“إن في الجنة غرفا”

نورا عبدالله | الشرقية
كثيرا مانسمع عن تعرض المجتمعات لأزمات مالية ، أزمات فى الطاقة والكهرباء، أزمات إقتصادية ، أزمات فى المياه ، وحسب فكل هذا ليس بغريب ، أما الغريب فهو أن نسمع عن الأزمات الأخلاقية التى يعانى منها المجتمع الإسلامى فقد كثرت المنازعات والخلافات والخصومات بين الصديق وصديقه والجار وجاره وحتى بين الأخ وأخيه، ويرجع سبب الخلاف الأساسي هو علو النفس والشعور بالأنا فى الخطأ ،فتجد كل إنسان يظن فى قرارة نفسه أنه الأفضل والأحسن وربما الاذكى على الإطلاق، وأصبح لايلين لأحد ولايستجيب لأحد وتناسي الجميع وتذكر نفسه فقط ، ونسي أيضا ماهو أهم وصايا الإسلام والرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام ،حيث قال الحبيب المصطفى: (إن فى الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها قيل لمن؟ قال لمن ألان الكلام وأطعم الطعام وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام).
ولو لجأنا للصلح بين الطرفين المتخاصمين لأخذت العزة بالإثم كل واحد منهما ، وتناسوا أيضا قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم :(لافضل لعربى على أعجمى ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى والعمل الصالح).
ومن ثم حثنا الله عز وجل على الإصلاح بين الناس فقال تعالى فى سورة النساء آية 114( ۞ لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا).
ولنتأمل كلمة الصلح فنجد أنها أتت لتوحى وتحمل كل فعل طيب وهى مفتاح للخير وفيها الأمان والاطمئنان للفرد والمجتمع، وللصلح لون يضفى على الحياة لونا من السعادة والاستقرار والأمل الباسم فى غد مشرق ونهار مشمس بضوء المحبة والتعاون والرضا ، بالرضا والحب تصفى الحياة ، فكم من بيت كاد أن يهدم بسبب خلاف بسيط بين زوج وزوجته وكاد الطلاق أن يقع ، فإذا بهذا المصلح بكلمة طيبة ونصيحة غالية وجهد مبذول ليعيد المياه إلى مجاريها ، والحياة لطبيعتها ، ويصلح بينهما ، وكم من قطيعة كادت أن تكون بين أخوين شقيقين أو صديقين قريبين بسبب زلة أو هفوة فإذا بهذا المصلح بكلمة طيبة يزيل الفتنة ويصفى الخلاف ويوضح النوايا ويحصر زوايا الرحمة ويبعث من خلالها التهدئة والسلام.
وكم عصم الله بالمصلحين من دماء وأموال وفتن شيطانية كادت أن تشتعل لولا فضل الله أولا ثم هؤلاء الصالحين .
والإصلاح بين الناس أفضل من الصلاة والصيام والصدقة النافلة : لقول الرسول :ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة ؟ قالوا بلى يارسول الله ، قال “إصلاح ذات البين ، فإن فساد ذات البين هى الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين  “رواه أبو داود” ، وكلمة الحالقة تعنى المهلكة، وكلمة البين تعنى البعد والفراق أى إصلاح كل متخاصمين ومتنافرين .
فإذا أردنا تجارة رابحة فعلينا بالإصلاح بين ذات البين ، فلا تكسد عليك بالإصلاح بين الناس وقضاء حوائجهم النفسية والمادية والمعنوية ، وتقارب بينهم كما نصحنا الرسول صلى الله عليه وسلم ونصح الأمة كلها فى شخص أبى أيوب الأنصاري قائلا : “ألا أدلك على تجارة ،ألا أدلك على عمل يرضاه الله ورسوله ؟ بلى يارسول الله ، قال : صل بين الناس إذا تفاسدوا وقارب بينهم إذا تباعدوا (رواه الطبرانى) .
فاللهم اجعلنا من المصلحين والنافعين للناس وقدرنا على فعل الخير حتى نحتسب من الصالحين .

عن admin1

شاهد أيضاً

شطاف الحمام | أسباب عدم وجوده فى أمريكا وأوروبا

حمامات أوروبا وأمريكا بدون شطاف.. ما السبب وراء ذلك وما أضرارها؟ من في الوقت الحالي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *