بقلم | وائل أبو طالب
إختفت المدينة القديمة بشوارعها وتحولت الي مباني شاهقة مدببة كجبال معدنية براقة بلا نوافذ او شرفات تعكس ضوء الشمس تارة وتارة تخفيه تخترق السحاب لا تناطحه كتلك البنايات العادية .اشارة المرور الالكترونية اخيرا سمحت لنا بالعبور .نعبر الشارع في آلية وكأن الادمية سلبت منا بل انتزعت نزعا .واجهات المحلات براقة مضيئة في تحد سافر لضوء النهار المتسرب مابين البنايات تحمل عناوين مبهمة بأحرف غريبة لا يستطيع فك شفرتها غير هاتف ذكي متصل بالشبكة العنكبوتية .
امتزجت روائح الاطعمة والقهوة سريعة التحضير مع روائح إطارات العربات شديدة السرعة مع احتكاكات الأسفلت خلقت رائحة معدنية ذات الوان قانية رغم محاولات الامطار الخفيفة اطفائها .
- علي مرمي البصر في احدي تقاطعات الشارع البعيد قصر قديم يحمل تاريخ المدينة وسجلاتها معلنا عن هويتها الحقيقية .ثابتا تحيطه اشجار السرو العملاقة بهيبته المثالية .
- تسارعت خطواتي تسبقها فطرتي مثل غريق وجد أخيرا طوق النجاة حتي اقتربت كثيرا من سور القصر الذي تحيطه اسلاك شائكة وبعدها اسوار عالية علي مدخله يافطة نحاسية قديمة غطاها الصداء اسفلها رقم تسلسلي الكتروني .حتي القصر يحمل باركود .رفعت رأسي باحثا عن ملامح او طراز للقصر فوجدته خليط من عدد اطرزة كل حضارات الارض الحالية والسابقة .قباب وسكسونية وقوطية حتي الفرعونية في صياغة وترتيب الكتل بشكل متداخل حيث تراه من زاوية فرعوني ومن زاوية اخري اسلامي وسكسوني .استعدت طريقي محبطا باحثا عن اقرب سوق لبيع الطعام أو السوبر ماركت قديما .
- استسلمت لجوالي وامرته بالبحث عن أقرب مكان .وكانه يسخر مني ضاحكا زاعقا …خلفك تماما .قمت بدسه بسرعة في حقيبتي الجانبية خجلا واستدرت ببطء وجدت مدخلا عاليا من زجاج شفاف ذكي يفتح تلقائيا لأي شخص يقترب منه تخرج منه امراءة تدفع عربة سلة الطعام تفتح سيارتها بالريموت وتنقل المشتروات فيها لتعود سلة الطعام علي عجلات ذكية الي مكانها .استوقفني حارس الامن بزيه المهندم المشدود وابتسامته العريضة ومرر جهاز معدني علي جبيني لقياس درجة الحرارة واستبدله بجهاز اخر كاشف للمعادن والعملات المعدنية .بعد الفحص اخرج كمامة وامرني بارتدائها عبرت بوابة التعقيم ذاتية الحركة اهتز هاتفي هزات عنيفة متلاحقة معلنا عن عروض لبيع السلالم الخشبية بمختلف الاسعار والمقاسات.
- كنت انتظر كالعادة عروض اسعار عن المكان من انخفاض اسعار المأكولات او المستلزمات او شيئ من هذا القبيل .لماذا يعلن عن عروض سلالم معدنية وخشبية في هذا المكان غير المختص بهذا النوع من المنتجات . المكان من الداخل كأنه كهف عظيم او كما يطلقون عليه باطن الجبل فهو عالي جدا يختلف تماما عن مظهره الخارجي كأي برج سكني في المنطقة .تحوم فيه طائرات صغيرة مسيرة تقوم بتصوير كل شئ يتحرك اعداد كثيرة منها تتخذ مساراتالية مختلفة كأنها خلية نحل عملاقة .فجاءة ظهر موظف ثلاثي الابعاد مجسم يشع باشاعات غريبة هيلوجرامي يسالني عن احتياجاتي وكيفية مساعدتي .وماكدت ان اتكلم اشار بيده ان اصمت وابتسم قائلا عفوا لقد تذكرت انت تبحث عن الطعام فقد سالت هاتفك منذ دقيتين في الخارج عن اقرب مكان للطعام .حركت راسي في خجل قبل ان يذكرني بأتصالاتي وتواصلي علي الهاتف .حاولت ان انهي الحوار فاشار لي اتجه الي اليسار علي بعد خمسون مترا بنفس الصوت الصادر من السيارة عندما تسال سيارتك الذكية عن طريق او مكان.وما ان تحركت حتي اختفي كما ظهر .
- لم يكن المتجر مزدحما او خيل الي انه كذلك من رحابته وسعته. اصطدمت بأحد المارة أسقطني بقوة علي الأرض رجل ضخم يدفع عربة مليئة بأشياء كثيرة ودون ان يلتفت إلي استمر في طريقه وكأن شئ لم يحدث فقط قام بإعادة ترتيب علبة معدنية كادت ان تسقط من العربة.كما لم ينتبه أحد في المتجر لسقوطي وكأنه امر أعتيادي حتي الطائرات المسيرة لم تقم بتصوير المشهد .علي ان اكمل طريقي وأغادر هذا المكان سريعا اخيرا وجدت ماابحث عنه علي شاشة عملاقة تستعرض كل أصناف المواد الغذائية بطريقة أحترافية عالية تظهر علي الشاشة قطعة كبيرة من اللحم تشطرها سكين حادة عدد من القطع .ماكينة صنع النقانق المبهرة .ألة تقطيع اللانشون وتظهر قطعة اسطوانية وتتحول الي شرائح رقيقة جدا .
- بحثت في ارجاء المكان عن هذا المنتجات فلم أجد شيئا اين الرجل الهيليوجرامي اين الارشادات والخرائط لا شئ سوا مقعد وحيد جلستابحث في ارجاء المكان بلا جدوي حتي نظرت إلي الأعلي فوجدت كل أصناف الطعام في الاعلي علي ارفف مرتفعة عاليا لم اصدق عيني .كيف تتم عملية التسوق والشراء حتي ظهر شخص يدفع بعربة التسوق واخرج منها حقيبة صغيرة وقام بفتح الحقيبة علي الفور وقام بالضغط علي زر الهاتف فإذا بسلم معدني يخرج من الحقيبة ويرتفع الي ان وصل الي اررف الغذاء صعد السلم بهدوء واختار عدد من المنتجات ثم عاد كل شي في مكانه .هنا فثط تذكرت إعلانات السلم وعلاقتها بالمكان .امسكت بهاتفي بسرعة وبحثت عن عروض السلم فوجدت العرض قد انتهي وعلي ان انتظر عدة ايام حتي تعود عروض السلالم .