فتوى أم سؤال|..

تايم نيوز أوروبا بالعربي| مصطفي عمران

في تاريخنا الإسلامي قصص لأناس عاديين نطقوا بالحق وهم ليسوا بمفتيين ، مثل المرأه التي قالت لعمر بن الخطاب : كيف تمنع ماأحل الله ، عندما أراد تحديد المهور ، وقالت ( واتيتم إحداهن قنطاراً ) .
ورد عمر بكل هدوء وبساطه : أصابت إمرأه وأخطأ عمر. لم يقل لها : أنتِ إمرأة جئتِ تعطيني دروساً ؟ ماذا تفهمين أنتِ من الدين ؟ ماهي مؤهلاتك ؟ هل درستِ الشريعة ؟ هل ..وهل ..وهل ..؟

و قصة أخرى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه ، حيث قال رجل لأمير المؤمنين عمر : اتق الله ياأمير المؤمنين ، فقام أحد رجال عمر يود إلقاء القبض عليه ، فمنعه عمر وقال له : دعه فلا خير فيه إن لم يقلها ولا خير فينا إن لم نقبلها .
لم يزج به في السجن ، لم يعتقله ، لم يعذبه ، لم يقل له ماذا تعرف أنت عن التقوى ؟ لم يقل له : اذهب واقرأ علوم الفقه والعبادات ، اقرأ الفقه المقارن وفقه الأولويات وعلوم اللغه، احفظ القران وتفسير القرآن وعلوم القرآن ..واقرأ وأحفظ وتعلم ..ثم تعال وقل لي اتق الله وناقشني…لم يقل ذلك…رضي الله عنه وأرضاه وهو أحد المبشرين بالجنة.

بعض الناس يختلط عليها الأمر بين الفتوى والسؤال ، فكثير من الناس تسأل أسئله عاديه يمكن لأي مسلم أن يجيب عليها ، بل يجب أن يجيب عليها ولا يترك السائل ينتظر الإجابه من الشيخ أو دار الافتاء ، وذلك لأن خير البر عاجله ، ولأن المسلم يجب أن يكون عالماً ببعض الإجابات المهمة بقدر الإمكان .
أمثله من ذلك : سؤال كم مقدار الزكاة عن المال ؟ متى وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعه ؟ ماذا أفعل إذا شتمني أحد ؟ ماذا افعل إذا نسيت وأكلت في رمضان ، ماذا افعل إذا سهوت في الصلاة ؟.. .. وغير ذلك. وفي الحقيقه ان هذه اسئلة ينبغي على كل مسلم معرفة أجوبتها ، لأنها ليست بفتاوى ، ولأن عدم معرفتنا بإجابتها يُعتبر تقصيراً منا في ديننا ، فمثلا كلنا يجب أن نعرف مقدار زكاة المال وهو 5و2 بالمائة ، وعدم معرفتنا لذلك يدل على أننا لا ندفع الزكاة.
ولو افترضنا أن إنساناً ما لم يكن يدفع الزكاة، ثم تاب الى ربه وأراد ان يدفعها ، فليس عيباً أن يَسأل ، وهذا سؤال ، وليس بفتوى .يحق له أن يسأل دار الإفتاء ، او أي إنسان يعرف مقدار الزكاة ، ولا يحتاج بالضرورة إلى دار الإفتاء .
ولنفترض أن إنساناً صائماً نسي وشرب أو أكل ، فماذا يفعل ؟ هل من المعقول أن ينتظر الى أن يسأل دار الإفتاء ماذا يفعل ؟ أم أنه كان يجب أن يكون عالماً مُسبقا أنه يجب أن يتم صومه ؟ بالطبع كان يجب أن يكون عالماً بالإجابة وهي إتمام صومه.

ديننا الإسلام سمحٌ وسهلٌ وبسيط ، وفي العصور الأولى لم تتواجد الجامعات الإسلامية ولا دور الإفتاء ولا الأزهر الشريف ولا الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين ، ولا كليات الشريعة ، ولا معاهد شرعية …( مع إحترامي الكامل للجميع ) ، ومع ذلك كانت عصورهم مزدهرة ، والحق قائماً ، والعدل متواجداً ، وكان المجتمع المسلم آنذاك يعكس افضل صورة للإسلام.

بل إن بعض الأمور لا تحتاج سوى عقلاً راجحاً وتفكيراً منطقياً ، فمثلا عندما يسأل سائل : طبيب يقوم بإجراء عملية وأذن المؤذن للصلاة ، فهل يترك الطبيب المريض ويذهب لأداء الصلاة ثم يعود ؟ أم يستمر في إجراء العملية وبعد إنتهائها يصلي ؟
في نظري ، هذا سؤال لا يحتاج إجابة ، ولا يحتاج فتوى أو بالأحرى التفكير المنطقي والسليم الذي يرضاه الإسلام منهجاً له وأن لا ضرر ولا ضرار في الإسلام يحتمان على الطبيب إكمال العملية ، ثم يصلي بعد إنتهائها .

فليثق كل إنسان منا بنفسه ، كلٍ بحدود قدراته ، دون عُجبٍ أو غرور ، ولنتذكر قول عمر رضي الله عنه ( أصابت إمرأة وأخطأ عمر ) ، وإذا وجدنا إنسانا يسأل سؤالا فلنساعده ونجاوبه إذا كنا واثقين من الإجابة ، فإن رفضنا لإجابته بحجة ( أننا لا نفتي ) هو تخاذل منا في مساعدة الآخرين وإرشادهم.
ولا ننسى قبل كل ذلك ، ندعو الله دائماً أن يهدينا ويُلهمنا الصواب .

عن admin1

شاهد أيضاً

طريقة حفظ المفقودات في المسجد الحرام

تايم نيوز أوروبا بالعربي مكة المكرمة|ليندا سليم تيسيرًا على قاصدي المسجد الحرام وسعيًا لراحتهم، أطلقت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *