تايم نيوز أوروبا بالعربي – القاهرة | أحمد يدك:
غيّب الموت مساء أمس الجمعة، الإذاعي المصري الكبير حمدي الكُنيّسي، بعد تعرضه لوعكة صحية؛ ليتوقف بذلك “صوت المعركة” عن البث عبر أثير الدنيا بشكل نهائي.

المجمع الطبي للقوات المسلحة بالمعادي
كان قد تم نقل الكُنيّسي في وقت سابق إلى المجمع الطبي للقوات المسلحة الكائن بكورنيش المعادي، من أجل تلقي العلاج، بعد دخوله في حالة صحية حرجة، وذلك قبل الإعلان لاحقًا عن وفاته.
النشأة والبداية..
وُلد حمدي الكُنيسي في 19 مارس 1941 بقرية شبرا النملة، التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية، وانتقل في شبابه إلى القاهرة من أجل تلقي التعليم الجامعي، حيث درس في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة.
وعلى الرغم من عدم تخصص مجال دراسته بالعمل الإذاعي، إلا أنه لم ينس شغفه القديم بالإذاعة التي عرف طريقه إليها بعد تعيينه كـ”قارئ نشرة” بالإذاعة المصرية في عام 1963.
“صوت المعركة” و”يوميات مراسل حربي”..

الإذاعي حمدي الكُنيّسي
ظل الإذاعي حمدي الكُنيّسي يعمل بالإذاعة المصرية ويتنقل بين برامجها حتى جاء الوقت الذي أعلنت فيه القيادة السياسية في مصر قرار الحرب مع إسرائيل في عام 1973، فقرر الذهاب إلى “بابا شارو” رئيس الإذاعة المصرية وقتها، معلنًا أمامه رغبته بالتطوع للذهاب إلى جبهة القتال من أجل إجراء التغطية لوقائع الحرب.
ساهم اعتماد الجمهور في هذه الفترة الزمنية على الإذاعة كمصدر رئيسي للأخبار على تحقيق شهرة واسعة لـ”الكُنيّسي”، خصوصًا بعد قراره الجريئ بالذهاب إلى الجبهة من أجل نقل ما يدور بها للجماهير الحريصة على متابعة أحداثها أول بأول؛ ومن هنا كانت البداية الفعلية لتعرف الجماهير على اسم الإذاعي حمدي الكُنيّسي.
وارتبط اسم “الكُنيسي” ببرنامج “صوت المعركة” الذي أكمله خلفًا للإذاعي أحمد أبو السعود، بعد أن قدم منه عدة حلقات عقب انطلاقته، وذلك قبل سفره إلى إحدى الدول العربية من أجل العمل بها، كما قدم أيضًا برنامج “يوميات مراسل حربي”.
قلق “إسرائيلي” من برنامج حمدي الكُنيسي..
حقق برنامج الإذاعي حمدي الكُنيسي شهرة واسعة اكتسبها من وراء انتشاره في مصر وعلى مستوى الدول العربية التي حرصت شعوبها على متابعة أخبار الحرب مع إسرائيل من خلاله، إضافة للإهتمام بمتابعة البرنامج في أوساط الإسرائيليين المتحدثين باللغة العربية.

الرئيس السادات مع رئيسة الحكومة الإسرائيلية جولدا مائير
وبالتوازي مع دوي صوت آلة الحرب العسكرية بين مصر وإسرائيل، كان صوت آلة الحرب الإعلامية والدعائية حاضرًا وبقوة من الطرفين، الأمر الذي أظهرته تقارير استخباراتيه اطلعت عليها الإدارة المصرية، آنذاك، والتي كشفت عن “توجس” إسرائيلي خشية تأثر الإسرائيليين متحدثي العربية المُتابعين لبرنامج حمدي الكُنيّسي بوجهة النظر المصرية، للدرجة التي دفعت الرئيس السادات للتعليق شخصيًا على هذا الأمر بقوله لوزير الإعلام جمال العطيفي: “الكُنيسي قالب دماغ الإسرائيليين”.
وأمر الرئيس السادات وقتها باستدعاء الإذاعي حمدي الكُنيّسي من أجل تكريمه على تميزه في الدفاع عن وجهة النظر المصرية حول الصراع مع إسرائيل وشجاعته في عدم تردده للذهاب إلى جبهة القتال من أجل إجراء التغطية لأحداث الحرب.
ورفض الكُنيسي تكريم السادات إلّا أنه طلب عوضًا عنه تأسيس نقابة تجمع تحت مظلتها كل المشتغلين بالحقل الإذاعي.
مناصب قيادية..

اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري
تولى الإذاعي حمدي الكُنيسي عدد من المناصب القيادية منها مدير عام إذاعة الشباب والرياضة في عام 1988 ورئيس مجلس إدارة مجلة الإذاعة والتليفزيون في العام ذاته، كما التحق للعمل بمنظمة اليونسكو كخبير إعلامي عام 1975.
وكان الكُنيّسي المستشار الإعلامي لمصر في سفارتها بلندن ثم في سفارتها بنيودلهي، وفي عام 1997 تولى رئاسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون حتى عام 2001.
ومن المقرر تشييع جثمان الإذاعي الراحل، اليوم السبت، من مسجد الحصري بمدينة 6 أكتوبر إلى مثواه الأخير، بعد مشواره المهني الكبير، الذي كان فيه بمثابة حائط صد فكري تصدى للحرب الدعائية الإسرائيلية على مصر ودافع بضراوة عن موقفها وسخر إمكانياته الإذاعية من أجل إظهار حق مصر في الدفاع عن نفسها وتحرير ترابها من المحتل الإسرائيلي.
[button color=”red” size=”medium” link=”https://timenews.nl/archives/21620″ icon=”” target=”true”]إقرأ ايضًا: سفير السويد بالقاهرة: السويد ومصر يجمعهما حوار سياسي مميز[/button]