الكاتب الصحفي محمود الشربيني
الكاتب الصحفي محمود الشربيني

محمود الشربيني يكتب: ضوء في آخر النفق..يحبون عائشة ولا يعرفونها

بقلم: محمود الشربيني

رغم أننا شعب يوصف تهكمًا “بأنه متدين بطبعه”، بسبب الشيزوفرينيا التي يتعامل بها أكثر الناس مع الدين، ويتناسون أنه عبادات ومعاملات معًا، فيبذلون جهدهم الأكبر في الصلاة والصيام والقيام، ومع هذا فالموظف “المتدين” لايستحي من قبول – بل وطلب – الرشوة، والإمام أيضًا قد يكتم الشهادة، أو يُحرِّفها، والتاجر يغش ويشتري بضاعة “بير السلم” ، والأنكى أن محلات تسمي نفسها مكة أو المدينة المنورة أو ماركت الهدى والتُقى، تبيع منتجات اللحوم والدواجن الفاسدة، استنادًا إلى أن الشعب المتدين بطبعه محصن، كون إيمانه يمنحه معدة تهضم الزلط!
لا إيمان نسبي أو منقوص، والإيمان هو مايقر في القلب ويصدقه العمل، لكن أين الشعب المتدين بطبعه من صدق العمل؟! أكثريتهم قد يقومون الليل، ومع هذا لايراعون حرمة ولا ذمة ولا يؤدون حقوقًا.

انظر كم شخصًا في محيطك مدين بالمال لأصدقائه أو لأقربائه؟المئات إقترضوا بمذله واستكانة شديدة و”سهوكة”، وبعد أن فازوا بغنيمتهم يوَّلون الأدبار ، وييممون وجوههم شطرًا آخر بعيدًا عمن له في رقابهم دينا أو أمانة؟
الاستحلال والاستغلال هما ضالة أغلب هؤلاء المتدينين بطبعهم..بسبب الانفصال التام بين العبادات والمعاملات. يذهبون للمسجد قبل طلوع الخطيب المنبر ليفوزوا بالثواب، لكن آذانهم تسمع من هنا وتخرج من هنا!

أتراهم لايثقون فيما يسمعون؟ أم لأنهم لن يستطيعوا الاقتداء بما سمعوا ويعملون به وينقذ روحهم وضمائرهم من عذاب الشيزوفرينيا والتناقض بين تدينهم الشكلي وممارساتهم التي لاتدين فيها ولا يحزنون؟

ألا يثقون بقدرتهم على كبح الكذب والسباب والضرب والقتل..ألن يقدروا على منع أنفسهم من إيذاء جيرانهم ومجتمعهم برمي الفضلات في الشارع، وبرفع مكبرات الصوت الى أعلى مدي لها، وهو يشغلون الكاسيت على محطة القرآن الكريم بينما هم لا ينصتون إليها، لكنه يريدون الضحك على الذقون ويبدون بمظهر الاتقياء، و عندما تكشف خداعهم لأن هناك مريضًا يرجو الراحة أو طالبًا يستعد للامتحان، فأنت هنا لا تعترض على ممارساتهم وانما تعترض على الله وكلام الله ورسوله وتشكك فيه وبالتالي يأتيك الناس من كل فج ليقولوا لك “إيه يابيه انت ملحد والا ايه؟ ومابتحبش سيدنا النبي ليه..ماتسيبنا احنا نحبه..عاجبنا الصوت العالى ومش عاجبك نت عزل وسيب حتتنا”!
تقول أم المؤمنين عائشة – التي يحبها الشعب ويبدو أنه لا يعرفها جيدًا – “نحن لم نفتقد النبي في أي وقت”..كانت مناسبة ذلك الكلام الحديث عن الاسراء والمعراج..السيدة عائشة تؤكد أن الرسول الأكرم أسري به بروحه لابجسده، لكن أحدًا لا يستطيع الاقتراب من أم المؤمنين، وإنما يمكن عمل ذلك مع الطوفة الهبيطة (الحيطة المايلة باللهجة الكويتية) إبراهيم عيسي!

هذا اعلامي قال رأيا قديمًا يعتقد بصحته..قرأ وبحث ودرس وقارن وأعلن رأيه..أما الشعب المتدين..بطبعه..والذي لا يقرأ – ولا يعرف حتى أن شيخ الازهر محمد مصطفى المراغي كتب وآخرون نافين حدوث الاسراء والمعراج بالروح والجسد معًا – فيقرر إخراج “عيسى” من الملة ومن الجنه ويصفه بالملحد والمتآمر!
لماذا لا يوسع الأزهر دائرة حوار الأديان، فيتعامل مع من ينتقدون التراث الجامد واللامعقول على أنهم يجب التحاور معهم، ويرد على آرائهم ومنطقهم رأيًا براي وحجة بحجة؟

عن زوايا الأخبار

شاهد أيضاً

«حسام هيبة».. هل يخلف د. «مدبولي» في رئاسة مجلس وزراء مصر ؟!

شهدت بورصة توقعات المرشحين لرئاسة مجلس وزراء مصر الجديد، مؤخرًا؛ صعود عدة أسماء تصدرها اسم …

تعليق واحد

  1. مقال جيد وممتاز للنقاش العقلاني في جميع أمورنا الحياتيه والدينيه ولماذا هذه الظواهر السلبية في مجتمعنا رغم التدين الظاهر في مجتمعنا يصومون ويصلون ويحجون ولكن لا مانع لديهم من السرقه واكل اليتيم وعدم إعطاء المرأه حقوقها من الميراث والرشوه وغيرها إذن المجتمع عايز إصلاح في كل نواحي الحياه وما هي الأسباب التي أدت.إلى هذا الاعوجاج والخلط بين التدين والحياه بل ان ديننا الذي هو عصمه أمرنا بأن الدين المعامله والدين النصيحه . اشكرك استاذ محمود على هذا المقال .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *