقيا والشرق الأوسط (خاصة سوريا)، تلك الهجرات التى هي نتاج حروب شاركت فيها أوروبا خلف أمريكا بشكل أو آخر، تؤدي بلا شك لحدوث تغير ديموغرافي، أن لم تتعامل معه أوروبا بإيجابية وعدالة اجتماعية سيؤدي حتماً إلى صراعات شديد الْخَطَر هائلة الحجم.

توجد في أوروبا مجموعات كبيرة من الشباب، ولا سيما العرب المسلمين، الذين أصابهم الغضب وخيبة الأمل فيما تعلن عنه أوروبا انها تحمى حقوق الانسان، ولا ننكر ان بعضهم أصبحوا أكثر فأكثر راديكالية، ومنهم يتم تدريبهم عسكريًا وتسميه أفكارهم بثقافة تطرف، وليس من المُستبعد ان يقوم بعضهم بشن حرب دينية بواسطة أعمال شغب وهجمات إرهابية. وسيكون هذا التجمع في مثل هذه الحالات هو العامل الحاسم في إطلاق دوامة من العنف قد يصعب السيطرة عليها.

 لدى فرنسا على وجه الخصوص، تقليد طويل من الصراعات الداخلية الشديدة أو الأقل حدة، التي بدأت مع الحروب الدينية في القرنين السادس عشر والسابع عشر، واستمرت حتى القرنين التاسع عشر والعشرين. لم تكن الثورة الفرنسية أكثر أو أقل من حرب أهلية. أيضًا خلال الحرب العالمية الثانية، تم تقسيم فرنسا إلى معسكرين، يكره كل منهما الآخر، بينما، كما هو الحال دائمًا، يتبع غالبية السكان نهج الانتظار والترقب. من ناحية المقاومة، من ناحية أخرى المتعاونين مع أنصار الحكومة.

اليوم، تحدث من وقت لآخر نزاعات بين المسلمين والمواطنين الأوروبيين الأصليين. يظهر الإسلام نفسه بشكل أكثر وأكثر انفتاحًا ويتزايد أتباعه بسرعة. هذه حقيقة جديدة جذرية ومخيفة في التاريخ الفرنسي. ومع ذلك، يتم تهميشها في السياسة والإعلام من قبل النخبة الحاكمة ، مصدومة ومعمية.

ومع ذلك، فإن هذا الاقتراب من المواجهة هو أكثر حدة وربما أكثر خطورة، على سبيل المثال، من الحروب الدينية بين الكاثوليك والبروتستانت، أو الصراعات الأيديولوجية والسياسية التي شكلت التاريخ الحديث منذ الثورة الفرنسية.

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

سعيد السبكي أضاف لموهبته في الصحافة والأدب مجال «الإرشاد النفسي»؟!

سعيد السبكي.. لماذا أضاف لموهبته في الصحافة والأدب إضافة جديدة بمجال «الإرشاد النفسي»؟! “سعادته الخاصة” …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *