القائمة

منصور توفيق من الرعيل الأول فى ألمانيا | | يحلم بعودة القُدس

غرفة الأخبار سنتين مضت 0 2.5 ألف

عودة القدس.. على رأس أمنيات: منصور توفيق عبد الهادي ‏إثر تهنئة عمدة دوسلدورف بألمانيا له في عيد ميلاده التسعين! . . أرسل إليه دكتور ستيفان كيلر عمدة المدينة الألمانية تهنئة شخصية عبَّر خلالها عن خالص تهانيه بحياة سعيدة جميلة لبلوغه الـ«90» عاماً من عمره!

كتبت مدير مكتب ألمانيا | نهلة سليم ‏ ‏

أرفق العمدة مع التهنئة هدية مالية “شيك”، وهي عادة تفعلها حكومة ألمانيا مع مواطنيها ببلوغهم سن الثمانين، ومع كل عشر سنوات إضافية؛ حيث ترسل تهنئة من خلال عمدة البلد الذي يقطنون به، لكل من يصل لتلك المرحلة العمرية؛ سواء كانوا من المواطنين الألمان أو المتجنسين بالألمانية!

كرنڤال.. العيد التسعيني السعيد!

اكما احتفل المركز الألماني الدولي للثقافة والإعلام بـ “منصور توفيق عبد الهادي حسب الله ” وعائلته الموجودة بألمانيا مع أبناء الجالية المصرية بمقاطعة شمال الراين في أجواء سادها المرح والتفاؤل؛ حيث تمني منصور، في عامه التسعين؛ أن تعود ارض فلسطين كاملة لأصحابها الفلسطينيين وتعود القدس عربية! وأطلق أيضاً أمنيته بأن يمتد به العمر ليشاهد أحفاده من أصغر أبنائه، ومعروف أن أصغر أبنائه: ولدان أكبرهما عمره 17 عاماً والأصغر في الـ15 عاماً من عمره؛ علماً بأن له 23 حفيداً الآن!! .

حاورته  بهذه المناسبة الجميلة؛ خاصة وأنه واحد من كبار المعمرين العرب في ألمانيا، له تاريخ رياضي حافل باعتباره كان أحد أبطال المصارعة الرومانية والـ”كاتش” الروماني، خلال خمسينيات القرن الماضي بالنادي الأهلي بالجزيرة، فضلاً عن أنه واحد ممن عاشوا الزمن الجميل الحافل بحياة عاصر فيها أحداثاً كثيرة من أول الملك فاروق حتى عصر الرئيس السيسي؛ فكان شاهداً علي عدة عصور بكل ما كان فيها من اختلاف وتباين.

 كيف تري كل تلك السنوات التي شاهدتها تمر أمامك؟! ⁃ رأيتها كالحلم، فقد عشت أجمل الأوقات بها، وتحديداً «الزمن الجميل» كما يطلقون عليه الآن، وإن كنت أشعر بأني دخلت من باب، وخرجت من باب؛ وما فعلته بين البابين يدخلني الجنة أو يدخلني النار!

نهله سليم تقدم كيكة بصورة منصور توفيق عبد الهادي

شجاعة زمان.. تكسب!

لقد كنت “شاهد عيان” علي أحداث كثيرة مرت بها مصر، بل والعالم كله! ⁃ نعم عاصرت اشياء كثيرة! ⁃ فماذا رأيته تغيَّر في الشخصية المصرية اليوم عن الزمن الذي عاصرته في أول حياتك؟! ⁃ في الشباب، الآن؛ تغيَّرت الشجاعة والإقدام والأخلاق عموماً! ⁃ بمعنى؟! ⁃ في طفولتي، عندما كان عمري 15 عاماً؛ كنت أرى أثناء ذهابي للمدرسة، مثلاً؛ العساكر الإنجليز وهم يخرجون من الخمَّارات بشارع 26 يوليو، وكيف يكونون في حالة سكر شديدة فإذا وجدوا أمامهم إحدى البنات في الشارع كانوا يقفزون عليها قاصدين التهجم علي شرفها في الشارع!! ‏- وماذا كان يحدث إثر ذلك؟! ‏- كان الصبية من الباعة الجائلين يتصدون لهم، وأذكر أني رأيت فتى من ماسحي الأحذية رأي عسكري إنجليزي يفعل ذلك مع بنت فضربه بـ”لبيسة” الأحذية علي رأسه، وشدّ البنت من يديه، وقال لها: اهربي أنتِ بسرعة قبل أن يصفّر العسكري الانجليزي فيأتي زملاؤه، ثم يفرّ، هو الآخر؛ وهذه شجاعة لا مثيل لها اليوم، ولم تعد موجودة!!

التدليل.. ومشكلة التعليم!

ولماذا، برأيك؛ اختفت هذه الشجاعة؟! ‏ لأن الشباب أصبح مدللاً، وكل شيء صار يجاب له. ⁃ وهل هذا، برأيك؛ السبب الوحيد في تغير السلوك بين: جيل الزمن الذي عاشرته والجيل الحالي؟! ⁃ لا، فهناك أيضاً تأثير التربية والتعليم، لأنه كانت التربية موجودة في البيت أولاً، ثم في المدرسة، وبعد ذلك يأتي معها التعليم الجيد، ولكن ما أراه اليوم من انشغال الأب والأم بالعمل خارج المنزل، وأحياناً خارج البلاد؛ كل هذا جعل الطفل مهتزاً من ناحية التنشئة، ولا يدرك معاني كثيرة؛ لأنه لم يكتسبها من أحد، ولأنه لم يجد أحداً بالبيت، أو بالمدرسة التي أصبحت حتى بدون تلاميذ، بل وبدون معلمين وبدون منهج!! ⁃ وإلى أي مدى تعتقد أن المناهج مهمة لتربي التلميذ حتي يصبح طالباً جامعيًا؟! ‏يقاطعني بحدة، قائلاً: ⁃ بكل تأكيد المنهج الذي يدرسه التلميذ وحتي طالب الجامعة ليست له علاقة بالعلم الذي من المفترض أن ينفعه، وكل ما أشاهده اليوم من مناهج ماهي إلا حشو، لا يفهمه احد، بل المطلوب منه الحفظ فقط؛ فيتخرج الطالب ليكون في النهاية طالباً “فارغ المعرفة”،بل وأحياناً أري خريجين من الجامعة لا يعرفون اللغة العربية!!

الحل.. العودة للنظام القديم!

 وبنوع من الأسى والحزن على ما فات؛ أضاف قائلاً: أنا أرى أمامي كل كتابات الشباب خاطئة، وهذا ما يحزنني كثيراً؛ لأننا كنا ندرس المواد باللغة الإنجليزية، بسبب وجود الاحتلال البريطاني في مصر؛ ومع ذلك كنا وما زلنا نكتب اللغة العربية صحيحة، لماذا؟ لأننا تعلمناها بطريقة صحيحة جداً! ⁃ كيف ترى ما ينبغي أن يكون عليه دور وزارة التربية والتعليم، الآن ؟! ⁃ دورها الأول،حالياً؛ يجب أن يكون: العودة للنظام القديم! ⁃ وكيف؟! ⁃ يجب الاهتمام بجودة التعليم كما كان عليه الحال في الماضي خلال مرحلة التعليم الإلزامي، وما قبل المرحلة الابتدائية، على أن يتم تركيز الاهتمام أيضاً بالمدارس الحكومية، و

جعل التعليم بها مقابل مبالغ رمزية، يعني مثلا كان والدي يدفع 18 جنيهاً ثمن تعليمي في العام الواحد، ولكن بالمقابل كانت هناك رعاية كاملة يتلقاها التلميذ أو الطالب؛ فكان يوجد مطعم بالمدرسة، وكنا نتلقي وجبتين: إحداهما: الإفطار، والأخرى: الغذاء؛ وكان الإفطار يتكون من: كوب لبن كبير، وساندويتش مربي، أو حلاوة طحينية، وكنا نأكل بالشوكة والسكين!

مشهد من حفل التكريم

ميزانية التعليم.. الأهم!

سألته: كان ذلك عن الإفطار، فماذا عن الغداء؟! ‏ابتسم، وأجاب: لحوم، أوفراخ، وخضار، وأرز، وفاكهة؛ يعني وجبة كاملة، وهذا لم تعد تقوم به المدارس الحكومية الآن؛ لأنه ليست لها ميزانية تكفي لكل ذلك! ⁃  هل تري ميزانية التعليم أهم من ميزانية السلاح؟! ⁃ نعم، فسلاح العلم، وبناء الإنسان في غاية الأهمية؛ لأن الإنسان القوي سليم البنيان والعقل هو الذي يستطيع الدفاع عن وطنه حتي، ولو؛ بدون سلاح، وكل شيء له أولوياته؛ فيجب أولاً أن نبني الانسان ونعلمه، ثم نبني بنيته التي سيعيش عليها.

تقصد، بدون تعليم وتربية فآن هذا الانسان الصغير لن يستطيع ان يقيم ويحافظ علي أي نهضة تقدم له! ⁃ بكل تأكيد! لذلك، لا أقول للدولة: أنظري لتجربة الدولة الفلانية، لكني أقول لها ارجعي لتجربة مصر القديمة في عصر النهضة الذي كان كل شي به رائع ورائد، فاليابان كانت تأتي لتنقل تجربتنا في التعليم، ومصر كلها كانت عروس الشرق؛ لأن شعبها كان يحبها حقاً وصدقاً!! .

كرياضي كبير سابق؛ ماذا تنصح شبابنا الذين أصبحوا مدمنين للموبايلات والألعاب الإلكترونية؟! ⁃ اقول لهم إن هذه الموبايلات والألعاب ستصيبهم بالعمي والطرش والبكم والاكتئاب والغباء!! ضرورة التعامل.. بحكمة! وبسرعة، أضاف موضحاً: ⁃ العمي؛ لأن هذا الشعاع الذي يخرج من الشاشة ضار للبصر، للغاية، ويسبب ضعف النظر في المستقبل! والطَرَش لأن السماعات التي يضعونها في آذانهم بها ذبذبات ضارة للأذن، وتسبب ضعف السمع! وأما البُكم، فيمكن حدوثه لأنهم لا يتحدثون مع أحد، بل يستمرون في كتابة رسائل، بدلاً من التحدث المباشر مع أصدقائهم أو حتي والديهم؛ وبالنسبة للاكتئاب فيمكن أن يحدث للشاب أو الشابة من التعود على التعامل مع شيء صامت، لا يتحدث، فيألفه ويكره التحدث مع أي أحد، حتى يصؤبه بالتالي من هنا الإحساس بالاكتئاب!! ⁃ واستطرد بقوله :صحيح، التكنولوجيا تأتينا من الله؛ ولكن لكي نتعامل معها بالحكمة، وبما لا يضرنا. ‏

ما أهم ما ينقص الشباب المصري والعربي في الجيل الحالي؛ لكي يصبحوا مثل شباب جيلكم؟ ⁃ تنقصهم المسئولية، فالشاب الذي لا يعمل في فترة فراغه سوف يفسد، ولا يُعتمد عليه؛ لأنه سوف يظل ينتظر الأهل كي يوفروا له كل ما يحتاجه، ثم يصبح بمرور الوقت “عالة” حتي علي نفسه!!

الرياضة.. صحة وقوة وأخلاق!

منصور توفيق: شبابنا الآن تنقصه الرياضة، لأنها تبني الجسد وتُحسِّن الخلق، فأنا، مثلاً؛ مارست رياضة السباحة في ترعة بلدنا، ثم في حمامات السباحة عندما انتقلنا للقاهرة، ثم كوَّنت فريق مصارعة عندما كنت ما زلت في المرحلة الثانوية، ثم لعبت بطولات كثيرة؛ وعشقي للرياضة، واهتمامي بالتميز في مسابقاتها منعني من أن أدخن بل ودفعني شغفي بالرياضة أن احافظ علي صحتي وأهتم بغذائي.

ماذا تغيَّر في الشعب المصري في الماضي واليوم؟! ⁃ النظام والنظافة والذوق العام الذي هبط، وعدم الاهتمام بالقراءة والمعرفة، والمغالاة في الأمور، وبُعده عن البساطة التي كانت من سماته، حتى أصبح الجشع وعدم الأمانة أجدهما بالأكثر الآن، وهذا لم يكن موجوداً أبداً في زمننا الجميل! ⁃ تقصد الناس أصبحوا ممكن أن يقبلوا الغلط أكثر سعياً وراء الفوز بالغنى والثراء!! ⁃ نعم، للأسف؛ وهذا ظهر في الأزمة المالية الأخيرة الخاصة بالدولار، وظهور جشع تجار السوق السوداء الذين يريدون مصّ دماء الشعب! ⁃ وهل الجشع لم يكن موجوداً في أيامكم خلال الزمن الماضي؟! ‏يبتسم، وبنوع من الإشفاق؛ يرد: – كل شيء كان موجوداً في أيامنا، ولكن برمز وليس بالكم الذي به الحال عليه الآن!!

إنقاذ.. تراث مصر السينمائي!

 قلت له : معك حق، فقد كفاك للشعور بالرضا والفخر في الماضي أنه كان من كرَّمك لأمانتك، وبمكافأة لم تكن ضخمة؛ هو الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة آنذاك! ‏قاطعني في الحال؛ ليقول: ⁃ نعم، وكذلك أديب نوبل العظيم الروائي نجيب محفوظ، لأنه كان مديري المباشر؛ حيث كان يعمل مديراً عاماً علي المصنفات الفنية وتكريمه لي كان عبارة عن اهتمام من جانبه بما قلته له؛ فما زلت أتذكر كيف أنني أخرجته من اجتماع كان عنده كي أبلغه بضرورة إيقاف كارثة كبرى! ‏- وماذا كانت تلك الكارثة؟! ‏- أول ما قلت له عليها، استمع لشكواي، وعلي الفور أخذ سيارة أجرة، وذهب لمكتب دكتور ثروت عكاشة في المبني الإداري لقصر عابدين؛ حيث كان مقر وزارة الثقافة هناك، ولهذا اعتبرته كرَّمني لأنه صدّق قولي له؛ حيث كانت هناك عصابات تغري ضعيفي النفوس كي يأخذوا أفلاماً من المخازن يوم الخميس، ليطبعوها ويردوها لهم يوم السبت؛ مقابل مبالغ مادية كبيرة، وعندما حاولوا أن يفعلوها معي أبلغت في الحال الأستاذ نجيب محفوظ، فقال لي آنذاك هذه العصابة ظلت 20 عاماً تسرق منا ولم نحصل علي أول خيط لها، وأنت يا«منصور» من قدمتهم لنا، أما دكتور ثروت عكاشة فأعطاني «شيك» بمبلغ عشرين جنيهاً نظراً لأمانتي!

الفن.. ينقصه فنانون موهوبون!

‏و بمناسبة كلامك عن محاولة سرقة ثروة مصر الفنية السينمائية؛ برأيك، الفن المصري؛ ماذا ينقصه الآن؟! الفن ينقصه فنانون موهوبون علي حق، وليس مجرد ناس تريد المال والشهرة، الفن ينقصه الفنان ذو النَفْس الغنية، ففي الماضي كان الفن يدخله البكوات والباشوات كي يرتقوا به ويصرفوا عليه، لا يصرف هو عليهم؛ والفنان لابد وأن تكون له صنعة أخري، أو وظيفة أخري؛ كي لا يكون همّه الأول والأخير هو التربح مما يقدمه لجمهوره، سواء كان ما يقدمه فناً، أو “لا فن”؛ لأن الفن أصلاً، وفي حد ذاته؛ موهبة وهواية أعطاهما الله للإنسان المبدع كي يسعد بفنه الناس، لا ليكون أكل عيشه مما يقدمه لهم!!

كتب بواسطة

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

اترك تعليق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *