تصوير جنازات المشاهير

جنازات المشاهير بين المفروض والمرفوض

تقرير يكتبه من القاهرة | عباس الصهبي

هوس الجماهير في مُتابعة حياة المشاهير، وبالذات إذا كانوا ضمن أهل الفن، ومن أول لحظة في حياتهم وحتى «آخر لحظة» فيها، بل وحتى حين تحين اللحظات بعد الأخيرة من حياتهم؛ أصبحت تثير الاستياء، وبمُنتهى الشدة؛ في مصر والعالم العربي، وبشكل لافت؛ وبالذات في الشهور القليلة الأخيرة.

‏وقد أدّى ذلك، مؤخراً؛ إلى الاشتباك بين المؤيدين لحُرية الصحافة والإعلام، والمُدافعين عن حُرمة المتوفى؛ ليبرز هنا الجانب «الخفي» في القضية، وهو الاستفادة المادية، وإلى حد الاستغلال الغير انساني؛ من «بعض المصورين» لهذه الظاهرة المُتنامية» الشراسة!

الموت حقيقة مؤكدة ، ولكنه عند البعض أصبح مدعاة لمُمارسة  متعة الفضول والاطلاع على دقائق تفاصيل الأسرار الخاصة جداً؛ وتحديداً عندما يتعلق الأمر بالنسبة للشخصيات المشهورة وبالذات في الفن. ‏ ‏

♕ كثرة الوفيات كشفت.. المهزلة! ‏

القضية معروضة على الرأي العام ، ففي الآونة الأخيرة تحديداَ؛ زاد من لهيب اشتعالها ماحدث من تزامن ذلك مع فقدان الجماهير المصرية عدداً غير قليل من نجوم الفن المشهورين، وكان على رأسهم مؤخراً النجم الراحل الكبير سمير غانم، وقبله الفنان هيثم أحمد زكي، ثم نجمنا الراحل الكبير محمود ياسين، وقبلهم نجوم وأقارب من الدرجة الأولى لنجوم كثيرين. ‏فقد أدت هذه الوفيات المتلاحقة،ولأسباب متعددة تزعمتها «الكورونا»؛ إلى شعور عام بالحسرة والألم، وربما حد الهلع لفقدان كل

ظاهرة تصوير جنازات المشاهير

هذا الكم الكبير من النجوم المتفردين في فنهم، وبشكل متكرر؛ وهو ما أدى إلى الرغبة في مراجعة أساليب التعامل مع جنازاتهم الكبيرة، خاصةً بعد أن توالت الجنازات وراء بعضها وانتشرت صورها على العديد من صفحات التواصل الاجتماعي، وبلقطات كثيرة جداً، ومن زوايا متعددة، فامتدت هذه اللقطات، سواء كانت بكاميرات الموبايلات العادية، أو بكاميرات الڤيديو المتخصصة، لتشمل الجنازة، ومراسم الدفن، واتصفت بتصوير عن قرب جداً لمشاهير النجمات والنجوم الذين حضروها فشعروا باقتحام خصوصياتهم، بل وامتد التصوير إلى «النعش» للاستمرار في تصوير صاحبه، والذي لم يعد له حول ولا قوة؛ وحتى بعد إخراجه منه، بل وتصوير التهيئة الأخيرة للمقبرة، والتقاط المزيد من الصور للمتوفى خلال مراحل دفنه، مع تصوير دقائق اللحظات الأخيرة حتى مواراته الثرى!

‏♕ مصورون.. صعدوا فوق المدافن!

 ويمتد التصوير بعد ذلك ليشمل الكثير من مراحل تقبل العزاء في البيوت، وقبل ذلك كان في السرادقات الكبرى، وقبل انتشار «كورونا»، وقبل التحذيرات والقيود الحكومية الرشيدة لتقليلها أومنعها، وبكل ما في ذلك من صور ناطقة بالڤيديو للاستماع للآيات القرآنية الكريمة من مشاهير القُرّاء، وبمن حضروا من نجوم الفن البارزين للعزاء. ‏

غير أن المؤلم في كل ذلك أن كادرات التصوير هي ذاتها أصبحت دليل أثبات يؤكد أن المصور، وفي مرات متكررة وعديدة؛ كان قد بدا وأنه اضطر للصعود فوق المدافن، وإلا فكيف استطاع التقاط هذه الصورة الجماعية للمشهد العام ولكل الحاضرين من أعلى؟!! وربما يتأكد أيضاً الأخطر منه، وهو أنه اضطر للقفز بقدميه فوق النعش، والنزول إلى المقبرة، وتصوير المتوفى في مرقده الأخير، وقبيل إغلاق المقبرة عليه!

‏ ♕ الغضب تحوًَل إلى.. مشادات!

وقد تعددت الروايات المثيرة حول مواقف الفنانين في مواجهة اقتحام المصورين حياتهم الخاصة وهم محزونون ومشغولون بوداع أقرب الأقرباء والأصدقاء فنجد أحد كبار نجوم الأكشن يطارد أحد المصورين وهو يأمره بالابتعاد التام عن جنازة والده، مما اضطر النجم للجري وراء المصور وضربه وتشييعه بأقذع الشتائم! ‏ وهناك نجمة الغناء التي فوجئت بإحدى الصحفيات الشابات تصور بالموبايل مكان العزاء وهي تظن أنها تفعل ذلك في غفلة من المطربة التي كانت قد أكدت وكتبت لافتة كبيرة بأنه «ممنوع التصوير في المكان»، وما أن فوجئت المطربة بالمصورة تلتقط بعض الصور بموبايلها ظناً منها أنها بذلك تكسب نصراً، أو سبقاً صحفياً، لجريدتها حتى زعقت فيها المطربة، وخطفت منها الموبايل، وهشمته بإلقائه على الأرض، وتحطيمه؛ أمام عينيْ صاحبته وعيون الحاضرين وأغلبهم من المشاهير! ‏

♕النقيب.. ورئيس شعبة المصورين! ‏

وبينما أشارت أصابع الاتهام إلى أن وراء هذه الظاهرة بعض المصورين والصحفيين؛ وجدنا في الأسبوع الماضي كثيرين من الصحفيين والمصورين الصحفيين قد تبرأوا من المشاركة بهذه الظاهرة، فقاموا بعمل «هاشتاج» يعلن استياءهم الجماعي من تصوير جنازات المشاهير، مؤكدين غضبهم الحاد نحو ما فعله بعض المصورين غير عابئين بحرمة الموت والأموات في جنازات الفنانين والمشاهير. ‏

وكان نقيب المهن التمثيلية – الدكتور أشرف زكي – قد أعلن أكثر من مرة، وبوضوح تام؛ أن أغلب من يقومون بالتصوير للعزاءات والجنازات ليسوا كلهم أعضاء في نقابة الصحفيين؛ موضحاّ أن كثيرين منهم مواطنون عاديون يستعملون هواتفهم المحمولة، وأنهم لو كانوا يتبعون نقابة الصحفيين أو أي نقابة أخرى لتمكن من أن

نقيب المهن التمثيلية الدكتور أشرف زكي

يقاضيهم، ويحاسبهم بمقتضى القانون، حفاظاً على حقوق الفنانين. ‏ ولا يخفى على أحد أيضاً تصريح رئيس شعبة المصورين بنقابة الصحفيين المصرية – الأستاذ مجدي إبراهيم – والذي أكد فيه مجدداً أنه وإن كان ليس مع قرار منع تصوير جنازات المشاهير، باعتبار التصوير نوعاً من التأريخ لوفاتهم؛ إلا أنه يرى ضرورة أن يتم التصوير من خلال ضوابط ومعايير خاصة تلائم المناسبة التي يتم التصوير فيها. ‏ وأضاف قائلاً إن تصوير جنازات المشاهير، شأنه شأن كل تصوير، له عيوبه ومميزاته، وبالتالي لا بد من وضع حلول جذرية للتخلص من هذه العيوب، واقترح الاستفادة بالمجموعة المنظمة للجنازة والتي توجد دائماً، وبالضرورة في كل جنازة، من أجل الاضطلاع بدورها المسئول في إيجاد وتحديد الأمكنة التي ينبغي أن يعمل فيها المصورون. ‏

‏♕ «فلاشة» واحدة.. تُنهي المشكلة! 

وقد توالت الآراء والاقتراحات من الفنانين والصحفيين لتطويق الأبعاد المأساوية وغير اللائقة بالآدمية الإنسانية لظاهرة تصوير جنازات المشاهير. ‏ وبدا أن أبرز الحلول العملية المقترحة في هذا الشأن هو الرأي الذي أبداه أحد نجوم التمثيل الشباب اللامعين – أحمد السعدني – والذي اقترح على نقابة الصحفيين المصرية عبر حسابه الشخصي على «الفيس»؛ أن تقوم النقابة عند تغطية إحدى الجنازات بتكليف «صحفي واحد، ومصور فوتوغرافي واحد، ومصور فيديو واحد» بتغطية الحدث المؤسف، لتقوم النقابة إثر ذلك بوضع كل البيانات المتحصل عليها، سواء المصورة أوالمكتوبة على «فلاشة»؛ ليتم بعد ذلك توزيعها على أي موقع صحفي يطلبها، وبذلك ينتهي الصراع من أجل أخذ لقطة معينة بين من يقومون بالتصوير، ونصل في حل المشكلة للنهاية.♡ ‏

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

الخديوي المديون

بقلم : يحي سلامة استمتعت بقراءة كتاب (محمد علي وأولاده) للأستاذ الكبير الراحل /جمال بدوي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *