بقلم : ضحى أحمد الباسوسي
في إحدى الليالي المظلمه، حيث تنام النجوم خلف رمادية الغيوم، كانت هناك روح مسكينة، سجينة أفكارها، حبيسة صمت أبدي. وجدتها تقول: أشعر وكأن الكون بأسره قد نسي وجودي حتى نسيتني الحياة. الحياة كانت تمر أمامي كقطار مسرع، لكنه لا يتوقف عند محطتي، لم يكن هناك أحد ينتظرني، ولم يكن هناك من يسأل عني. أحسست بثقل العالم على كتفي، وكأنني أحمل جبلاً على ظهري. الحياة كانت كسيدة جميلة تبتسم دائماً لي، إلا أن في يوم من الأيام، قررت أن تُسدل ستارتها عليّ، ف أصبحت كظل باهت، لا مكان لي تحت شمس وجودها. كل شيء من حولي كان ينبض بالحياة إلا أنا، الزهور كانت تتفتح، والأشجار تثمر، والعصافير تغرد ولكن في سماء لا تعرفني. حتى الرياح التي كانت تحمل لي همسات الأمل أصبحت باردة وقاسية، تتجاهلني وكأني طيف لا يُرى.
كانت الأيام تمر كالسحاب، لا تترك أثراً وراءها، وكأن الزمن قرر أن ينزعني من تقويمه. شعرت بأنني صخرة تُقذف في بحر من النسيان، لا تطفو ولا تُرى مرة أخرى. كلما حاولت الاقتراب من ضوء الحياة، وجدت أبوابها توصد في وجهي. كانت تضعني في زاوية مظلمة، تتركني أواجه وحدتي، بينما تستمر هي في مسيرتها. لقد توقفت الحياة عني، كأنها قررت أنني لم أعد جزءاً من روايتها، وأنني أصبحت حملاً ثقيلاً على صفحاتها.
تلك اللحظات التي كانت تملأ قلبي بالفرح تحولت إلى ذكريات باهتة، وأصبحت أسير في ممرات الضياع دون وجهة. كانت الحياة، بكل ما فيها من ألوان، قد رسمتني بخطوط باهتة في زاوية منسية من لوحتها. ورغم كل هذا، كنت أبحث في الأفق عن أمل ولو بسيط، عن صوت يناديني من بعيد، يخبرني بأن الحياة لم تنسَني تماماً. ربما، يوماً ما، تعود الحياة لتفتح ستارتها لي، وتمنحني فرصة أخرى لأعيش وأتنفس وأشعر بالوجود من جديد.