صورة تعبيرية

“منصات” البث المباشر | ترسانة الأسلحة الناعمة!

 كتب – أحمد شوقي | القاهرة:

لا يختلف أحد علي الخصائص التدميرية للسلاح العسكري مع اختلاف درجاتها بتفاوت أنواع السلاح، إلّا أن البعض قد يُصاب بالذهول من الخصائص التدميرية لأسلحة الحرب الناعمة التي يأتي علي رأسها منصات التواصل الإجتماعي، والتي تبدو أمامها ترسانات السلاح العسكري منعدمة الجدوي وبلا أي فائدة، رغم خشونتها!

وإذ ترتبط قذائف المدافع بمدي نيراني يجعل آثارها قاصرة علي نطاق محدد، فإن مدي قذائف شبكات التواصل الإجتماعي وفي القلب منها منصات البث المباشر ومشاهدة الفيديوهات التي تعرض المحتوي الهابط، يتخطي مجتمعات بأكملها، فهي لا ترتبط بأي مدي، ولا تقتصر علي أي نطاق.

ويعد الأمر المتعلق بدر الربح المادي الذي تحققه نسبة مشاهدات محتوي هذه المنصات، العامل الرئيسي في إصابة صناعه بـ”لوثة” صناعة المحتوي بغض النظر عن جودته أو قيمته، طالما أن المحصلة النهائية هي در الربح.

وجاء موقع “يوتيوب” – منصة مشاهدة الفيديوهات الأوسع انتشارًا – الذي يحمل شعار “عبر عن نفسك”، ليبرز صنّاع المحتوي المرئي الهابط، الذين يحملون شعار “عبر عن أخلاقك”؛ وذلك في ظل افتقاد منصات التواصل الإجتماعي لأي ميثاق شرف يحكم صناعة محتواها، أو أي أدوات رقابية يوكل إليها استئصال أي عمل لا يتماشي مع القيم العامة.

ويعتبر حلم الثراء السريع والرغبة بالشهرة نقطتي تماس بالدافع وراء تسجيل البعض المشاهد التي تحوي أفعال غير أخلاقية وبثها علي شبكة الإنترنت، إلي فئة الجماهير المتعطشة لمتابعة هذه النوعية من المحتوي.

كما لا يتردد البعض الآخر في إراقة ماء وجوههم عبر تصوير مشاهد مبتذلة تحوي مواقف سَمجة يقصد من ورائها القائمون عليها حصد المواقف الرافضة لأفاكارهم عديمة القيمة، واستثمار حالة الرفض الجماهيري لهم في تحقيق الإنتشار لمحتواهم، وهو ما ينتج عنه ارتفاع نسب مشاهداتهم وبالتالي عائد مادي أكبر، ما يمكن النظر إليه باعتباره نوع جديد من المازوخية والسادية يتلذذ به هؤلاء برفض الآخرين لهم، نظرًا لجدواه الإقتصادية!

وبات جزء كبير من صناعة المحتوي المرئي بهذه المنصات مرتهن بتناول المواد الجاذبة للمشاهدة والمتابعين، حتي ولو كانت علي حساب البُعد الأخلاقي والقيم المجتمعية، وذلك مع اقتصار الاشتراطات الخاصة بتحقيق الأرباح علي نسبة المشاهدة وحدها.

وأدت حالات الإفلاس الفكري التي يعاني منها عدد من صناع المحتوي إلي عدم الوفاء بالتقيد بجوانب الإبداع والإبتعاد عن توظيف الأفكار المبتكرة في صناعة المحتوي، وإيجاد نوع من التصالح في نشر الخلاعة أو اللجوء لهتك ستر البيوت علي يد أصحابها بالخوض في أحاديث عن أكثر المسائل حساسية سواء بحديث الزوجات عن ازواجهن أو الأزواج عن زوجاتهم؛ فالخصوصية صارت عديمة القيمة أمام شيكات الـ”يوتيوب” وحوالات الـ”التيك توك”!

وعلي الرغم من تمتع منصات التواصل الإجتماعي بميزة الفرصة المتاحة دائمًا أمام الموهوبين وأصحاب الفكر والرؤي للإعلان عن أنفسهم، إلا أن الميزة ذاتها متاحة أمام شريحة تختصر معايير المهنية والجودة في مشاهد التعري واستعراض الجسد ومحاولات لفت النظر بالترويج للسلوكيات الهدامة، ما يجعل من الميزة عيبًا بذات الوقت، إضافة إلي استسهال مسألة صنع المحتوي عبر تناول أفكار رديئة وعديمة القيمة تقوم علي الإسفاف والإبتذال، ويتم الاستعاضة بها عن عملية الإعداد المدروس والتحضير الجيد، ما يُخرب الغرض الذي تعمل لأجله منصات التواصل الإجتماعي، ألا وهو “التواصل”.

ويُشير قول أحد الخبراء في مجال الأمن السيبراني “إن منصات التواصل الإجتماعي أكثر انفلاتًا في مصر عما هي عليه بالدول الأخري”، إلي حجم الفجوة في بسط السيطرة علي الفضاء السيبراني في مصر والتحكم به، الأمر الذي من الممكن أن يترتب عليه حدوث مشاكل اجتماعية ضخمة قد يستلزم حلها أكثر ما يستلزمه سد فجوة السيطرة علي الفضاء السيبراني، وهو الخطر الذي يظهر في ظاهرة استغلال مواقع التواصل الإجتماعي في الترويج للأعمال الإجرامية كأنشطة شبكات الأعمال المنافية للأداب التي تتخذ من صناعة المحتوي غطاء لها، قصد الوصول لراغبي أنشطة هذه الشبكات.

عن زوايا الأخبار

شاهد أيضاً

سعيد السبكي أضاف لموهبته في الصحافة والأدب مجال «الإرشاد النفسي»؟!

سعيد السبكي.. لماذا أضاف لموهبته في الصحافة والأدب إضافة جديدة بمجال «الإرشاد النفسي»؟! “سعادته الخاصة” …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *