الفقيد | قصة قصيرة للأديب عبد الرحمن الراوي

إسمع في راديو أوروبا بالعربي

: هَذِهِ اَلْقِصَّةِ اَلْقَصِيرَةِ  لِلْاديب عَبْدَ اَلرَّحْمَنْ اَلرَّاوِي وَهِيَ بِعُنْوَانٍ ، الفقيد  يقول فيها
تُقَطِّب وَجْهَهَا حُزْنًا اَلْآنِ فَقَطْ أَبْلَغَهُمْ بِالنَّتِيجَةِ ، قَالَ مَرَضٌ عُضَالٌ مُفْتَرِسٌ  ارتبكت ، قَبَضَتْ عَلَى يَدِ أَبِيهَا بِقُوَّةٍ ، وَسَارًّا اَلْهُوَيْنَى سويا ، تَبَادُلِ اَلْحِكَايا فِي وُجُومِ بِصَمْتٍ مُطْبِقٍ ، اِسْتَوْقَفَهُمْ اَلتَّبَايُنُ فِي حَرَكَةِ اَلطَّرِيقِ مَا بَيْنَ سُرْعَةِ اَلسَّيَّارَاتِ ، وَتَجَمَّدَ اَلْمُتَرَجِّلِينَ  ، أَفْلَتَ يَدَهُ بين يديها ، شَقِّ اَلْمُتَحَلِّقِينَ حَوْلَ اَلمسرع اَلَّذِي صَدَمَتْهُ سَيَّارَةٌ وَهُوَ فِي نَزْعَةِ اَلْأَخِيرِ ، لَقَّنَهُ اَلشَّهَادَةَ ، أُسْدِلَ جَفْنَيْهِ ،   تأملت معه المشهد  ،  و بِمَلْءِ يَدِهَا وِد وَبَر لَامَسَتْ كَتِفُ أَبِيهَا ، تَسْتَنْهِضُهُ ، وتجفف فيض دموع ، قَاسَمَتْهُ حَال اَلرِّضَا وَالسَّكِينَةِ اَلَّتِي لَازَمَتْهُ أَبَدًا  ، وانصرفت تتابط ذراعه
، و فِي اَلْيَوْمِ اَلتَّالِي كَانَتْ صُورَةُ اَلطَّبِيبِ اَلَّذِي أَبْلَغَهَا أَنَّ أَبَاهَا أَيَّامَهُ بِالْحَيَاةِ بَاتَتْ مَعْدُودَةً ، عَلَى صَفَحَاتِ اَلْجَرَائِدِ ، مُدَوَّن أَسْفَلِهَا رَحِمَ اَللَّهُ اَلْفَقِيدِ  الطبيب

د . هِشَامْ مَحْفُوظْ نَائِبُ رَئِيسِ شَبَكَةِ إِذَاعَةِ اَلْبَرْنَامَجِ

اَلرُّؤْيَة اَلنَّقْدِيَّةِ لِلْإِعْلَامِيِّ وَالْإِذَاعِيِّ وَالنَّاقِدِ اَلْكَبِيرِ د . هِشَامْ مَحْفُوظْ نَائِبُ رَئِيسِ شَبَكَةِ إِذَاعَةِ اَلْبَرْنَامَجِ اَلْعَامِّ اَلْفَقِيدِ

نَصًّا يَحْمِلُ مُحْتَوًى قَصَصِيًّا سَرْدِيًّا قَدَّمَ لَنَا اَلْكَاتِبُ مِنْ خِلَالِهِ ثَمَانِيَةُ عَشَرَ سَطْرًا سَرْدِيًّا مَا بَيْنَ فِعْلٍ وَحَرْفٍ وَاسْمٍ سَيْطَرَ فِيهَا حُضُورُ اَلْأَفْعَالِ عَلَى اَلْحُرُوفِ وَالْأَسْمَاءِ ، لَقَدْ بَلَغَتْ اَلْأَفْعَالُ خَمْسَةَ وَعِشْرِينَ فِعْلاً سَيْطَرَ فِيهَا اَلْمَاضِي عَلَى اَلْمُضَارِعِ ، اَلَّذِي تَجَلَّى فِي ثَلَاثَةِ أَفْعَالٍ ، هِيَ تَسْتَنْهِضُهُ ، تُجَفِّفَ فَيْضُ دُمُوع ، تَتَأَبَّطَ ذِرَاعَهُ ، وَذَلِكَ مُقَابِلِ اِثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ فِعْلاً مَاضِيًا وَذَلِكَ فِي ثَمَانِيَةِ عَشَرَ سَطْرًا سَرْدِيًّا لِنَصِّ اَلْفَقِيدِ وَكَأَنَّمَا أَرَادَ اَلْكَاتِبُ عَبْدَ اَلرَّحْمَنْ اَلرَّاوِي أَنْ يَسْتَحْضِرَ صُورَةً ذِهْنِيَّةً لِلْقَدَرِ اَلَّذِي لَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ أَنْ يُغَيِّرَهُ مَهْمَا بَلَغَتْ مَهَارَاتِهِ وَقُدُرَاتِهِ وَمَلَكَاتِهِ اَلْعِلْمِيَّةَ أَوْ اَلطِّبِّيَّةِ فَالشَّخْصُ اَلَّذِي دَاهَمَتْهُ اَلسَّيَّارَةُ لَمْ يُغْنِهِ حَذَّرَ عَنْ قَدْرٍ وَلَمْ يَسْتَطِعْ اَلْحَاضِرُ تَغْيِيرَ مَا كَتَبَ بِقَلَمِ اَلْقَدَرِ تِلْكَ هِيَ اَلْمُفَارَقَةُ فِي هَذَا اَلنَّصِّ اَلسَّرْدِيّ ، فَاَلَّذِي أَسْرَع إِلَى مِنْ لَقِيَ حَتْفُهُ بِالسَّيَّارَةِ هُوَ اَلْمَرِيضُ اَلَّذِي أَخْبَرَهُ اَلطَّبِيبُ أَنَّهُ مُصَابٌ بِالْمَرَضِ اَلْعُضَالِ اَلْمُفْتَرِسَ اَلَّذِي لَا نَجَاةً مِنْهُ هَذَا اَلطَّبِيبُ ذَاتُهُ اَلَّذِي قَرَّرَ أَنَّ هَذَا اَلْمَرِيضِ لَنْ يَعِيشَ طَوِيلاً بِسَبَبَ هَذَا اَلْمَرَضِ قَدْ وَرَدَ نَبَأَ وَفَاتِهِ بِالْجَرِيدَةِ بَعْدَ أَيَّامٍ فَلَقَدْ قَرَأَ هَذَا اَلْمَرِيضِ خَبَرَ نَعْيِ هَذَا اَلطَّبِيبُ اَلَّذِي كَانَ قَدْ قَرَّرَ بِمَنْطِقِ اَلْعَلَمِ وَالْوَاقِعِ وَالطِّبِّ أَنَّهُ سَيَمُوتُ عَنْ قَرِيبٍ .

اَلْمُفَارَقَةُ فِي هَذَا اَلنَّصِّ أَوْجَدَتْ قَدْرًا مِنْ اَلْإِحَالَةِ اَلْوَاجِبَةِ لَمْ يَنْبَغِيَ اَلْإِيمَانُ بِهَا وَارَءْ وَفَوْقَ عُقُولِ اَلْبَشَرِ بِكُلِّ مَا تَوَصَّلَ إِلَيْهِ اَلْعِلْمُ أُمُورًا أَكْبَرَ وَأَعْمَقَ مِمَّا لَدَيْنَا مِنْ خِبْرَاتٍ وَنَظَرِيَّاتٍ وَعُلُومٍ ، نَصُّ اَلْفَقِيدِ بِتِلْكَ اَلْمُفَارَقَةِ اَلَّتِي تُصَارِعُ فِيهَا اَلْمَاضِي اَلْقَدَرِيُّ بِالْحَاضِرِ اَلَّذِي لَا يَصْمُدُ أَمَامَ هَذَا اَلْقَدْرَ ، فَفَوْقَ كُلٍّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٍ ، إِلَى أَنْ نَصِلَ إِلَى مِنْ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ؟ . .

هَذَا اَلنَّصِّ يُنَاقِشُ قَلَقًا وُجُودِيًّا تُجَاهَ اَلْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ فَالْمَوْتُ وَالْحَيَاةُ مِنْ خَلْقِ اَللَّهِ شُكْرًا لِلْأَدِيبِ عَبْدَ اَلرَّحْمَنْ اَلرَّاوِي اَلَّذِي قَدَّمَ بِمَهَارَةٍ لُغَوِيَّةٍ فِي اَلصِّيَاغَةِ مُحْتَوًى سَرْدِيًّا لِهَذَا اَلنَّصِّ اَلْفَقِيدِ قَدَّمَ فُرَصًا قَرَائِيَّة جَدِيدَةً تَسْمَحُ بِيُسْرِ لِكُلِّ قَارِئِ أَنْ يَتَّجِهَ إِلَى مَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَّجِهَ بِهِ فَهْمُهُ إِلَى اِقْتِنَاصِ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَيَا اَلْفَهْمُ لِهَذِهِ اَلْقِصَّةِ اَلْقَصِيرَةِ جِدًّا .

شُكْرًا جَزِيلاً لِلْأَدِيبِ عَبْدَ اَلرَّحْمَنْ اَلرَّاوِي

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

الخديوي المديون

بقلم : يحي سلامة استمتعت بقراءة كتاب (محمد علي وأولاده) للأستاذ الكبير الراحل /جمال بدوي …

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *