ايناس السيد

بلاغة ومُبالغة | إيناس الســيد

 بقلم:إيناس السيد نائب رئيس تحرير جريدة الوفد

لماذا نترحم على الأزمنة التى مضت ,فى كل يوم وفى كل مشهد ,سواءاً تعلق هذا المشهد بالمشاعر والسلوك أو المظاهر أو الفنون بكافة صورها أو من يؤدون هذه الرسالة ,لماذا نترحم حتى على قيم دينية كانت نوازع أساسية داخل المجتمع لأنها كانت تربية نسيجية ضمن العادات والتقاليد لا تندرج تحت دين معين وإنما تحت سلوك وأساسيات كنا نتربى عليها ومن يؤدها يحصل على عشرة من عشرة ومن يحيد عنها يكون راسباً فى مادة السلوك؟

 إن الزمن الماضى –القريب-ليس البعيد ذلك الذى نستشعره قريباً من قلوبنا بعيداً عن أعيننا ومتناول أيدينا,الزمن الذى عشنا منه فترة وجيزة , والعيشة الأكبر كانت فى حكايات الآباء عن حرارة هذا الزمن التى لم يتبقى منها سوى التقلبات الجوية التى أصابتنا بالأمراض النفسية قبل العضوية. زمن الفن الجميل والأدب الجميل والشعر الجميل والنساء الجميلة والملابس الجميلة والكلمة الجميلة ,كل شىء منتقى بعناية والبلاغة فى الجمال الحقيقى تطغى على كل شىء ,السىء معروف ومنبوذ ويخشى أن يبين سوءه أمام الناس ,والجميل واضح بيّن بلا مبالغة .

الفن الجميل والأصوات الراقية والكلمات العذبة فى بلاغة تفرض نفسها وترفع الذوق العام حتى بالنسبة للطبقات البسيطة التى ربما لا تعى بدقة معانى الكلمات وإنما هى تصنع بداخلها حالة من السكينة والسلام النفسى وتترفع بها عن الدونيات, والشعراء ينتقون الشعور قبل الكلمة بلا إثارة ولا ضجيج , إن الضجيج يحدثه شعور رقة الكلمة وعذوبتها وأدبها وهى تلاطف الوجدان .

 النساء بوجوههن الحقيقية وإن تزيًن ,فالزينة تزيد طبيعتهن وجمالهن بلا مبالغة , الملابس مابين الإحتشام والوقار والذوق الرفيع يسيرون فى الشوارع فلا يقترب إلا الشاذ الذى يكون وصمة للرجولة .

كل شىء تقريباً تحول من البلاغة إلى المبالغة فيه على أساس أن هذا هو الجمال , وما الجمال للمبالغة بقريب …وتزداد المبالغة حتى شوهت طبيعة الأشياء فأصبح التمييز فيها غير ممكن ,والتمييز يحتاج إلى تدقيق, والتدقيق مثير للإشمئزاز , فأصبحت حالة النفور من كل شىء هى السائدة على سبيل الإحتياط خشية أن لا تكون بلاغة ولكنها مبالغة… لاتزال هناك طبيعة وستبقى إلى أن يأذن الله , وهى تستحق التأمل ,فلننظر إلى خلق الله بيده وخلق مايجد عليه من أيدى البشر وسنجد أننا كلما إقتربنا من الفطرة والطبيعة صرنا أقرب للبلاغة وصرنا أقرب للجمال الحقيقى..

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

تذكروا أن يران غير عربية

كتبت | بلقيس حسن ليس دفاعا عن إيران فأنا اختلف معها في كثير من المواقف، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *