ما حكم صيام رمضان في زمن الكورونا؟ سؤال طرح كثيرا قبل حلول شهر رمضان الكريم وحتى الآن تنتشر كثير من الاستفسارات خاصة من طرف المسلمين فى اوروبا
وتعددت التأويلات الطبية والتفسيرات الدينية من بلد إلى آخر ومن مرجعية دينية إلى أخرى حتى كاد أن يتحول هذا الموعد الديني الذي ينتظره كل سنة آلاف الملايين من المسلمين حول العالم إلى جدل حاولت حسمه في نهاية المطاف بعض المؤسسات الإسلامية والمراجع الدينية.
المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث: فرضية عدم شرب الماء يزيد من فرص الإصابة بوباء كورونا غير صحيحة
ففي أوروبا مثلا، خصص المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، موضوعا مطولا عبر موقعه على الإنترنت نشر في 13 أبريل/نيسان الجاري، من خلال تقديم أجوبة مباشرة على أسئلة طرحها مواطنون مسلمون.
- ففي سؤال، هل ينبغي للمسلم شرب السوائل خلال شهر رمضان لمنع جفاف الحلق وبالتالي الوقاية من الإصابة بفيروس كورونا المستجد؟
- أجاب المجلس، بعد أن قام باستشارة عدد من الأطباء والخبراء دون أن يكشف عن هويتهم، أن الفرضية التي تقول بأن عدم شرب المياه يزيد من فرص تعريض الصائم لوباء كورونا، “غير صحيحة وليس لها أي دليل علمي تستند إليه”.
مؤكدا أنه “بالعكس العديد من الدراسات العلمية أثبتت أن للصوم فوائد صحية عديدة، كتقوية المناعة الذاتية للجسم لدرء الأوبئة”.
بالمقابل، أضاف المجلس، وهو هيئة إسلامية متخصصة ومستقلة، تتولى إصدار فتاوى وقرارات جماعية وبحوث محكمة لطقوس المسلمين وأدائهم الديني فى أوروبا، أن “في حال كان الصائم مصابا بفيروس كورونا، فعليه أن يفطر ويتناول الدواء لأنه معني بالرخصة الشرعية وعليه القضاء أو تقديم فدية بحسب حاله، لكن إذا عوفي منه، فيجب عليه الصيام”.
وفي سؤال آخر، هل من الممكن شرعا تأجيل شهر الصيام لهذا العام إلى غاية أن يكون الصائم في مأمن من الإصابة بوباء “كوفيد-19″؟، كان جواب المجلس بالرفض، مستشهدا بالعديد من الأحكام الشرعية والإسلامية وآيات من القرآن.
وكتب “صوم رمضان يبدأ مع بداية شهر رمضان ولا ينبغي أن يختلط بغيره من أيام شهور أخرى قبله أم بعده”، موضحا أنه :
“لا يمكن للمسلمين تأجيل صوم رمضان لفترة أخرى من السنة”.
فيما أضاف نفس المجلس “أن تأجيل الصيام بحجة اتقاء الإصابة بفيروس كورونا هو سبب لا صحة له، بل بالعكس فإن للصوم فوائد للجسم ويساعد على مقاومة الأوبئة”.
المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية: جائحة كوفيد-19 لا تؤثر بشكل مباشر على الصيام
على الصعيد الفرنسي، أصدر المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية فتوى بخصوص شهر رمضان. وكتب على موقعه :
أن “جائحة كوفيد-19 لا تؤثر بشكل مباشر على الصيام داعيا “كل المسلمين والمسلمات المستوفين للشروط إلى الصوم بشكل عادي”.
وأضاف المجلس الذي يدير شؤون المسلمين في فرنسا أن “الصيام خلال شهر رمضان يعتمد بشكل أساسي وجوهري على إرادة كل شخص حيثما يتواجد”، لكنه أكد مرة أخرى عدم “وجود علاقة مباشرة بين فيروس كورونا والصيام”.
وتابع “كل الذين يستوفون شروط الصيام، وبإمكانهم القيام بذلك، فسيصومون كالعادة خلال شهر رمضان. أما المرضى وكبار السن والنساء الحوامل أو تلك اللواتي يرضعن أطفالهن، فهم مستثنون من الصيام وقفا لوضع كل حالة”.
وإلى ذلك، دعا كل من المجلس الأعلى للديانة الإسلامية والمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث كل المسلمين إلى الالتزام في جميع الحالات بالقواعد الصحية التي قررتها السلطات لتجنب تفشي فيروس كورونا وذلك بعدم الذهاب إلى المساجد لأداء صلاة التراويح.
الأزهر: لم يثبت علميّا حتى الآن أن الصيام يعرض صاحبه للإصابة بفيروس كورونا
من ناحيتها، أعلنت لجنة البحوث الفقهية بالأزهر أنه “لا يتوفر لغاية الآن أي دليل علمي يؤكد وجود علاقة بين الإصابة بفيروس كورنا والصوم خلال شهر رمضان”، مضيفة “وعلى ذلك تبقى أحكام الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالصوم على ما هي عليه من وجوب الصوم على كافة المسلمين، إلا من رخص لهم في الإفطار شرعًا من أصحاب الأعذار”.
وسبق للأزهر، الذي يعد أعلى هيئة إفتاء سنية في العالم، أن أصدر بفتوى أكد فيها بأن “الحديث عن إفطار المسلم كإجراء وقائي بترطيب الفم للحماية من العدوى، سابق لأوانه”. لكنه أضاف في بيان أصدره وتناقلته وسائل إعلام عربية كثيرة “يرجع في حكم ذلك للأطباء الثِّقات وما يرونه، للحفاظ على صحة الإنسان، فهم أهل الاختصاص في هذه المسألة، وقرارهم مُلزِمٌ لكلِّ صائم مسلم بالإفطار من عدمه”.