القائمة

خطايا فى المرآة | بقلم ضحى أحمد الباسوسي

غرفة الأخبار 3 أشهر مضت 0 1.7 ألف

 بقلم | ضحى أحمد الباسوسي
: في أعماق مدينة الضباب، حيث تلتقي الأرواح وتُعانق الأرصفة الحكايات، كان هناك رجل ينظر إلى العالم بعين واحدة. عينٌ لم ترَ سوى ما تشتهي أن ترى، تتجاهل كل العيوب والنواقص التي تسكن في نفسه، وتبحث بلهفة عن الهفوات والزلات في نفوس الآخرين.

وقف ذاك الرجل يترقب من حوله كما يترقب الصياد فريسته، يتلذذ بإكتشاف أخطائهم، ويُلقي على مسامعهم اللوم والتوبيخ القاسي. لم يكن في قلبه مكان للرحمة أو للعذر. كلما مر أحدهم بحالة ضعف أو أزمة، كان يستغل الفرصة ليُظهر تفوقه وذكاءه في إشعارهم بالذنب وتأنيب ضمائرهم. يُغلف كلماته بسموم النقد اللاذع، ويقتات على آلام الآخرين دون أن يلتفت للحظة إلى ما يمرون به من تقلبات وأحداث. اعتبر نفسه القاضي العادل، الذي لا يُخطئ، بينما الحقيقة كانت تختلف تماماً عما كان يظن.

قلبه كان ينبض بقسوة، لا يعترف إلا بذاته ولا يرى إلا ما يخدم مصالحه. إذا بكى صديق أو غاب حبيب، لم يسأل عن سبب الدموع أو الألم الذي به، ولا عن سبب غيابه، بل كان همه الوحيد أن يشعرهم بالذنب والتقصير في حقه، كان همه الوحيد أن يكون الآخر متواجداً من أجله ولأجله فقط، ليشاركه في مسرحيته الوهمية، ويخدم رغباته دون أي اعتبار لما يعانيه أو يمر به من ظروف صعبة. لم يفكر يوماً في أن الحياة قد تكون قاسية على الجميع، وأن كل شخص يحمل في قلبه حملاً ثقيلاً لا يستطيع البوح به.

في النهاية، كان يتباهى هذا الرجل دوماً بسلامة نيته ونقاء قلبه، حتى ظن نفسه بأنه النجم، الذي يتلألأ في سماء الصدق والوضوح، بينما في الحقيقة، كان قلبه شاهداً على قسوة لا تعرف الرحمة ولا اللين، بل ولا تعرف سلامة النية وحسن الظن ولا حتى إلتماس الأعذار.

حقا!! لم يلتمس العذر لأحد، ولم يحاول فهم مشاعر الآخرين، فقد كان ينتظر اللحظة المناسبة ليُسقط قناع الطيبة ويُظهر وجهه الحقيقي، وجه الأنانية والتسلط. هكذا ظل يسير في طرقات الحياة، بلا صديق وفيّ ولا حبيب مُخلص، لأنه في أعماق قلبه، لم يكن هناك مكان إلا لظلال أنانيته، ولم يكن يرى في المرآة إلا صورة مشوهة لذاته، التي يظنها مثالية بريئه لا يشوبها أي خطأ، بينما في الحقيقة هي مليئة بالذنوب والخطايا والندوب.

ضحى أحمد الباسوسي 29 سنة- 
خريجة كلية اللغات والترجمه قسم اللغه الالمانيه جامعة ٦ اكتوبر- 
بعد التخرج اشتغلت معيده في في كلية اللغات والترجمه قسم اللغه الالمانيه لمده ٣ سنوات ثم سافرت لدراسه الماجستير في المانيا لمده سنه.
بدأت الكتابة منذ دخولها الجامعه اي في سن ١٨ عام
 صدر لها أول كتاب لي بأسم “غربة روح” تبع الهيئة العامه للكتاب تحت إشراف الاستاذ منير عتيبه في عام ٢٠٢١

كتب بواسطة

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

اترك تعليق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *