ملتقى الشربيني الثقافي»
كيف أشاع الدفء في صقيع شبين القناطر
بـ«طباطيب العِبَر» للأديب أسامة الرحيمي؟
ليلة ثقافية أشاعت الدفء بليالي الشتاء القارسة في مدينة شبين القناطر لأنها كانت عامرة بالمبدعين، من شعراء الفصحي والعامية والنقاد والكُتَّاب والصحفيين، فقد تحوَّلت أحاديثهم فيها ونقاشاتهم إلى “مدفأة كبيرة” لفرط الحميمية والحيوية والسخونة.
«تايم نيوز أوروبا بالعربي» | كتب محرر الملتقى
آراء بالجملة وانتقادات وجيهة متلاطمة، سرد ورؤى معرفية
بالقضية التي ناقشها الملتقي حول كتاب «طباطيب العِبَر» ما جعل شعار الملتقى: “شمعة تقاوم العتمة” قابلاً، فعلاً ودوماً، للتحقق، خاصةً وقد قاد مناقشاتها مؤسس الملتقى ومديره الكاتب الصحفي المرموق محمود الشربيني.
ثلاثة..في واحد!
على مدي أكثر من “3” ساعات ناقش أركان ورموز الملتقى الكاتب الصحفي الكبير أسامة الرحيمي، رئيس القسم الثقافي سابقاً بجريدة «الأهرام»، ومؤلف كتاب “طباطيب العِبَر”، والذي وصفه “مسعود شومان” – الشاعر والباحث (رئيس الادارة المركزية للشئون الثقافية بهيئة قصور الثقافة) – بأنه أبدع “ثلاثة كتب في كتاب واحد” مؤكداً أن المؤلف ظلم كتابه بضخامته تلك، بدلاً من أن يقسمه على عدة كتب، كما كانت مفارقة مدهشة أن المؤلف كشف عن اكتفائه بهذا القدر من مادة الكتاب حول قصص “أهل الدراكسة” ومعاناتهم وقهرهم وعبوديتهم وذلهم أمام الإقطاعيين، لأن المادة التى جمعها عنهم تُكتب في آلاف الصفحات!
وقد تحدث مؤسس الملتقى الكاتب الصحفي محمود الشربيني، فقام بعرض الكتاب، قائلاً إنه يقع في نحو 507 صفحة من القطع العادي، وبه مجموعة مذهلة من الحكايات يمكن اعتبارها قصصاً قصيرة، تربو على الـ«50» قصة، بدت موجعة، مؤلمة، دامية، تهز القلوب، وتزلزل النفوس، وترجّ العقول بعنف، قسمها كاتبها عدة أقسام: ويكفي أن نعرف أن أولها – عام – عنوانه: “فيما جرى لبلدنا وقرانا”، وتندرج تحته مجموعة من أوجع صور وحكايات المجتمع المصري، وتغيراته المذهلة التي واكبت إندلاع ثورة يوليو في مصر، وفى مقدمته قال “الرحيمي” إن ثمة كثيراً من العبر يمكن أن يخرج بها أي متابع للتغيرات التى جرت في مصر من بعد ثورة يوليو إلى الآن، وبخاصة تلك التى جرت على بعض البسطاء، والذين اجتذبه منهم فئات ثلاث: أولهم: “التملية”، وهم الفئه الأكثر بؤسًا في مصر ( آنذاك) والذين أفنوا حياتهم في الشقا والتعب بالمقابل، بسبب القمع المستمر ممن يشغِّلونهم، فلم يحصلوا حتي على ما يسد رمقهم، والثانية: فئة العصاميين من المهنيين، أو أخوة الشقاء كما يسميهم المؤلف، والذين شَقُوا وكدّوا لتربية أولادهم وترقيهم بالتعليم، والمفجع أن هؤلاء الأبناء تنكّروا لأهاليهم، هرباً من طبقتهم، والفئة الثالثة: فئة النبلاء ممن صادفهم “الرحيمي” على قارعة الحياة وكانوا يكملونها بطيبتهم، وهؤلاء لم يؤثروا أنفسهم يوماً على أحد ولو بالخطأ وكانوا “يطبطبون” على الجميع!
كاتب كتاباته ومواقفه تشبهه!
وأضاف «الشربيني»: نحن أمام كاتب تشبهه مواقفه وكتاباته،
ليس غريباً أن يكتب «الرحيمي» كتابه بـ«رحمة» تجلَّت في “طباطيب العِبَر”، تلك الرحمة التي تبدو لى فى طياتها كمرثية للزمن الفائت، أو مثل يدٍ حانيةٍ تشبه أيادي الحُناة الحقيقيين عندما تُربِّت على البسطاء، لكن الكتاب أيضاً وثيقة إدانه لمجتمع الاقطاعيين والمستغلين وناهبي حقوق الناس قبل قيام ثورة ٢٣ يوليو، وإن كان هو نفسه يشن بعد ذلك أعنف نقد على ثوار يوليو وعلى قائد الثورة، بل وعلى تجربة يوليو كلها، فهذا كتاب بلغة «رومانسيي اليسار» أشبه بحافظة لمفردات خبت أو ذوَت، لكنها وثيقة صادقة جدًا، ولوحة فن تشكيلي صادمة عن مجتمعات المقهورين.
(وللملتقى بقية)