الكاتب الصحفي محمود الشربيني

لماذا يرهبوننا ؟! | محمود الشربيني

بقلم | محمود الشربيني

– ظني -وبعض الظن ليس إثمًا كبيرًا – أنه سؤال اللحظة. لماذا يرهبوننا ؟ لماذا يستأسدون علينا فقط ونحن لانملك إلا آراء مغايرة ..وأفكاراً نحاول إختبار صحتها ..مجرد إختبار ؟ نحن لانفعل شيئا سوي اننا نفكر بطريقة وهم يفكرون بطريقة؟ خلق الله الناس أحرارًا لديهم عقول وتجارب وخبرات من الحتمي أن تجعلهم يتمايزون ويختلفون .

الاختلاف ثقافة تراجعت عندنا – في القرن الحادي والعشرين بكل أسف !- كما تراجعت قيم كثيرة.روح المحارب ..المقاوم ..الفاعل ..الجسور ..غابت تحت الغمامات السوداء التي تقف متحدية منتصبة فوق أدمغتنا لاتريد أن تبرح مكانها..غامت الرؤية ، وأصبح الأمر كله جدلًا عقيمًا ، لا خير فيه ،وبتنا أمام حالة بلادة ..من أسوأ علاماتها أن كثيرًا ممن كان يعوَّل عليهم إيقاد شموع النور التي تقاوم العتمة ..إنطفأوا أو أخمدوا.. وليس هؤلاء وحسب ، وإنما الذين فعلوا ذلك ويمارسونه هم أيضًا إنطفأوا وخمدوا !النتيجة أن المجتمع إستكان ورزح تحت نير أفكار تحرق وتدمر ..لا تبني ولا تعمر.. والأسوأ من هذا أن الذين تسببوا في ذلك يصورون أنفسهم على أنهم الحراس الأمناء على الدولة ..وانهم المدافعون الشرسون الذين يحمون ظهر الوطن، وكأن حقائق الأمور بحاجة إلي دعاية وإعلان وليس إلي صدق ومقاومة !يصورون الأمور وكأنهم وحدهم يمتلكون الحقيقة المطلقة ،ومن يخالفهم الرأي فهو إما جاهل أوعدو أو خائن .
-لماذا يرهبوننا ؟ كل التجارب الإنسانية تقول أنه لا شيء في الدنيا يقوم على اتفاق؟ لماذا يتصورون أن كل من يخالفهم الرؤية إما جاهل أو أحمق أو هش الثقافة أو باحث عن تحقق وشهرة لا يستحقها ؟ هكذا يرهبون غيرهم ويرمونهم بتهم مشينة ، كي لا يصدر عنهم آراء أو أفكار أو تكن لهم قيمة أو وزن، وإن تجاسروا فالمطر الأسود ينهمر عليهم من كل فتحات السماء ولا يكفون حتي يلوثونهم بكل دنس الدنيا .

مثقفون وإعلاميون وكتاب ومفكرون -أفرغوا هذه المفردات من معناها – يفعلون ذلك ؟ مامعني تأييد سلطة أو قيادة أومسئول بشكل مطلق وكأن هذه السلطة لايأتيها الخطأ من أي خاصرة رخوة فيها ؟ اكثر من ثلاثين عاماً و”الدنيا بايظة” ..نعم هكذا بكل مايتسرب إلى ذائقتنا من معاني فجة وسخيفة تعبر عنها اللفظة..ولن يرتق الثقوب سوي الكلمة الحرة الشريفة.
-كان ديفيد هيرست الصحفي الإنجليزي العظيم يزلزل نظام السادات بتقرير في الغارديان وقت أن كان “الغارديان” أسطورة ..كان السادات يكذب طول الوقت بحديثه عن الرخاء والسلام والبناء والعمران ..بينما كان الفساد ينخر في عظام نظامه ، ولذلك كانت كلمة واحدة من “هيرست” تقض مضاجعه!
-في سنوات مبارك الأولي إهتم بدعم المصانع وشيد مدناً جديدة طرقًا وجسورًا حيوية، وحاول انقاذ الأوضاع ..لكن ومع تكون الاحتياطي الدولاري تغيرت الأمور ،وبدأ “يشم نفسه ويرستق حكمه” ويفكر في إمتلاك كرسيه 30 عاما حتي تبين أنه سيورثه ..ولم يكن ديفيد هيرست وحده الذي يزلزل إستبداده ، وإنما الذين امتلكوا كذلك “شجاعة الاختلاف” معه ودفعوا ثمنها.

– الاختلاف ليس جريمة .. ولنتذكر بجلال وجمال عبد الرحمن الشرقاوي :

الكلمة نور .. وبعض الكلمات قبور .الكلمة سر الله .شرف الله هو الكلمة ..فلا تئدوها..أو تخنقوها!

مزيد من الموضوعات للكاتب

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

فَيِنْ يُوجِعُكَ ؟ ! | يَا وَاشٍ يَا وَاشٍ يَا حُكُومَةُ

وَكْرِ اَلَأْ چنَدَّاَتُ . . مَضَامِين عَنْكَبُوتِيَّةٍ . . كَوْكَبَ اَلدُّفُوفِ لَا أَمْلِكُ أَدَوَاتٌ اَلْمَطَبَلَاتِيَّة …

3 تعليقات

  1. رائع يسلم قلمك

  2. سلمت يمينك وسلم قلمكم الرشيق

    قلم الفارس

  3. احمد النوبي

    اتفق معك ياصديقي في الفكرة التي بني عليها المقال ، لكني استغرب محاولتك الزج باسم الراحل انور السادات كي تبث كراهيتك العجيبة في هذال المقال بل وفي معظم مقالاتك التي استمتع بها
    لك تحياتي ياصديقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *