مصرع وإصابة 26 شرطيا في مصر | صمت رسمي وإعلامي ؟!

تايم نيوز أوروبا بالعربي | القاهرة – خاص

نشرت جريدة العرب  الاماراتية أمس الثلاثاء، 01 أغسطس، 2023  تحت عنوان ” مصرع وإصابة 26 شرطيا في مصر.. والفاعل مجهول

القاهرة – استيقظ المصريون الاثنين، لليوم الثاني على التوالي، على سيل من الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وكالات الأنباء الدولية حول مصرع 4 عناصر شرطة بينهم ضابط كبير، وإصابة 22 شرطيا بمقر الأمن الوطني في منطقة العريش بشمال سيناء، وانتظروا كثيرًا لمعرفة أبعاد الحادث النادر ووقوعه في الزمان والمكان وبهذا العدد من ضحايا الشرطة دفعة واحدة.

وتوقعت جهات مختلفة أن تصدر وزارة الداخلية بيانًا مفصلا حول حادث أصبح محل تأويلات مثيرة وخطيرة، يلمس بعضها سمعة الشرطة، ومضى أكثر من ثلاثين ساعة على حادث وقع صباح الأحد واستغرق نحو ثماني ساعات متواصلة، ولم تتوافر معلومات رسمية تشير إلى طبيعته والجهات الفاعلة فيه.

وخلت وسائل الإعلام الرسمية من إشارة إلى الحادث، وابتعدت برامج “التوك شو” الليلية على فضائيات مصرية وعربية، باستثناء برنامج “الحكاية” الذي يقدمه الإعلامي المصري عمرو أديب على قناة “إم بي سي – مصر” وأشار إلى الحادث مستندا إلى ما كتبته وزير التخطيط هالة السعيد على حسابها الشخصي على منصة “X” (تويتر سابقا)، حيث قدمت العزاء في ضحايا العريش من الشرطة.

وحذفت الوزيرة ما كتبته عقب إشارة أديب إليها، خوفا أو حرصا أو تشككا أو تناغما مع حكومتها، ما زاد الموقف غموضا وسمح بنسج سيناريوهات متضاربة، تراوحت بين هجوم إرهابي واشتباك داخلي وتمرد موقوفين، وجميعها تفيد بأن أمرا غير معتاد حدث بمقر الأمن الوطني القريب من أماكن أمنية عديدة، تحظى بحماية مشددة.

ويصعب نفي أن هناك حادثا إرهابيا كبيرًا وقع بهذا المكان لأن أسماء الضحايا وصور بعضهم نشرت على حسابات شخصيات شبه رسمية أو لها علاقة بأجهزة أمنية، وتوالت برقيات التعازي من قريبين لهم.

وضاعف الصمت الرسمي من التكهنات والتخمينات، وحصلت وسائل إعلام تابعة لجماعة الإخوان على فرصة لاستثمار ما حدث ضد القاهرة، ووضعت الكثير من التوابل التي تزيده سخونة، وتوحي بوجود أزمة كبيرة في الدولة المصرية.

واتسع نطاق الشائعات في ظل غياب المعلومات الرسمية تماما، وعبّر معظمها عن مشكلة تتجاوز حدود حادث طارئ وقع في مقر الأمن الوطني، ما جعل وزارة الداخلية تمتنع عن نشر بيان كما اعتادت في الأحداث التي تتعلق باختصاصها.

ويبدو أن مرارة الحادث وصدمته وتوابعه المتباينة فرضت التكتم عليه، لأن الكشف عن تفاصيله الحقيقية قد يؤدي إلى أزمة أكبر، سواء تعلقت بحادث إرهابي قام به تنظيم داعش في سيناء، أو حادث داخلي عابر في مقر الأمن الوطني.

وأعلنت الحكومة المصرية في وقت سابق أنها قضت على العناصر الإرهابية وجففت ربوع سيناء منهم، ولذلك فارتكاب جريمة من هذا النوع يشير إلى أنهم أعادوا تنظيم صفوفهم مرة أخرى، ما يعيد إلى الأذهان سنوات صعبة عاشتها أجهزة الأمن للقضاء على المتشددين بأطيافهم المتعددة.

وأما السيناريو الأمني الداخلي فهو أشد فداحة، وبصرف النظر عن الروايات المتداولة حول هذا الشأن، ينذر بوجود هوة داخل أحد أهم الأجهزة الأمنية قوة وصرامة في مصر، وهو الذي استندت عليه بعض الاجتهادات لتفسير الصمت الرسمي، أملا في التوصل إلى صيغة لا تزيد الأمر اشتعالا.

ويقول مراقبون إن طريقة التعامل مع حادث سيناء والتجاهل الرسمي في ما وفّره من ارتدادات إعلامية يكشف عن ارتباك في بعض دواليب الدولة ويعزز خطورة المركزية الشديدة التي تتمتع بها للدرجة التي يمكن أن تؤذي النظام الحاكم سياسيا.

وظهرت تجليات هذا المنحى مؤخرا في آلية التعامل مع حفل مطرب الراب الأميركي ترافيس سكوت الذي حصل على موافقات من جهات حكومية عدة بإقامته عند سفح الأهرامات بالجيزة القريبة من القاهرة ثم أعلن عن إلغائه قبل يومين من موعده.

ويضيف المراقبون أن الحكومة المصرية تواجه خمولا اقتصاديا وإعلاميا وثقافيا وسياسيا، والخوف أن يمتد هذا الخمول إلى نواح أمنية نجحت على مدار السنوات الماضية في توفير درجة عالية من الأمن والاستقرار، ما يلقي بظلال تجعل عملية تغيير الحكومة الحالية مهمة عاجلة لامتصاص غضب مواطنين تراجعت ثقتهم كثيرا بقدرتها على مواجهة التحديات الراهنة.

وعلمت “العرب” من مصادر مصرية أن عمر حكومة مصطفى مدبولي أوشك على الانتهاء، وأن الحاجة ضرورية إلى إجراء تغيير كبير في بعض هياكل الحكم قبل أن ينفجر بركان الغضب في الشارع، مع تصاعد حدة الأزمة الاقتصادية التي كشف الارتباك الرسمي في التعامل مع مشكلة انقطاع الكهرباء عن جوانب كبيرة منها.

وأشارت المصادر ذاتها إلى أن التغيير سيكون شاملا وغير متوقع، لأنه الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن يهدئ بها النظام المصري غليانا شعبيا بدأ يتجاوز حدود الأزمات التقليدية المتعارف عليها، فالناس في حاجة إلى اعتراف صريح بأن هناك أخطاء تستوجب التصحيح، وربما المحاسبة القانونية والسياسية.

وعلى غير العادة، لم يظهر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لمخاطبة شعبه وتطمينه في بعض المحكات، كما فعل في مرات سابقة، وهو ما زاد الهواجس من وجود أزمة حادة في أجهزة الدولة تحتاج إلى تعامل سريع ومرن قبل أن تستفحل تداعياتها، وقد يكون حادث الأمن الوطني بسيناء جرس إنذار خطير.

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

الخديوي المديون

بقلم : يحي سلامة استمتعت بقراءة كتاب (محمد علي وأولاده) للأستاذ الكبير الراحل /جمال بدوي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *